الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

بيان صادر عن ملتقى الهجرة واللجوء في العالم العربي (مرفأ) بشأن خسائر الأرواح اللامتناهية في البحر الأبيض المتوسط: مناسبة للتفكر والدعوة إلى العمل

مشاركة

في الرابع والعشرين من نيسان/أبريل عام 2022، انقلب قارب يضم ما يقارب 60 من النساء والرجال والأطفال أثناء محاولته الوصول إلى أوروبا قبالة سواحل لبنان، بالقرب من ساحل طرابلس تحديداً. مات ستة أشخاص في الحادث بينما تم إنقاذ حوالي خمسين شخصاً. وفيما نأسف للخسارة الجديدة لأرواح المهاجرين، فإن هذه المناسبة تحثنا على التفكر العميق وتدعو لاتخاذ إجراءات مبدئية ووقائية حيالها.

في السنوات الأخيرة؛ يمثل العدد المتزايد من الأشخاص، بما في ذلك اللبنانيين والعراقيين والفلسطينيين والسوريين واليمنيين، الذين خاطروا بحياتهم بحثاً عن مستقبل أفضل في أي مكان من العالم، علامة مؤلمة على عصرنا هذا. كما نشهد تزايد أعداد اليائسين الذين قاموا بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر في البحر وقد قطعوا قبلها مسافات طويلة في جميع أنحاء الصحراء الأفريقية، والذين ما زالوا يواصلون القيام بذلك. نذكّر أيضاً بواقع الحياة المتدهور في المنطقة العربية والذي يدفع بالمواطنين والمقيمين إلى ركوب القوارب في البحر، أو عبور الحدود التي خلت من إنسانيتها، وذلك للهروب من الفقر، والبؤس، والاضطهاد والصراع في بلادهم. تشير الطريقة التي تنتهي بها معظم هذه الرحلات الكثير إلى عجز النظام الوقائي العام، وإلى ضرورة التعاون الدولي، الأمر الذي يتطلب استجابة محلية منظمة لا تستطيع الحكومات توفيرها وتنفيذها دون التنسيق مع جميع شرائح المجتمع ذات الصلة، بما في ذلك المجتمع المدني.

من الضروري أن تناقش الدول العربية الواقع الذي يعيشه مواطنوها بصدق، وكذا هو الأمر بالنسبة للمهاجرين واللاجئين، وما يدفعهم إلى المخاطرة بفقدان حياتهم في رحلة خطرة تهدد حياتهم، أيضاً، من الواجب عليها تحمل المسؤولية ومن ثم قيادة الحوار بين جميع البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط على قدم المساواة، مع ضرورة الاسترشاد بأجندة حقوق الإنسان الصادقة والمبدئية، لمعالجة الوضع نهائياً.

في السنوات الأخيرة وإثر الحروب في العراق وليبيا وسوريا واليمن، والفصل العنصري القاسي في فلسطين -على سبيل المثال لا الحصر، شهدنا تحول أوروبا إلى حصن حقيقي، إذ أصبحت حدودها منيعة على من يحتاجها من أولئك الهاربين من الحرب والبؤس، إن لم يكن ذلك على حساب حياتهم أو كرامتهم. تحت ذريعة الحفاظ على الأمن الأوروبي، تمت التضحية بمئات الآلاف من الأرواح من حيث إبعادهم إلى مناطق النزاع حيث يستحيل على السلطات المحلية منحهم الأمن والأمان (كما هو الحال في ليبيا)، مما أجبر مراكز الهجرة والنزوح على اتخاذ إجراءات منيعة على نحو متزايد، الأمر الذي حوّل البحر الأبيض المتوسط إلى مقبرة الأمل في مستقبل أفضل. مع هلاك كل حياة أثناء رحلتها إلى المجهول، بدأت أخلاقنا وإنسانيتنا في التلاشي أيضاً.

يعنى مرفأ خصوصاً بكيفية معاملة المهاجرين واللاجئين القادمين من المنطقة العربية و/أو المارين عبرها. في السنوات والأشهر الأخيرة؛ عومل المهاجرون وطالبو اللجوء في كثير من الأحيان من المناطق التي مزقتها الحروب، مثل: أفغانستان؛ والعراق؛ وكردستان؛ وفلسطين؛ وسوريا، بعنف وإهمال إضافة إلى تعرضهم للطرد من بيلاروسيا، وبلغاريا، ولاتفيا وبولندا -على سبيل المثال لا الحصر.

 ما زال هنالك الكثير ممن تقطعت بهم السبل في ظروف مأساوية في جزر يونانية مختلفة، إذ وفي الشتاء الأخير فقط؛ تُرك العديد منهم ليموتوا في البرد على بعد مئات الكيلومترات من الحدود التي يستقبل عندها اللاجئون الأوكرانيون بحفاوة. إن هذا الموقف الإقصائي تجاه اللاجئين من الجنوب، هو نتاج ذات السياسة التي تبنتها أوروبا أيضاً تجاه ليبيا، والتي تترك مئات الآلاف من المهاجرين واللاجئين الأبرياء -والذين هم من القصّر غالباً، في أيدي المعذِبين والمهربين، فضلاً عن تركهم في البحر ببساطة.

هناك ضرورة أساسية لضمان احترام حياة جميع الأفراد الذين أجبروا على الفرار، وحقوقهم الإنسانية إما بسبب الحرب أو الظروف المعيشية غير المستدامة، عبر سلسلة رحلتهم التي تبدأ من بلدهم أو حتى اجتيازهم أماكن العبور، ووصولهم إلى وجهتهم النهائية. لا ينبغي أن تتمثل الاستجابة لهذا الوضع في المنع الأعمى للهجرة وتحركات الأشخاص بأي ثمن، ولكن أولاً وقبل كل شيء؛ يجب أن تتمركز الجهود حول الفهم الصريح للواقع الذي تقوم عليه حركة المهاجرين واللاجئين، واختلافاتهم، واحتياجاتهم وإنسانيتهم. يجب معاملة الجميع بإنسانية وكرامة، بغض النظر عن سبب اختيارهم للسفر خارج الحدود الدولية، وطرق عبورها.

يحق للمهاجرين واللاجئين، بغض النظر عن وضعهم، التماس الحماية والتمتع بها. كما أن لديهم الحق في تقييم ظروفهم وفقاً للقانون الدولي، والذي يحظر حازماً الطرد التعسفي أو الجماعي والإعادة القسرية. يعد الحق في الحياة، والتحرر من التعذيب والإعادة القسرية والطرد الجماعي، من جملة الحقوق غير القابلة للتقييد، والتي يجب أن تقود أي سياسة حكومية. وهذا يعني أنه لا يمكن إيقاف هذا الحقوق مطلقاً، ولا حتى في حالة الطوارئ. من الواجب إجراء التحقيقات في حالات الوفيات على الحدود وداخل البحر، بما في ذلك سبب وفاة كل ضحية، وإعلان نتائجها على الملأ.

لا يمكن، ولا ينبغي، أن يكون هذا الوضع مصدر قلق لجماعات حقوق الإنسان في شمال الكرة الأرضية فقط، إذ ليس بالإمكان احتمال مثل هذا الوضع كما يدعو مرفأ المنطقة العربية بأسرها إلى التوقف عند هذه المسألة والتفكير فيها. يجب ألا ينحصر دور الدول العربية في مجرد تلقي القرارات السياسية الأوروبية وتنفيذها مقابل المساعدات، أو الوعود بالمساعدة أو ما هو أسوأ مما سبق من حيث تقديم الدعم العسكري وفرص التعاون. تستحق المنطقة العربية تحولاً ينطلق من التفكير النقدي، ويجب علينا جميعاً وكجزء من جهد فكري حول إمكانات المنطقة العربية، أن نكون جزءاً من هذا التحول.

عن مرفأ

ملتقى الهجرة واللجوء في العالم العربي (مرفأ) هو شبكة مستقلة من الأكاديميين العرب ونشطاء حقوق الإنسان والمحامين والتي نشأت استجابة للحاجة الماسّة إلى نهج جماعي لمناصرة حقوق المهاجرين واللاجئين والتوعية بالقضايا الملحة ذات الصلة في المنطقة بما في ذلك قضايا انعدام الجنسية والشتات العربي.