الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

بيان مشترك: منظمات حقوق الإنسان تدعو إلى تحرك عاجل ضد التهجير القسري في غزة

مشاركة

نلفت نحن، منظمات حقوق الإنسان الموقعة أدناه، انتباه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى التهجير القسري الكارثي الذي تمارسه إسرائيل تجاه الفلسطينيين داخل غزة وخارجها، والضفة الغربية وجنوب لبنان. ثمة 1.9 مليون نازح داخليًا في غزة، ويقدر عدد الذين فروا إلى مصر بنحو 100 ألف شخص، كما جرى تهجير أكثر من3477  فلسطينيًا قسرًا في الضفة الغربية.

تتسبب أوامر الإخلاء التي تصدرها دولة الاحتلال الإسرائيلي في أضرار كارثية للسكان المدنيين في غزة، وتؤدي إلى تفاقم المجاعة المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، وتحاصر فعليًا ما يقرب من 90 في المئة من السكان في منطقة تشكل أصغر من 11 في المئة من إجمالي مساحة قطاع غزة. من جهتنا، نطالب بإنهاء أوامر التهجير غير القانونية التي أصدرتها دولة الاحتلال الإسرائيلي، والعودة الآمنة للاجئين والنازحين داخليًا في أقرب وقت ممكن، والتوسع العاجل في توفير المساعدات الإنسانية وعدم تقييدها، ووقف إطلاق النار الفوري والدائم.

خلفت أوامر الإخلاء التي أصدرتها دولة الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 آثارًا فادحة على الفلسطينيين في غزة، إذ أدت إلى حشر حوالي 1.8 مليون شخص في منطقة تبلغ مساحتها حوالي 40 كيلومترًا مربعًا ما تسبب في اكتظاظ شديد، إلى جانب الافتقار إلى مرافق الصرف الصحي، والمياه النظيفة، والغذاء، والمسكن وشروط النظافة الأساسية، ما فاقم الظروف المزرية التي يعيشها النازحون وزاد من انتشار الأمراض بينهم، وفرض ظروفًا معيشية على الفلسطينيين في غزة من شأنها أن تودي بهم إلى التهلكة. ومن المهم بمكان الإشارة إلى أن محكمة العدل الدولية، في أمرها الأول بالتدابير المؤقتة، قد طالبت دولة الاحتلال الإسرائيلي بمنع جيشها من اقتراف أي أعمال إبادة جماعية وضمان ذلك على الفور، وجاء هذا بعد أن وجدت المحكمة  أساسًا معقولًا للاعتقاد بوجوب حماية الشعب الفلسطيني في غزة من الإبادة الجماعية التي تمارسها دولة الاحتلال ضده.

ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قُتل ما لا يقل عن 40 ألف فلسطيني -أي 2% من إجمالي عدد السكان- كما أصيب أكثر من 93 ألف شخص -أي 4% من السكان- ونزح تسعة من كل عشرة أشخاص في القطاع. إضافة إلى ما سبق، دُمر أكثر من نصف المباني في غزة، وتضرر حوالي 20% منها إلى حد ملحوظ، الأمر الذي حول هذه المناطق إلى أماكن غير صالحة للسكن،  وأقل من نصف مستشفيات القطاع هي من العاملة جزئيًا، إذ خرج معظمها عن الخدمة. وفي  29 آب/أغسطس 2024، صرحت وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة الطارئة بالإنابة، جويس ميسويا، بأن: “الوضع في غزة يائس للغاية… إن المدنيين جوعى، وهم عطشى، ومرضى، وبلا مأوى. إن هذا الوضع قد دفعهم  إلى ما هو أبعد من حدود التحمل -إلى ما هو أبعد مما ينبغي لأي إنسان أن يتحمله”.

إن النزوح غير الإنساني وغير القانوني مستمر منذ ما يقارب العام تقريبًا. بدءًا من 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعطى الجيش الإسرائيلي سكان شمال غزة والمدينة -حوالي مليون شخص- مهلة 24 ساعة “للإخلاء” إلى جنوب القطاع، واليوم، ما يزال أكثر من 86 في المئة من سكان غزة متأثرين بما يزيد عن 40 أمر إخلاء أُصدرت منذ الأول من كانون الثاني/يناير 2024. صرحت باولا غافيريا بيتانكور، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين داخليًا، في آذار/مارس 2024، أن “أوامر الإخلاء الإسرائيلية لم تجعل سكان غزة أكثر أمانًا؛ بل على العكس من ذلك، فقد جرى استغلالها لترحيل السكان المدنيين بالقوة واحتجازهم في ظروف لا تصلح للعيش”. وبعد شهرين، في أيار/مايو 2024، ذكرت محكمة العدل الدولية في قرارها الثالث بشأن التدابير المؤقتة أن المحكمة “لم تقتنع بأن جهود الإخلاء والتدابير ذات الصلة التي تؤكد إسرائيل أنها اتخذتها لتعزيز أمن المدنيين في قطاع غزة… كافية للتخفيف من المخاطر الهائلة التي يتعرض لها السكان الفلسطينيون”. وعلى العكس من ذلك، وجدت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 أن “الحصار الشامل والقصف الكثيف المتواصل، إلى جانب أوامر الإخلاء القاسية و”المناطق الآمنة” المتغيرة باستمرار، خلقت كارثة إنسانية لا مثيل لها” في غزة، حيث “أدى حجم عمليات الإخلاء الهائل، وسط حملة قصف مكثفة، […] إلى زيادة مستويات الذعر والنزوح القسري والقتل الجماعي”. وبالتـاكيد لا يمكن اعتبار  أوامر الإخلاء الإسرائيلية تحذيرات فعالة، بالنظر إلى الظروف المروعة التي تحيق بالسكان، وعدد الملاجئ المحدود، والافتقار إلى طرق آمنة يسلكها النازحون، والتهديد الشديد المتواصل بالهجوم عليهم. تنتهك هذه الأوامر القانون الإنساني الدولي بما يرقى إلى اعتبارها جرائم حرب.

 

بالواقع؛ يستمر النزوح القسري في غزة  بلا هوادة أو توقف. وفي الآونة الأخيرة، في آب/أغسطس 2024 وحده، أصدرت إسرائيل 16 أمر إخلاء، استهدف العديد منها مواقع جرى تحديدها سابقًا على أنها جزء من ما يسمى “المنطقة الآمنة الإنسانية” في وسط غزة، وخاصة في دير البلح وحولها. وتعيق أوامر “الإخلاء” المزعومة عمليات الإغاثة الأساسية، وتحرم السكان المدنيين المحاصرين من الوصول إليها. وقد أكد أحدث تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على أن “النزوح المستمر يعطل الوصول إلى أماكن تقديم المساعدات الغذائية ودورات توزيعها؛ كما يعيق قدرة الشركاء على الحفاظ على تقديم الخدمات على نحو متسق”. وعلى سبيل المثال، أدى الإخلاء القسري لمركز العمليات الرئيسي لبرنامج الأغذية العالمي في دير البلح إلى تراجع كبير في قدرته على تقديم المساعدات الغذائية الضرورية إلى حد ملحوظ، ما ترك الفلسطينيين يتعاملون مع واقع وجود عدد أقل من الموارد التي يحتاجون إليها بشدة. وكان خبراء أمميون مستقلون قد أعلنوا بالفعل في تموز/يوليو 2024 أن “الجوع وسوء التغذية، لا يتركان أي مجال للشك في أنّ المجاعة قد تفشّت في جميع أنحاء قطاع غزة”، وذلك حتى قبل آخر جولة من “عمليات الإخلاء”.

 

إن مثل هذه الأفعال تعادل التهجير القسري وقد تشكل حتى جزءاً من الفعل الإجرامي للإبادة الجماعية. وقد قضت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة بأن “الترحيل القسري يمكن أن يكون وسيلة إضافية لضمان التدمير المادي” للمجتمع. وعلاوة على ذلك، وجدت لجنة التحقيق المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما فيها القدس الشرقية وإسرائيل، أن السلوك الإسرائيلي فيما يتعلق بأوامر الإخلاء، بما في ذلك “نشر المعلومات المتعلقة بالإخلاء، وإمكانية الإخلاء الآمن، وطوعية الإخلاء، والمخاوف الأمنية وإمكانية العودة بالنظر إلى الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمباني داخل قطاع غزة”، فضلاً عن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والشخصيات العامة، تثبت نية ترحيل الفلسطينيين قسراً في غزة. وتقع على عاتق دول الطرف الثالث التزام قانوني بمنع جريمة الإبادة الجماعية وردعها، وضمان إنهاء أوامر التهجير غير القانونية التي تصدرها دولة الاحتلال الإسرائيلي، والسماح بدخول المساعدات الكافية إلى غزة، ووقف أي عرقلة تعيق توزيعها.

وفي ضوء ذلك، فإننا نحث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على:

  • اتخاذ إجراءات هادفة وملموسة لفرض وقف إطلاق نار فوري ودائم؛
  • التدخل الفوري لحماية الشعب الفلسطيني من النزوح القسري الدائم وتدميره؛
  • التصرف بحزم لضمان العودة الآمنة للاجئين الفلسطينيين والنازحين داخلياً في أقرب وقت ممكن وتمكينها؛
  • ممارسة الضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي للسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى السكان المدنيين؛
  • فرض العقوبات، والعقوبات التجارية وحظر تبادل الأسلحة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل حملها على وقف انتهاكاتها للقانون الدولي والامتثال لالتزاماتها.

 

الموقعون:

مؤسسة الحق

مركز الميزان لحقوق الإنسان

مركز العمل المجتمعي -جامعة القدس

منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)

منظمة القانون من أجل فلسطين