الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

رمزي البعلبكي: العربية تعاني أزمات كثيرة.. وعلينا حمايتها من الضياع خلال ندوة أقامها منتدى النهضة الفكري احتفاء باليوم العالمي للغة العربية

مشاركة

اعتبر أستاذ الدراسات العربية بالجامعة الأمريكية في بيروت، الدكتور اللبناني رمزي منير البعلبكي، أن العامل الأخطر لتراجع اللغة العربية يكمن بـ”نظرة الأجيال القادمة إليها، ومدى تقبلها في حياتهم المعيشية”.

وبينما تعد العربية ثاني أكثر اللغات انتشاراً في العالم، بعد الإنجليزية والفرنسية إذ يبلغ عدد ناطقيها ما يقارب 500 مليون، رأى المحاضر أن المعيار العدديّ لانتشار العربية يشهد “خلطاً” بين العربية الفصحى واللهجات المحكية الأخرى.

 

وحمّل البعلبكي، الأفراد ومؤسسات التعليم والدولة، ما يواجه العربية من ضياع وتحديات وشدائد، على اعتبار أنها تعاني أزمات معاصرة تعكس، في مجملها، مشكلات أكبر ترزح تحت وطأتها الأمة العربية من حيث؛ الثقافة والتعليم وتفشي العامية والإنجليزية في المحافل الثقافية والعلمية والإعلامية.

 

وأكد في محاضرة “أمننا اللغويّ بين عوامل الاطمئنان والقلق”، التي نظمها “منتدى النهضة الفكري” التابع لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، أمس الأربعاء بفندق حياة عمّان، أن “لا حياة للأمة بمنأى عن اللغة، فهي هويتها القومية وعنوان وحدتها وسر وجودها وأساس نهضتها وبعدها الإنساني”.

 

وتقدر نسبة انتشار العربية على شبكة الإنترنت، بحسب إحصاءات أجريت في العام 2016 بنحو 4.7%، وهي بذلك متقدمة على اللغات: البرتغالية واليابانية والملاوية والروسية والفرنسية والألمانية، وفقاً للبعلبكي.

 

ولأن الأمن اللغوي أحد ركائز النهضة العربية، وبمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الذي صادف، 18كانون الأول/ديسمبر، عمّدت منظمة النهضة(أرض)، على استضافة هذه المحاضرة التي أدارها مع الجمهور الخبير التعليمي د. ذوقان عبيدات بطلب من رئيس مجلس أمناء منظمة النهضة (أرض)، ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور زيد عيادات، وبحضور جمع من الأدباء والأكاديميين والمهتمين.

 

وبالعودة للدكتور البعلبكي، لفت إلى أن “اللهجة العامية تتسع على حساب اللغة العربية الفصحى”، وهو ما ينذر بكارثة مجتمعة “لا يحمد عقباها”، منبهاً إلى أن الحفاظ على اللغة يكون باتباع وسائل جادة تضمن لها بقاءها ونقاءها.

ولم ينكر البعلبكي، تزايد الاهتمام بالعربية في السنوات الأخيرة من قبل بعض الجهات المهتمة، ووجود العديد من المبادرات المؤسسية والفردية المهتمة في هذا السياق، لكنه رأى أن هناك فجوة بين الأجيال الجديدة واللغة العربية السليمة آخذة بالاتساع.

 

وحول فكرة المعجم التاريخي في اللغة العربية، نقل المحاضر عن قول سابق، أن جوهرها “رصد الاستخدام الأقدم لكل مفردة، والإتيان عليها بشواهد مؤرخة، ثم تعقب تطورها الدلالي إن وجد”.

“على قلق كان الريح تحتيّ”، قول الشاعر العربي أبي الطيب المتنبي يتقاطع مع ما أشار إليه البعلبكي بشأن قلقه من ضعف تعليم اللغة العربية للناشئة، خاصة الفئات العمرية في المراحل الدراسية الأولى.

وبحسبه، إذا أردنا أن نفهم الفكر والنتاج الفكري، فالواجب أن ندرس اللغة، وإذا أردنا أن ندرس اللغة، فعلينا أن ندرس عملها في المجتمع، لافتاً إلى أن طبيعة اللغة لا تفهم إلا من خلال المجتمع الذي تُمارس فيه اللغة وظائفها.

“هل باتت اللغة العربية في خطر حقيقي؟”، يتساءل البعلبكي في هذا الصدد، لكنه رأى أن هناك ظواهر كارثية تكاد تحيق بلغة “الضاد” جراء التنكر لها أحياناً، والاستحياء من نطقها مرات أخرى.

وشارك أحد المدعوين، الحضور، تجربة بلاد التنين، الصين، مع اللغة العربية ومدى اهتمامها بتعليم أبنائها لغة الضاد، في ظل وجود أكثر من 300 مدرسة تعلم العربية هناك؛ وذلك لكونها لغةً تحاكيّ جميع العصور والازمان.

 ونقل البعلبكي قول المؤرخ والأديب أبن منظور، صاحب معجم “لسان العرب”، فيمن يتخلف عن تعلم العربية والتغني باللغات الأخرى: “.. وذلك لما رأيته قد غلب، في هذا الأوان، من اختلاف الألسنة والألوان، حتى لقد أصبح اللحن في الكلام بعد لحناً مردوداً، وصار النطق بالعربية من المعايب معدوداً، وتنافس الناس في تصانيف الترجمات في اللغة الأعجمية، وتفاصحوا في غير اللغة العربية، فجمعت هذا الكتاب في زمن أهله بغير لغته يفخرون، وصنعته كما صنع نوح الفلك وقومه منه يسخرون”.

ورداً على سؤال، قال البعلبكي إن “الوحدة العربية تتحقق كل يوم باللغة العربية السليمة؛ لأن كل واحد منا يفهمها ويستطيع التواصل مع العربي الآخر بها. إن اللغة السليمة توحدنا وتجعلنا أكثر قرباً من هويتنا”.

وخُلص المحاضر إلى أن العربية هي الوثيقة التي يملكها العالم العربي، اليوم، في الاستبداد، وهي البحر الواسع للتعبير عن أحوالنا التي نعيش، مشيراً إلى أن اللغة وعاءً للتجارب الإنسانية، وشاهداً على مسيرتها الحضارية.

وفيما يحتفي العالم في 18 كانون الأول من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، تحتفي منظمة النهضة (أرض)، سنوياً، بهذا اليوم عبر إقامة الندوات مع أبرز الباحثين والعاملين في هذا المجال، مؤكدة التزامها نحو اللغة العربية وأمنها عبر مجهودها البحثي في إطار محور “اللغة العربية: لغة النهضة” أحد المحاور البحثية في مركز النهضة الفكري.

 

يذكر أن البعلبكي؛ من مدينة بيروت، حاصل على الليسانس في اللغة العربيّة من الجامعة الأميركيّة في بيروت بدرجة الامتياز الرفيع، ثمّ على الماجستير من الجامعة نفسها، كما نال شهادة الدكتوراه في تاريخ النحو العربي وعلم الساميّات المقارن من جامعة لندن سنة .1978

 

له أكثر من (70) مقالة منشورة في مجلّات عالميّة محكّمة. وتتركّز دراساته حول النظريّة النحويّة العربيّة، وفقه العربيّة والساميّات المقارن، وتاريخ المعجم العربيّ.

 

لديه العديد من المؤلفات، منها: “الكتابة العربية والساميّة: دراسات في تاريخ الكتابة وأصولها عند الساميّين”، “معجم المصطلحات اللغوية”، “فقه العربية المقارن: دراسات في أصوات العربية وصرفها ونحوها على ضوء اللغات الساميّة”.

 

يشار إلى أن منتدى النهضة الفكري، تأسس في العام 2018؛ كمركز فكري ومنصة بحثية؛ تهدف لنشر وتعزيز قيم النهضة العربية نحو التحديث والإصلاح الفكري في المجتمع المدني والمجال العام في العالم العربي.