“رحلتنا بدأت بخطوة، وما زلنا مستمرين في مشوار الألف ميل”، بهذه الكلمات لخصت المستشارة في مؤسسة درة المنال للتنمية والتدريب، وعضو الهيئة الإدارية في التحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف)، د. سوسن المجالي، رحلة التحالف المستمرة منذ عام 2016 ولغاية الآن، وذلك خلال الاجتماع الاستراتيجي الذي عقدته منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) وتحالف (جوناف)، الإثنين 23 أيلول/ سبتمبر 2024، بعنوان: “تفعيل المحلية نحو تأثير أكثر استدامة”.
ويأتي الاجتماع، بحسب لينا هلسة، مديرة مشروع في النهضة العربية (أرض)، ضمن إطار مشروع “نحو المستقبل: استكشاف فرص الاستدامة المحلية”، بتمويل من البرنامج الأوروبي الإقليمي للتنمية والحماية لدعم الأردن ولبنان. إذ يهدف المشروع لتطوير هيكل حوكمة متين وإجراءات تشغيل موحدة لإضفاء الطابع المؤسسي على جوناف، وتعزيز محلية قطاع سبل العيش في الأردن من خلال اتباع نهج متعدد الجوانب يركز على بناء قدرات المجتمع المدني المحلي.
وقالت المجالي: “منذ نشأت التحالف عام 2016، ويقوم بدور فاعل لتوحيد صوت مؤسسات المجتمع المدني، والعمل مع المؤسسات والجهات الرسمية للمساهمة في تطبيق محلية العمل الإنساني، والاستجابة لجائحة كورونا، وتفعيل أجندة قرار المرأة والأمن والسلام، وإيجاد الحلول للتحديات الداخلية مثل التنسيق بين المؤسسات، والكفاءة المؤسسية، وبناء التخصصية، واستدامة المشاريع، والمناصرة من خلال التواصل مع صناع السياسات لتعزيز القضايا الرئيسية المتعلقة بالمساعدات الإنسانية والتنمية وحقوق الإنسان”.
وتابعت “إن النظرة لمؤسسات المجتمع المدني بأنها غير قادرة على تقديم الأفضل والاشتباك المباشر مع احتياجات المجتمع يمثل تحدياً كبيراً أمام هذه المؤسسات ولابد من العمل على تغيير هذه الصورة”، مؤكدة على أن الاستجابة لأزمة اللجوء السوري ومفهوم اللامركزية لعبا دورًا محوريًا في نشأة التحالف”.
ولفتت المجالي إلى أن التحالف يتألف حالياً من حوالي 50 منظمة، يغطون المناطق الوسطى والشمالية والجنوبية في الأردن، بما في ذلك مجموعة متنوعة من مجموعات المجتمع المدني والمنظمات المجتمعية والشركاء المؤسسين، وقد ضمن تطوير معايير العضوية بتفهم كل منظمة أدوارها ومسؤولياتها داخل التحالف. وعلاوة على ذلك، كان توسيع عضوية التحالف وبنيته التنظيمية يهدف إلى ضمان التزامه بالشمولية والمشاركة المجتمعية المستدامة في تعزيز السلام والأمن والتنمية في الأردن.
وبشأن الخطوات المستقبلية للتحالف، أوضحت م. زينب الخليل، مديرة برنامج في منظمة النهضة (أرض)، ومنسق تحالف (جوناف)، أنها تتمثل بـ”تحديد شكل التحالف ومعايير قبول العضوية، وزيادة عدد الأعضاء، ووضع حوكمة واستراتيجية وخطة عمل واضحة لـ(جوناف)، والاستمرار بوضع أهداف التحالف وضع التطبيق الفعلي، وكذلك، تعزيز المشاركة الفاعلة لجميع الأعضاء وتبادل المعلومات فيما بينهم، وتشخيص القضايا الاستراتيجية ذات الأولوية، فضلاً عن توحيد المواقف والخطاب الصادر عن الأعضاء، وتعزيز محلية العمل الإنساني والتنموي، وصولاً لتمثيل الأعضاء أمام الشركاء الاستراتيجيين الخارجيين والمنظمات الدولية.
وحول نتائج تقييم احتياجات تحالف (جوناف)، أشارت مستشارة برامج المرأة والشباب في مركز النهضة الاستراتيجي في النهضة العربية (أرض)، د. سناء جلاصي، إلى أن الحاجة تقتضي تصميم استراتيجية شاملة تحقق التقدم المستدام خلال السنوات الثلاث القادمة، والنقاش حول تعزيز قدرات التحالف من خلال الحوار حول مؤشرات الأداء، وتطويره ليحقق الغاية المرجوة من التحالف”.
بدورها؛ شددت مسؤولة الشبكات في النهضة العربية (أرض)، إيمان أبو قاعود، على ضرورة التركيز على تواجد التحالف في كافة المحافظات، وإقامة الأنشطة فيها، والتحفيز على دعم مشاريع المشاركة السياسية والمدنية والاقتصادية واستدامتها، مع زيادة مشاركة التحالف في المنصات التنسيقية الدولية والمحلية، وتعزيز دور الأعضاء في مجالي المناصرة وكسب التأييد.
من ناحيتها، ذكرت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية (أرض)، سمر محارب، مجمل التحديات التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني، والتي تتركز بإشكالات داخل المجتمع نفسه، والفجوة بين المجتمع المدني والجهات الرسمية، وكذلك تعدد التشريعات والسياسات الحكومية، إضافة إلى تحدي علاقة هذه المؤسسات مع الجهات الممولة وأولويات التمويل من حيث عدم استدامة المشاريع، مؤكدة على أهمية مأسسة عمل منظمات المجتمع المدني وتأهيل العاملين فيها والذي ينعكس بدوره إيجاباً على المجتمع.
فيما درات نقاشات مستفيضة بين أعضاء التحالف، أكدوا خلالها على “دور جوناف في خطة الاستجابة الطارئة لجائحة كورونا من خلال الدعوة إلى مساعدة الفئات الأقل رعاية، ودعم النهضة العربية (أرض) لمشاركتهم في تنفيذ القرار الأممي رقم 1325 لمعالجة التأثير الإنساني للجائحة، إذ تم تطوير وتنفيذ خطتين للاستجابة للطوارئ منذ الأسبوع الأول للجائحة حتى عام 2021”.
وقالوا إن “الجمعيات المحلية الأقدر على تلمس احتياجات مجتمعاتها، والعمل بحرفية عالية، خصوصاً بما يتعلق بتطبيق معايير العمل الإنساني، إضافة إلى الوصول للمستفيدين مثل كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، حيث ظهر ذلك جلياً خلال خطط الاستعداد والاستجابة للمساعدات الموسمية أو الطارئة أو في الأزمات”.
وأوصى المشاركون الأعضاء على ضرورة دعم الجمعيات المحلية في كافة مناطق المملكة، واستدامة العمل بين كافة المؤسسات بطريقة استراتيجية جديدة، مع إيجاد آلية واجندة واضحة ومستمرة لتحقيق أهداف التحالف، ومراجعة النظام الداخلي لـ(جوناف) وإعادة مأسسته خلال العامين القادمين، ومراعاة الفروقات الاجتماعية والفردية للعاملين في الجمعيات، وكذلك، إعداد دراسة بحثية لمعرفة الاحتياجات التدريبية للعاملين في الجمعيات والمنظمات المحلية.
وأكدوا على أهمية بناء التخصصية في عمل الجمعيات، وتعزيز محلية العمل الإنساني لإعطاء مؤسسات المجتمع المدني الدور في رسم السياسات، ودعم استقرار وصمود الجهات الفاعلة المحلية في المجتمع المدني وقياداتها، مع أهمية تقييم احتياجات هذه الجهات الفاعلة ومواردها، إلى جانب الوصول إلى توافق وطني، وتعزيز القناعة المجتمعية بأهمية المؤسسات المدنية، والعمل على ضمان دعم وسائل الإعلام في تقريب وجهات النظر ودعم الشراكة بين مكونات القطاع العام.