خلصت الجلسة الحوارية الثانية، لمبادرة “جبل عمّان: الماضي والحاضر والمستقبل” والتي حملت عنوان: “البيئة”، إلى أن “مسألة الاستدامة البيئية هي أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها المجتمعات، وتتطلب تبني استراتيجيات فعالة على كافة المستويات، الفردية والمجتمعية والسياسات؛ لحماية البيئة وإدارة الموارد الطبيعية، وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة”.
وأكدت المشاركات في الجلسة التي عقدت يوم الإثنين4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، ضمن فعاليات مشروع “الأمل صورة بألف كلمة”، المدعوم من السفارة السويسرية في الأردن، وأدارتها المستشارة في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، المهندسة مرح خياط، على ضرورة إدارة النفايات والاهتمام بالإدارة المائية في الأردن بشكل عام ، في جبل عمان تحديداً من خلال مجموعة من الابتكارات التكنولوجية، وتعزيز المشاركة المجتمعية، ومشاركة الشباب في هذه الجهود.
وتعد معالجة إدارة المياه وتعزيز الممارسات الحضرية المستدامة أمراً أساسياً لضمان مرونة الحي في المستقبل. إذ تركز الإدارة البيئية في المناطق الحضرية على الاستخدام المستدام للموارد، والحد من التلوث، والحفاظ على المساحات الخضراء. ويشمل ذلك إدارة النفايات، والحفاظ على المياه، وتطوير البنية التحتية الصديقة للبيئة. بالنسبة لجبل عمّان، يجب اعتماد الاستراتيجيات البيئية الفعالة والمستدامة بما يضمن الحفاظ على طابعه التراثي المميز، من خلال المبادرات التي تشجع إعادة التدوير، والتخلص السليم من النفايات، وحلول الطاقة المتجددة.
وفيما يتعلق بالوضع المائي والبيئي في المملكة بشكل عام وجبل عمَان تحديداً، ذكرت مي القوصي، وهي مهندسة مياه وبيئة في برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، أن الأردن يحتل المرتبة الثانية عالمياً من حيث ندرة المياه وحصة الفرد بعد أن احتلت الكويت المرتبة الأولى، مما يستدعي إيجاد الحلول للتنمية المستدامة من خلال بناء المباني الخضراء وتطوير الساحات البيولوجية، وإنشاء برك لجمع المياه وحدائق مطرية للحصاد المائي، وزيادة مشاركة المجتمع بكافة شرائحه من خلال إدراج الوعي في الإدارة المائية في المناهج الدراسية، وفرض قوانين لوقف هدر المياه من خلال حلول مستدامة.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه إدارة النفايات قضية بيئية مهمة في جبل عمّان، خاصة في ظل تزايد عدد السكان والأنشطة السياحية والتجارية المزدحمة. تمثل الإدارة الفعالة للنفايات أمراً ضرورياً للحفاظ على جمال المنطقة ونظافتها، مع ضمان استدامة حياتها الاجتماعية والثقافية؛ فخلال اجتماع لجنة جبل عمّان الأخير، جرى تحديد إدارة النفايات باعتبارها مصدر قلق رئيسي، لا سيما في مناطق معينة مثل سوق جارا وشارع الرينبو، والذي ينتج عن النشاط التجاري فيها كم هائل من النفايات.
في هذا السياق، وفيما يخص إدارة النفايات وأهمية المبادرات المجتمعية لتشجيع السكان على فرز النفايات والحد منها، تحدثت الناشطة البيئية وصاحبة مبادرة “صفر نفايات”، أمل مدانات، حول مبادرتها التي أطلقتها عام 2011، بالقول: “أصبحت أسجل وأقرأ عن كافة المواد التي استخدمها في حياتيّ، وأراقب كل ما أقوم برميه في سلة النفايات، لأكتشف أضرار المنتجات البلاستيكية المستخدمة في الطعام والشراب على الصحة والبيئة وكافة الكائنات الحية”. وتابعت: “قمت بنقل تجربتي لأقاربي وصديقاتي وجيراني، ولكن النتائج لم تكن بحجم توقعاتي، إلا أن صدفة وجود مدرسة بجانب مكان سكني، أتاح ليّ العمل على فرز النفايات وتجميع المواد القابلة للتدوير مع الطلبة وأمهاتهم وسيدات من المجتمع المحلي”.
وأكدت مدانات على أهمية التركيز على الجانب الإنساني والصحي فيما يخص الموضوع البيئي وإدارة النفايات، وخاصة أن لذلك أبعاداً متعددة (اقتصادية، ودينية، وسياحية). وركزت على جانب نشر الوعي بعملية فرز وجمع النفايات، قائلة: “يداً بيد؛ يستطيع الجيل الجديد إحداث التغيير”.
بدورهم؛ شدد المشاركون الشباب والمتحدثات على ضرورة دعم أفكار الشباب ومبادراتهم في الاستدامة البيئية، فضلاً عن تطبيق مبدأ المساءلة سواء على مستوى الأفراد والمجتمع والسياسات، بالإضافة إلى أهمية إعداد ونشر الدراسات لمعرفة الاحتياجات، الحلول، والبدائل. كما اتفقوا على تصميم وتنفيذ مبادرة لإدارة النفايات في جبل عمّان.