منذ عشرين عاماً ولغاية اللحظة، يعد سوق جارا الوجهة الأهم لتسويق وعرض منتجات أصحاب المشاريع الريادية الحرفية واليدوية والمنزلية، ومن أهم البازارات في المملكة لشعبيته الواسعة بين المرتادين المحليين والسياح الذين يبحثون عن تجربة مميزة للاطلاع والتسوق، فضلاً عن مساحة أخرى لتشجيع الفنون والأدب والموسيقا من خلال تنظيم معارض فنية وحفلات موسيقية.
للوقوف على تجربة الأسواق الشعبية في جبل عمان، والتعرف عن كثب على قصص المشاركين في السوق وفرصهم وتحدياتهم، واحتفالاً بمناسبة الذكرى العشرين على تأسيس جمعية “جارا”، قامت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) ولجنة جبل عمّان باستضافة عدد من أعضاء مجموعة عمل التمكين الاقتصادي التابعة للأمم المتحدة، الجمعة 30 آب/أغسطس، 2024، وذلك ضمن فعالية بعنوان: “سوق جارا: البحث في ظاهرة الأسواق الشعبية في الأردن”.
بدورها؛ ثمنت المديرة التنفيذية للنهضة العربية (أرض)، سمر محارب، التعاون المشترك بين كافة الجهات من أمانة عمان وممثلي سوق جارا والمجتمع المدني والقطاع الخاص لاحتضان أصحاب المبادرات والمشاريع الصغيرة في الأسواق الشعبية، مؤكدة على أهمية مثل هذه الأسواق في توفير وزيادة الفرص الاقتصادية لأبناء وسكان جبل عمان، إلى جانب سوق جارا وما يقدمه من خدمة اقتصادية واجتماعية وحضارية وترفيهية للمنطقة ككل.
من جهته، شدد رئيس مجلس إدارة شركة مينا للفنادق، رئيس لجنة جبل عمان، ميشيل نزال، على أهمية التكامل والتعاون لدعم الأحياء القديمة، وتوحيد الجهود لخدمة هذه المنطقة المهمة والجاذبة، مبيناً أن لجنة جبل عمان تضم جهات متعددة وذات خبرات متنوعة، بما يساهم في تطوير قدرات أصحاب المبادرات والمشاريع والعمل معهم بشكل استراتيجي وفعال.
فيما تحدث ستيوارت كيفورد من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وأحد أعضاء مجموعة عمل التمكين الاقتصادي عن ضرورة الاستمرارية لرعاية سوق جارا لأنه سيوفر فرصة مميزة لتشبيك وتبادل الخبرات ما بين العملاء والمشاركين في السوق، بالإضافة إلى عرض وتسويق منتجاتهم المميزة.
أما الباحث في مركز النهضة الاستراتيجي في منظمة النهضة (أرض)، جويل ألفونسو، فأوضح أنه هذا السوق يعيد لهذه المنطقة العريقة روحها كمركز للتنوع الثقافي، حيث يمكن للزائرين الاطلاع على محتويات توثق مراحل تطور المكان بالكلمة والصورة، مما يضفي جانباً من الاستماع بمحتوياته وأركانه.
في ذات السياق، دارت نقاشات ومداخلات مستفيضة مع المشاركين المحليين من الأردنيين والنساء واللاجئين، أكدوا خلالها على ضرورة المحافظة على تراث و تاريخ المنطقة وتحسين الخدمات والبنية التحتية فيها، وكذلك الحفاظ على الإرث الذي توارث من الآباء والاجداد؛ فالهدف هو إعادة الحياة كما كانت في السابق وذلك لهجرة سكان الحي الأصليين في فترة من الفترات.
بدورها؛ قالت إحدى المشاركات التي تأتي من منطقة الأغوار للمشاركة في السوق؛ أنها بدأت بالمشاركة في السوق منذ سنوات عديدة، وتستخدم الأشجار وخشب الزيتون في صناعة منتجاتها التقليدية اليدوية، فتعيد تدويرها لتصبح منتجات فنية.
من جهتها، أشارت إحدى المشاركات في السوق (من الجنسية السورية)، أنها مشاركة شبه دائمة في سوق جارا، “ننتظره من عام إلى عام”. وتابعت: “تعطينا فرصة المشاركة في السوق فرصة جاذبة وحقيقة لإيصال منتجاتنا إلى الزوار”.
من ناحيته، رأى فنان تشكيلي (يحمل الجنسية العراقية) أن السوق يحتوي على نوع من المعارض المختلفة عن القاعات الفنية المغلقة، فهو يمثل مساحة مفتوحة لعرض الأعمال الفنية، ويتيح للجميع مشاهدة هذا الفن الذي يعبر عن القيم الإنسانية بأبهى صورها.
وبحسب المشاركين، فإن السوق متنوع وشامل، إذ يعرض عدة فنانين ابداعاتهم هناك من لوحات ومنحوتات وتحفيات ونحاسيات. وكثير من معروضاته أشغال يدوية واكسسوارات. ويوجد فيه أيضاً مسرح لإقامة حفلات غنائية وشعبية، إضافة إلى منطقة أطفال جميلة ومقهى شرقياً. كما يستقطب أكثر من عشرة آلاف زائر كل يوم جمعة.
ختاماً؛ كرمت النهضة العربية (أرض)، ومجموعة عمل التمكين الاقتصادي جمعية سكان حي جبل عمان القديم (جارا) بمناسبة الذكرى العشرين على تأسيسها.