ندين وبشدة استئناف القصف العشوائي والاعتداءات على قطاع غزة منذ مساء يوم أمس الإثنين الموافق 17 أذار/مارس2025 ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 410 فلسطيني وإصابة أكثر من 500 شخص خلال ليلة واحدة فقط معظمهم من الأطفال وفقًا للتقارير الواردة من المستشفيات. ويُمثّل ذلك تجسيدًا جديدًا لرفض دولة الاحتلال الإسرائيلي الانصياع لشروط وقف إطلاق النار، ويؤكد التزامها بالنهج القائم على التدمير الممنهج الذي تمارسه ضد فلسطين وشعبها.
فمنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 19 كانون الثاني/ يناير 2025، واصلت السلطة الاستعمارية خرق بنوده بشكل متكرر؛ إذ قتلت في أقل من شهرين أكثر من مئة فلسطيني في غزة، وقيّدت دخول المساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار إلى القطاع. وعلى مدى 16 يومًا متواصلة، منعت تمامًا دخول المواد الغذائية، والوقود، والإمدادات الطبية والمساعدات الأساسية الأخرى. وقد أدّى ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وإغلاق المطابخ المجتمعية، وتفشّي المرض والجوع بمعدلات مقلقة في صفوف الفلسطينيين الذين يعانون أصلًا جراء 15 شهرًا من الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها.
وفي الوقت ذاته، شنّت السلطة الاستعمارية ما سمّته “عملية الجدار الحديدي” في الضفة الغربية، مع تركيز خاص على المنطقة الشمالية منها. وقد تعرّضت مخيّمات اللاجئين في عدة مدن فلسطينية كجنين، وطولكرم ونابلس لأبشع صور هذه الحملة التدميرية، من قصفٍ جويٍّ واسع النطاق، واجتياحٍ بالدبابات وتدمير البنى التحتية الحيوية واستمرار أوامر الإخلاء. كما خُطف المئات من الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال، ليتجاوز عددهم بذلك عدد من أُطلق سراحهم في صفقات تبادل الأسرى المتّفق عليها بين الطرفين.
ومن خلال هذه الأساليب، تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي إبادة الشعب الفلسطيني على مدى 17 شهرًا متتالية؛ فالحرب على الشعب الفلسطيني لم تنتهِ قط، بل تغيّرت أشكالها وصورها فحسب.
إن الحرب على الوجود الفلسطيني مستمرة منذ ما يزيد على مئة عام. ويكمن جوهر هذا المشروع الاستعماري الإحلالي في قضية اللجوء الفلسطيني وحق أكثر من 10 ملايين فلسطيني غير القابل للتصرف في العودة إلى قراهم وبلداتهم البالغ عددها 611 قرية وبلدة، إذ يهدد هذا الحق جوهر الوجود الاستعماري الإسرائيلي الذي شُيّد وقام على الدمار والتهجير.
وتُجدد منظمة النهضة العربية (أرض) تأكيدها على أن حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه غير قابلة للتفاوض، وعلى وجوب صيانة حقه في تقرير المصير، فلا يجوز أن يتجاوز أي استثمار، أو مشروع تنموي أو صفقة عقارية إرادة الشعب الفلسطيني وحقه الأصيل في العودة والبقاء على أرضه بصفته صاحب السيادة.
من جهة أخرى، تدعو منظمة النهضة العربية (أرض) المجتمع الدولي إلى التخلي عن مطامعه التوسعية، واتخاذ خطوات عملية لإنصاف فلسطين ورفع الظلم التاريخي الواقع عليها. وفي هذا الصدد، فإننا نطالب بما يلي:
- فرض حظر فوري متبادل على الأسلحة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي: يشجع استمرار مبيعات الأسلحة والدعم الدبلوماسي من الحلفاء الغربيين دولة الاحتلال الإسرائيلي على الاستمرار في جرائمها بحق سيادة الشعب الفلسطيني الأصلي.
- الانتقال من كلمات الإدانة الجوفاء إلى إنهاء التواطؤ مع الإبادة التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي: يتعيّن على حكومات العالم أن تعترف بأن الاستعمار ليس دبلوماسية، وأن الإبادة الجماعية ليست أمنًا.
- حشد التضامن العالمي والضغط الشعبي لعزل دولة الاحتلال الإسرائيلي اقتصاديًا وسياسيًا ودبلوماسيًا: إذ إن حركات التضامن الشعبية ضرورية لضمان دعم كفاح الشعب الفلسطيني من أجل التحرر وحق العودة والعدالة، وذلك عبر تحركات عملية ملموسة.