الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

تمكين الشباب لمواجهة تحديات الصحة النفسية
جلسة حوارية ضمن سلسلة “الشباب من أجل الشباب” من تنظيم متدربي مركز النهضة الاستراتيجي

مشاركة

في السادس من آب/أغسطس 2024، استضاف برنامج التدريب في مركز النهضة الاستراتيجي  جلسة حوارية بعنوان “شباب من أجل الشباب”، والتي أطلقت سلسلة من النقاشات التي يقودها الشباب حول القضايا الحاسمة التي تؤثر عليهم في الأردن والمنطقة.

ركزت الجلسة الأولى على الصحة النفسية، وسلطت الضوء على أهميتها والتحديات التي يواجهها الشباب الأردني لرفع مستوى الوعي حولها، ومعالجة الوصمة التي ترتبط غالبًا بالمرض النفسي إلى جانب الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية ذات العلاقة. كما سعت إلى تعزيز بيئة داعمة تشجع الشباب على الحديث بصراحة عن كفاحهم ضمن هذا الإطار، وأهمية طلب المساعدة عند الحاجة.

أدارت الجلسة المتدربة، مرح نجم، وحضرها 20 مشاركًا من بينهم مجموعة من الشباب، مستضيفة الخبيرة د. بسمة الكيلاني، المؤسسة ورئيسة الأخصائيين في مركز “ماريا دن برافن” للاستشارات النفسية والتربوية والتدريب، بالإضافة لممارسين آخرين.

وفيما يلي أهم القضايا التي نوقشت خلالها:

 

لمحة عامة عن الصحة النفسية في الأردن

بدأ المتدرب في مركز النهضة الاستراتيجي، آسر مصطفى، الجلسة بتقديم موجز عن البحث الذي أجراه برنامج التدريب في المركز حول قضايا الصحة النفسية الشائعة التي تؤثر على الشباب في الأردن، موضحًا أنه وفي المملكة، يعاني أكثر من 16% من الأطفال و23% من المراهقين من اكتئاب حاد. بالإضافة إلى ذلك، تظهر على 24.5% من الأطفال و27.7% من المراهقين أعراض القلق، بينما يعاني 36% من الأطفال و22% من المراهقين من اضطراب ما بعد الصدمة. وضمن فئة الشباب، يواجه 20% منهم الاكتئاب أو القلق، أما الفئة بين عمر 18 إلى 24 عامًا، فهم الأكثر عرضة بما مقداره خمس مرات للمرور بتحديات الصحة النفسية مقارنة بأسلافهم.

 

محددات الصحة النفسية

سلط المشاركون الضوء على العديد من العوامل التي تحدد الصحة النفسية، مؤكدين على دور الأسرة والإمكانات والبيئة في ذلك. على سبيل المثال، قال أحد الشباب: “يعيش بعض الشباب في بيئات غير صالحة تعاني من الاعتلال الوظيفي، لا تعترف بالحكمة الموجودة لديهم، ما يساهم في حدوث تحديات الصحة النفسية”. وعقبت الدكتورة الكيلاني قائلة “إن  هذا الواقع يتبدى بوضوح في المناطق التي مزقتها الحرب أو بين اللاجئين، إذ يؤدي العنف والتجارب السيئة في مرحلة الطفولة إلى الإصابة باضطرابات الصحة النفسية بين الأجيال”.

في الواقع؛ تلعب العوامل البيئية دوراً مهماً في ما سبق، فيمكن أن تؤدي الظروف المعيشية السيئة إلى تدهور الصحة النفسية. وفي الأردن، يعيش العديد من اللاجئين في بيئات صعبة، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم المشاكل النفسية بينهم.

 

خرافات حول الصحة النفسية وكسر وصمة العار

تناولت الجلسة الخرافات والمفاهيم المغلوطة الشائعة حول الصحة النفسية، مع التركيز على كيفية تأثير الأعراف الاجتماعية السلبية على آراء الناس. وكانت عدة أسئلة من مثل “لماذا تعاني الصحة النفسية من الوصم في كثير من الأحيان؟” و”كيف تؤثر الأعراف الاجتماعية على آراء الناس بشأن الصحة النفسية؟” محور النقاش، إذ أكدت على ضرورة تحدي الصور النمطية المضرة بمن يعانون من تحديات الصحة النفسية. تناولت الجلسة أيضًا الوصمة المحيطة بالمرض النفسي، فعلق أحد المشاركين “يمكنك أن ترى أشخاصًا يعانون من مشاكل في الصحة النفسية مثلك، إلا أنك لا تستطيع التواصل معهم وأنت تعيش ذات المعاناة، إذ قد تسيء إليهم بتصرفك هذا”. وذكرت مشاركة أخرى أنها اضطرت، حتى داخل أسرتها، إلى إخفاء ذهابها إلى جلسات العلاج عن أحد والديها لخشيتها من الوصمة.

 

التحديات التي يواجهها الشباب الأردني

يواجه الشباب الأردني العديد من التحديات التي تؤثر على صحتهم النفسية، كما لا تؤدي الوصمة ونقص الموارد التي يمكن تحملها من أجل الحصول على العلاج إلا إلى تفاقم المشكلة. في الواقع، يتعرض الشباب في الأردن لضغوط مستمرة دون منحهم الأدوات المناسبة لتنظيم عواطفهم. ووفقاً للدكتورة الكيلاني، فإن “التنظيم العاطفي يمثل مشكلة في هذا الجزء من العالم. وهناك تركيز على مظاهر الناس بما يتجاوز الاهتمام الذي ينبغي أن تحظى به عواطفهم”.

ويعتقد أحد المشاركين أن البطالة وانعدام الأمن المالي يؤثران على نحو ملحوظ على الصحة النفسية، وخاصة بين الشباب. يؤدي عدم تحقيق نتائج مضمونة على الرغم من عمل الشباب الجاد إلى خلق حالة من التوتر والشك في المستقبل، ما يساهم في صراعات الصحة النفسية المستمرة.

 

وسائل التواصل الاجتماعي والصحة النفسية

وبحسب موقع Datareportal، بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن 6.38 مليون في كانون الثاني/يناير 2024، وهو ما يعادل 56.2% من إجمالي السكان، وأفادت التقارير أن 35% من الأطفال و46% من المراهقين في الأردن يعانون من مشكلات ناتجة عن استخدامهم الإنترنت.

كما ناقش المشاركون التأثير المزدوج لوسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية وأهمية اتباع السلوك المسؤول عبر الإنترنت.

فذكر أحد المشاركين أن منصات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك، وانستغرام وإكس (تويتر سابقًا)” تحد من اختيارات المستخدم للمحتوى إذ تلجأ هذه المنصات إلى الخوارزميات لتحديد ما يمكن للمستخدمين رؤيته. وكانت السلطات في الأردن قد حظرت تطبيق “تيكتوك” لآثاره السلبية على الشباب والمراهقين، الأمر الذي أدى أيضًا إلى تغييرات تنظيمية وتشريعية في الولايات المتحدة وأوروبا. يمكن لهذه المنصات أن تقلل من حساسية المستخدمين لمواضيع معينة من خلال تعريضهم المتكرر لأدوار وعواطف قد لا يختارون مواجهتها.

ويعتقد مشارك آخر أنه على الرغم من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي الإيجابي، في بعض الأحيان، على المراهقين والشباب من خلال توفير الشعور بالتواصل مع الآخرين، غير أن لها آثاراً سلبية على الشباب والأطفال في معظم الأحيان، ضارباً مثالاً على ذلك بمجتمعات اضطرابات الأكل، التي يشجع الأعضاء فيها على اتباع السلوكيات غير الصحية ويقدسون الأجسام التي تعاني من سوء التغذية، الأمر الذي يؤدي إلى المرور بدورة ضارة من الهوس والمقارنة غير السليمة، ويصعّب على الأفراد الهروب من هذه البيئات السامة.

وقد ناقش المشاركون العديد من الجوانب، مثل افتقار الناس إلى التحكم فيما يشاهدونه من محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت نور بسيسو، المتدربة في مركز ماريا دن برافن: “يبدو الأمر وكأنما أنت تشاهد جنازة في ثانية واحدة، ثم في الثانية التالية تجد مقطع فيديو يشرح ما في حقيبتي. […] إنها تجربة مربكة للغاية”.

فيما أضاف أحد المشاركين: “نستطيع إدراك الكيفية التي يصاب الأشخاص من خلالها باضطرابات الأكل جراء استخدامنا الفلاتر طوال الوقت، ومن ثم ننظر في المرآة فلا نستطيع أن نرى الشخص الذي نود رؤيته في خيالنا، ولهذا السبب يلجأ الشباب إلى عمليات التجميل والبوتوكس”.

 

 

الوصول إلى خدمات الصحة النفسية

وقدمت د. الكيلاني نظرة عامة مهنية عن حالة الوصول إلى رعاية الصحة النفسية في الأردن، مشيرة إلى أن مستشفيين حكوميين فقط في عمان يقدمان العلاج اللازم لمثل هذه الحالات، ومعاناة خدماتهما من المحدودية الشديدة بسبب الطلب الهائل عليها. كما بينت أن خدمات الصحة النفسية في المراكز الخاصة باهظة الثمن، مع نقص المعالجين مقارنة بارتفاع الطلب عليها، الأمر الذي ينتج عنه قوائم انتظار طويلة. كما حذرت د. الكيلاني من حدوث المزيد من التدهور، فالأوضاع أكثر خطورة في الدول المجاورة. على سبيل المثال، في العراق، تبلغ نسبة المعالجين النفسيين مقارنة بعدد الأشخاص معالجاً واحداً إلى مليون شخص، فيلجأ العديد من العراقيين إلى البحث عن العلاج في الأردن.

ومن المخاوف الهامة الأخرى التي أثارتها جودة الخدمات المقدمة، أشارت د. الكيلاني إلى أنه وبينما يستثمر المعالجون وقتًا وموارد كبيرة في عملهم، فإن الأدلة على تحسن المريض غالباً ما تكون قليلة العدد، ما يسلط الضوء على الحاجة إلى تقييمات التقدم المنتظمة وتوفير التدريب المستمر للمعالجين -وكلاهما مكلف.

إن الافتقار إلى غطاء “التأمين الصحي” للصحة النفسية يزيد الأمور تعقيدًا بالنسبة للمعالجين والمرضى في آن معاً. يواجه المعالجون تحديًا آخر يتمثل في لجوئهم إلى فرض تسعيرات مالية تكفي لدعم رفاههم وتطورهم المهني، في الوقت الذي يجاهد فيه العملاء غالبًا لتحمل هذه الرسوم. يصعّب هذا الضغط المالي تحقيق التوازن بين الحالتين، فيخفض المعالجون أسعارهم باستمرار، الأمر الذي يدخلهم في دوامة لا تنتهي من الصراع.

 

التوصيات

اختتمت الجلسة بتبادل المشاركين قصصهم الشخصية، وتوصياتهم حول كيفية المضي قدمًا، من مثل:

  • رفع مستوى الوعي حول الصحة النفسية في المدارس والجامعات وبين أولياء الأمور، وتشجيع النقاشات المفتوحة حول هذا الموضوع.
  • الدعوة إلى توفير غطاء “تأمين صحي” أوسع لخدمات الصحة النفسية، بما في ذلك العلاج والأدوية، لتقليل العراقيل المالية أمام الأفراد الذين يطلبون المساعدة.
  • تخصيص المزيد من التمويل لعيادات الطب النفسي العامة بما يصب في تعيين المزيد من الموظفين، وخفض عدد الحالات، والسماح بإجراء تقييمات أكثر شمولاً للمرضى.
  • تشجيع استخدام أدوات وإرشادات تشخيصية موحدة لتحسين اتساق تقييمات الصحة النفسية ودقتها.
  • الدعوة إلى تقديم حوافز عامة للطلاب في المجالات المتعلقة بالصحة النفسية لزيادة عدد المتخصصين المعتمدين في هذا المجال، ما يسبب خفض أسعار العلاج، ويجعل خدماتهم في متناول الجمهور.

 


مراجع

  • الدراسة الوطنية لحالة الصحة النفسية لدى الأطفال والمراهقين في الأردن. الصحة النفسية للأطفال والمراهقين. وزارة الصحة الأردنية، منظمة الصحة العالمية، منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، مؤسسة نهر الأردن، مبادرة التعليم الأردنية، المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، والمركز الوطني للصحة النفسية. عرض باور بوينت.
  • بيتر، ر.، ب. ناش، م. مكاردي، د. رودس، م, لينسكومب، ه، كلاراهان ور. سموت. 2015. “انتشار وارتباطات الاكتئاب والقلق والتوتر في عينة من طلاب الجامعات.” مجلة الاضطرابات العاطفية 173: 90-96. https://doi.org/10.1016/j.jad.2014.10.054.
  • محمد الرواشدة. “الأردن يشهد ارتفاعاً في اضطرابات الصحة النفسية بين الأطفال والمراهقين.” نبض، 25 أيار/مايو 2023.
  • “20% من الأردنيين يعانون من الاكتئاب والقلق-المركز الوطني للصحة النفسية.” جوردن تايمز ، 7 آب/أغسطس https://jordantimes.com/news/local/20-jordanians-suffer-depression-anxiety-%E2%80%94-national-centre-mental-health.

 

فيما يلي الاستشهادات بأسلوب شيكاغو للروابط المقدمة بلغتها الأصلية: