الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

في جلسة حوارية إقليمية نظمتها منظمة النهضة (أرض) منتدون: التكامل العربي المؤسسي أمر لا بد منه لمواجهة آثار جائحة كورونا في المنطقة العربية

مشاركة

“في ختام عام 2020، ما زالت جملة من الأزمات تستحكم في العالم العربي أهمها الأزمة القيمية الأخلاقية وتليها أزمة هوية مستعصية وغيرها من الأزمات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية. ما الذي أحدثته جائحة كورونا في عالمنا؟ وهل عمّقت من جراح الاختلافات الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، وغيرها؟”. هذا واحد من أسئلة عدة طرحها أ.د. زيد عيادات، رئيس مجلس أمناء منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، ومدير الجلسة النقاشية الرقمية التي عقدتها المنظمة بعنوان “أثر جائحة كورونا في المنطقة العربية” وذلك ضمن سلسلة حواراتها الإقليمية، يوم الثلاثاء الموافق 29 كانون الأول/ديسمبر 2020، واستضافت المتحدثين المفكرين من أعضاء مجلس أمنائها والخبراء أ.د. علي أومليل من المغرب، وأ.د. حسن نافعة من مصر، وأ.د. عبدالله السيد ولد أباه من موريتانيا، ود. يوسف منصور من الأردن.

 

فيما يتعلق بالأثر الناتج عن فيروس كورونا عالميًا وإقليميًا، اعتبر أ.د. حسن نافعة بأننا إزاء أزمة عالمية كونية لا عربية فقط، إذ إنّ لها تأثيرات هائلة على العالم كله، تتراوح اختلافاتها وفقًا لكل دولة مع “عدم انتهاء البحث عن أثرها ووجود بصيص أمل للخلاص من هذه الأزمة بتطوير اللقاح ضد كورونا” بحسبه. وعالميًا، أثّر الإغلاق الاقتصادي في أمريكا الشمالية، والصين وأوروبا، على باقي اقتصادات العالم التي لم ينجُ منها العالم العربي، الذي داهمته الأزمة أثناء مروره بسلسلة من الأزمات المتلاحقة منذ عدة أعوام وفي ظل تواصل موجات المتلاحقة لثورات الربيع العربي التي لا زالت مستمرة والتي لم ينجح باحتوائها حتى الآن. وأضاف أيضًا بتفاوت استجابة الدول العربية للجائحة، من حيث النظم السياسية، وعدد السكان، ومدى احتياطي الثروة التي تمتلكها، وظروفها الداخلية والخارجية. ففي سياق دول الخليج، فقد سارعت بالتحرك وتوفير اللقاحات لسكانها ودعمهم اقتصاديًا، أما الدول المكتظة بالسكان كمصر والجزائر وغيرها فقد عانى اقتصادها من تعطل السياحة، وتلاحق الأزمات الاقتصادية، وضعف البنية الصحية، وازدادت الإجراءات القمعية في بعضها، وفي الدول العربية التي تعاني من الحروب وعدم الاستقرار السياسي، فاقمت الأزمة أيضًا من تردي أوضاع سكانها. وفي المقابل كان رد الفعل العربي المؤسسي، إذ لم تستطع الجامعة العربية الاستثمار في الفرصة التي تتيحها الجائحة للوصول لتكامل عربي، وكان ردها قاصرًا يثبت ضعفها.    

 

ويشارك أ.د. علي أومليل الرأي السابق باستمرار آثار الجائحة مع بداية رؤية نهاية النفق بإنتاج اللقاح، إلا أنه يشير إلى أنّ وضع هذه الجائحة يختلف عن سابقاتها في التاريخ، فهي “أول جائحة معولمة، أي جاءت في عصر العولمة، لتكشف عن عدة أشياء، كأزمة النموذج التنموي ونموذج دولة الليبراليين الجدد القائم على اقتصاد السوق والديمقراطية الليبرالية، وفداحة التفاوت ليس فقط بين الدول، بل بين البشر في البلد الواحد من حيث الحق في التعليم، والصحة وغيرها”.  

 

وفي إجابة للسؤال الذي طرحه عيادات عما “إذا كان العالم سيتغير أم سيعيد إنتاج نفسه؟”، قال أومليل إنّ ضرورات إعادة البناء، ومشاكل البطالة، تتطلب استمرار النموذج الليبرالي إلى الحد المنظور، إلا أن نموذجًا بديلًا سيفرض نفسه بعد نضال ووقت ليعمل على تقليص الفوارق بين البشر، والدول، والأقاليم، والاقتصادات، وفرص الحياة على الأصعدة كافة، يتمثل بنموذج الدولة الاجتماعية والتي لا تقوم على خدمة الاقتصاد، بل يكون الإنسان وحاجات المواطنين محور عملها. وبيّن أنّ هناك دورًا سياسيًا واقتصاديًا للجائحة، إذ أصبحت شرعية الدول تقاس بقدرتها على مواجهة أزمة كورونا، وبناء الثقة بينها وبين مواطنيها. 

 

عربيًا، تأتي الجائحة في ظل معاناة المنطقة من أزمات اقتصادية وسياسية متتابعة. وبعد استعراض أرقام المصابين والوفيات الناجمة عن الجائحة عالميًا وعربيًا، قال د. يوسف منصور بأنّ “الخاسر الأكبر في مجتمعاتنا العربية هي الفئات الهشة من مهاجرين، ولاجئين وعمالة وافدة، والتي كثيرًا ما لا تدخل في الإحصاءات الرسمية”. وبحسبه، فقد تراجعت قطاعات عديدة في العالم العربي كالنقل، والتعليم، والسياحة، والعقارات. كما خسرت الدول العربية جانبًا لا يستهان به من دخلها القومي بسبب أزمة كورونا. وبحسب الإحصاءات، فإن المنطقة العربية التي تشكل %5 من العالم، ستصل نسبة الفقراء فيها %14 من الفقراء عالميًا وهي نسبة مثيرة للقلق، وسيزداد عدد المتعطلين عن العمل ليصبح 17.7 مليون شخص مقارنة بـ 16 مليون في 2019، مع توقع بامتداد أثر الجائحة لسنوات عدة. كما طالب بأن نتوجه إلى التفكير في المرونة الاقتصادية والاستدامة بدلًا من التركيز على الكفاءة والانتاجية، وهو تطور في الفكر الاقتصادي يُطرح عالميًا للتفاعل مع الصدمات، إلى جانب كونه أحد الدروس المستفادة من الجائحة.

 

سياسيًا وتنمويًا واجتماعيًا، عقّب أ.د. عبدالله السيد ولد أباه، بمعاناة العالم العربي من عدة إشكاليات كأزمة إدارة الدول عمومًا، وإدارة الموارد سواء أكانت مالية أم اقتصادية، أما الأزمة الثالثة، فتكمن في إدارة الهندسة الاجتماعية فيما يتعلق بالبنية التحتية، والنظم التربوية، والمجتمع المدني. ففي حين قامت الدول العربية الحديثة على فكرة رعاية المجتمع وتحديثه ورفع مستوى التنمية، أتت جائحة كورونا لتكشف عن الأزمات السابقة بوضوح. وقال أيضًا إنّ “الدول العربية قد فشلت في ادعاءاتها الخاصة بضمانها الشرعية وحماية المواطن وصحته وسلامته، وإنّ العالم العربي الآن أمام تحدٍ كبير من حيث الهندسة السياسية وإدارة الدولة التي يتوقف عليها الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي”.  وختم بأننا لا بد أن ننظر للنظام العالمي العربي وأزماته من خلال رؤية تركيبية تتضمن أبعاده المتشابكة وهي البعد الجوهري المتعلق بالأزمات والإخفاقات الداخلية، والبعد المتعلق بالهندسة والتركيبة الاجتماعية، والبعد المتعلق بالتدخلات الخارجية أيضًا عند البحث عن الحلول.

 

وأكد المشاركون على ضرورة التكامل العربي مؤسسيًا وصحيًا لمواجهة آثار جائحة كورونا مع تطوير نظام اجتماعي يلبي الاحتياجات الإنسانية والمؤسسية، الأمر الذي ينسحب على العالم أيضًا، والتفكير في مرونة الاقتصاد والاستدامة، دون إغفال التحديات السياسية والاقتصادية التي نتجت عن كورونا في عالمنا العربي.