“في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في الأردن والمنطقة، لا بد من التركيز على قطاع سبل العيش لتعزيز القدرة الاقتصادية للاجئين والمجتمعات المضيفة وتحفيز التنمية على نطاق أوسع من خلال دعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة واستقطاب استثمارات جديدة للمنطقة”، بهذه الكلمات أجمع خبراء في الشأن الاقتصادي على ضرورة فهم السوق الأردنية المحلية، وتخريج مشاريع ريادية لتلبية احتياجات الأسواق المحلية.
جاء ذلك، خلال لقاء حواري عقدته منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) والتحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف)، السبت 14 كانون الأول /ديسمبر 2024، بعنوان: “تعزيز وصول الأسواق المحلية للتميز: التحديات والأساليب”، وتحدث فيه كل من: رئيس مجلس إدارة شركة فنادق البحر الميت، العين ميشيل نزال، ومدير التدريب والاستشارات في مركز الملك عبدالله الثاني للتميز، د. فراس الهيجاوي، بينما أدارته م. ملاك سليمان مديرة مشروع أكاديمية المرأة العربية للقيادة في منظمة النهضة (أرض).
ويأتي اللقاء على هامش فعاليات سوق الموسم: البازار الشتوي، الذي تنظمه النهضة العربية (أرض) في إطار مشروع “نحو المستقبل: استكشاف فرص الاستدامة المحلية” بدعم من البرنامج الأوروبي الإقليمي للتنمية والحماية لدعم الأردن ولبنان، حيث جمع العديد من أصحاب الأعمال الصغيرة والحرفيين من اللاجئين والمجتمع المضيف لعرض منتجاتهم وبيعها، بالإضافة لإبراز المبادرات المحلية لسبل الإعاشة و تسليط الضوء على قضاياها و التحديات التي تواجهها و طرق المضي قدماً.
وقبيل إعداد فعاليات سوق الموسم، جرى تدريب أصحاب المشاريع والحرفيين المشاركين في البازار، وذلك ضمن سلسلة ورشات تدريبية تهدف لتزويدهم بالمهارات اللازمة لإطلاق منتجاتهم وتسويقها وإدارة الأعمال، حيث تم تحديد المواضيع، بناءً على احتياجات المشاركين.
وبشكل خاص، تم تدريب المشاركين بالبازار، بالتعاون مع سوق فن، على الأدوات والمهارات العملية اللازمة لإطلاق منتجات تنافسية وتسويقها بما في ذلك: تحديد احتياجات السوق، والتفكير الابتكاري والعصف الذهني، والنماذج الأولية والتحسين، بالإضافة إلى تغليف المنتجات للأسواق، حيث يدعم هذا البازار الهدف العام للقاء الحواري، ويوفر مساحة للناس لعرض إبداعاتهم ومنتجاتهم، وتسهيل وصولهم إلى الأسواق.
وبشأن الاستثمار بأفكار الشباب ومبادراتهم، أكد العين نزال على أهمية التوعية والتثقيف ونشر مفاهيم وثقافة ريادة الأعمال، ودعم البرامج التي من شأنها تطوير وتأهيل الشباب الرياديين، مبيناً في هذا السياق أن الشراكة مع القطاع العام تبدأ من فهم أن القطاع الخاص هو شريك ورديف له، حيث يجب على الحكومة إدراك أن تحقيق إيراداتها يتحقق بنجاح القطاع الخاص وليس منافسته.
ودعا نزال إلى ضرورة تشجيع الشباب ببدء مبادراتهم ومشاريعهم الخاصة ودعمها، مع أهمية توفير منصات تواصل دائمة بين الجهات الممولة والحكومية والشباب، فضلاً عن التركيز
على التكنولوجيا والابتكار، واستقطاب الشركات العالمية الكبرى لافتتاح مكاتب لها في الأردن.
بدوره؛ دعا الهيجاوي، الرياديين الشباب أن يتمسكوا بالصبر والإصرار، وعدم الخوف من الفشل، “لأن الريادي الحقيقي هو من يتعلم من تجاربه الفاشلة لكي يبني قصة نجاح”، مؤكداً على أهمية التعليم في تطوير قدرات الشباب، مما ينعكس على تنمية السوق المحلي، وتطوير التشريعات الناظمة للعملية التعليمية، إضافة إلى إدراج التفكير الإبداعي والابتكار في المناهج التعليمية. كما حث الجامعات على استعمال الطرق الحديثة وإدماج التكنولوجيا في التعليم.
وشدد أيضاً على ضرورة الريادة وحاضنات الأعمال للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومحاربة قضايا البطالة والفقر، وتطوير القطاعات الاقتصادية كافة، مع الحفاظ على الموارد، وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وغيرها من الأهداف.
وفي توصياتهم للتغلب على التحديات والمضي قدماً نحو تعزيز نمو وتطوير المبادرات والمشاريع الناشئة في الأردن، أكد المشاركون في اللقاء على أهمية العناية ببناء “شخصية الشاب الريادي” من حيث تزويده بالمهارات الحياتية ومهارات التواصل الى جانب معارفه التقنية لتعزيز فرصه في إيجاد فرص العمل أو في بناء شركته الناشئة. وأوصوا كذلك بتهيئة بيئة محفزة للريادة في الأردن، وتوفير المساعدة للشركات الريادية الأردنية للوصول للأسواق المحلية والإقليمية والدولية وفتح أسواق جديدة لها.
كما أكدوا على أهمية إجراء دراسة شاملة لمراجعة القوانين والأنظمة والتعليمات التنظيمية والإجراءات المتعلقة بالجمارك والضرائب والشركات والعمل والإدارة المحلية والتنمية الاجتماعية، وأي تشريعات أو تعليمات تنظيمية أو إجراءات أو رسوم أخرى ضرورية لتمكين منظومة ريادة الأعمال الأردنية. محملين الشباب ضرورة دراسة وفهم القوانين والإجراءات المرتبطة بأعمالهم حتى لا يواجهون صعوبات كبيرة في التأسيس أو في مراحل لاحقة من المشروع.