الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

سلسلة حوار الأجيال تستمر في الزرقاء.. “ما بدنا نهاجر ولا نهجر لغتنا.. بس بدنا يسمعوا أصواتنا وأوجاعنا الناطقة بالعربية “

مشاركة

هنا الزرقاء، عاصمة الأردن الصناعية، وثالث أكبر المحافظات الأردنية، إنها البقعة الجغرافية التي تحتضن أهم المصانع والشركات، دون أن ينعكس ذلك على واقع سكانها، فالفقر في ازدياد، والبطالة تتمدد، وسوء الخدمات وغياب التنمية من سيء إلى أسوأ، وبالرغم من ذلك يتمسك شبابها بالوطن ويرفضون فكرة الهجرة ، ويتمسكون بلغتهم الأم، ربما لأن أغلبهم لا يجيد سواها، فتدريس اللغة الإنجليزية للصفوف الابتدائية حديث عهد في المدارس الحكومية، وبطبيعة الحال لا يملك أغلب أبناء المحافظة ترف تدريس أبناءهم في المدارس الخاصة .

تمسك شباب الزرقاء بالوطن ورفض الهجرة ليس اجتهاداً منا، لكنه رأي السواد الأعظم ممن حضروا فعالية سلسلة “حوار الأجيال”، التي نظمها ملتقى النهضة العربي الثقافي وشبكة شباب النهضة في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) ، وبالتعاون مع شبكة نايا للتدريب والتنمية المجتمعية، وتضمنت عرض فيلمي “الأرض تورث كاللغة” و”ونويت الهجرة”، وهما من نتاج اللجنة الثقافية لشبكة شباب النهضة، ونفذهما الفنان زهير النوباني للتعريف بقضايا اللغة العربية والهجرة، وفتح باب الحوار مع الشباب في محافظات الأردن، حيث كانت البداية من الكرك جنوبي الأردن، وكانت الزرقاء المحطة الثانية، وستستمر سلسلة حوار الأجيال، إلى أن تجوب كل المحافظات الأردنية .

“إحنا ما بدنا نهاجر ونترك بلدنا، لأنه هون ما علمونا كيف ندير أمورنا، فكيف رح نديرها بالغربة.. إحنا بس بدنا يسمعونا ويعرفوا مشاكلنا” كان هذا رأي أحد الشباب الحاضرين تعليقاً على فيديو “نويت الهجرة”، لكن الشاب ذاته وبكل وعي استطرد معلقاً على فيديو (الأرض تورث كاللغة) : “أما لغتنا العربية فما رح نفرط فيها لأنه ما حد بفرط بكيانه وهويته،

ما قاله الشاب يتماهى تماماً مع الفكرة التي تريد منظمة النهضة العربية (أرض) أيصالها وبحثها من خلال سلسلة حوار الأجيال: أن نستمع للشباب ونتحاور معهم، وألا نبتعد عما يجري على الساحة، فالاشتباك الإيجابي مع قضايا الشارع من شأنه أن يردم الفجوات بين أصحاب القرار والمواطنين، والحوار هو الوسيلة الأكثر رقياً ونجاعة في تشخيص الداء ووصف الدواء.

في السياق ذاته رأت إحدى الشابات اللواتي حضرن اللقاء أننا بدون أوطاننا في منفى حتى لو عشنا في رغد، وأن الاحتواء مصطلح لن تجده خارج حدود وطنك، وأن على الشباب واجب في تحسين ظروف الوطن، تماماً كواجب الحكومات، وذلك بالسعي للتغيير، من خلال المشاركة السياسية الفاعلة ورفع الصوت والتضامن وتوحيد الجهود بين الشباب لإيصال همومهم وطموحاتهم لأصحاب القرار.

على الطرف المقابل، كانت بعض الأصوات الشبابية تدق ناقوس الخطر وهي تعيد تأكيد ما هو معلوم بالضرورة بأن نسبة الشباب الراغبين بالهجرة كبيرة جداً بسبب انعدام الأمل بالتغيير من جهة، وبسبب قطار العمر الذي يتقدم مسرعاً بهم دون أي تقدم على الصعيد العملي وصعيد الطموحات .

مثل هذا الرأي، هو الذي يدفع  منظمة النهضة العربية (أرض) باستمرار لتكثيف الجهود وبحث ما جاء فيه ضمن برامجها ونشاطاتها المختلفة وتحالفاتها المتعددة ، للتحذير من مخاطر الهجرة ، والعمل على احتضان الشباب وتوفير المنصات والشبكات لإسماع أصواتهم، و إشراكهم في صنع السياسات الخاصة بهم والتي من شأنها مكافحة هجرة الشباب والأدمغة في الأردن، خاصة وأن تهميشهم وبطالتهم والتقليل من أهمية مشاركتهم المدنية أضعفت إحساسهم بالانتماء، فضلاً عن القناعة التامة بإن إحداث نهضة في مجتمعاتنا العربية يلزمها مجموعة عوامل وفي مقدمتها إعلاء شأن اللغة العربية باعتبارها الحاضنة والقاسم المشترك بيننا، وعلى هذا الأساس أكد الفنان زهير النوباني أن هناك هجمة ثقافية تستهدف موروثنا وتاريخنا العربي،و تسعى لتغريب الإنسان عن ثقافته وجذوره، داعيا إلى التمسك باللغة العربية كونها أساس الحفاظ على الهوية، وإلى ضرورة تنشئة الطلبة على القيم النبيلة كالصدق والإخلاص والوفاء والانتماء والولاء، ومطالباً الشباب بالتغيير نحو الأفضل من خلال تفعيل مشاركتهم في الانتخابات البلدية واللامركزية والنيابية واختيار من يرونه الأكفأ والأصلح للتعبير عن تطلعاتهم وآمالهم نحو أردن مزدهر ومتطور.

ربما أن أغلبنا فكر بالهجرة يوماً، الفنان زهير النوباني ذاته كتب في فترة سابقة منشوراً على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسوك) قال فيه : “نويت الهجرة”، ومن هنا جاءت فكرة الفيديو الذي يتحدث عن الهجرة، وسبقه فيديو “الأرض تورث كاللغة”، فالهجرة والتمسك باللغة العربية التي هي جزء من الأرض خطان متقاطعان، لن نستطيع تتبع الأول ما لم ننتبع الثاني، وبين هذا وذاك يقف الشباب الذين هم عماد التغييربينهما، منتظرين بارقة أمل ستغدو واقعاً يوماً ما، إن آمنوا بأنفسهم وقدرتهم على التغيير أولاً، وإن كان لدى أصحاب القرار نية جادة بالاستماع لهم، فملخص ما جاء على لسان شباب الزرقاء أنهم لا يريدون الهجرة ولا هجر لغتهم العربية، لكنهم يريدون سماع وفهم أصواتهم وأوجاعهم الناطقة بالعربية!