الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

قرارات “حلوة” وعواقب مريرة: لماذا يضر تخفيض الضرائب على الكيك والويفر والبسكويت بسياسات الصحة العامة؟

مشاركة

يعتبر القرار الحالي بتخفيض ضريبة المبيعات على الكيك والويفر والبسكويت في الأردن من 16% إلى 5% قراراً سياسياً خطيراً للغاية ذا عواقب وخيمة على صحة الأطفال والبالغين. إذ ترتبط السكريات، والدهون المتحولة، والزيوت المهدرجة المستخدمة في هذه المنتجات بمجموعة من الالتهابات والأمراض المزمنة (أي الأمراض غير المعدية)، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، متلازمة التمثيل الغذائي؛ ومرض السكري من النوع الثاني؛ وارتفاع الكوليسترول؛ وأمراض السرطان.

أبرزت الاستراتيجية الوطنية للصحة 2015-2019 في الأردن، الزيادة الخطيرة في معدل الوفيات الناتجة عن الأمراض غير المعدية في البلاد، والتي بلغت خلال عام 2008 ما عدده 727 وفاة لكل مئة ألف نسمة، مقابل 573 وفاة لكل مئة ألف نسمة على الصعيد العالمي. في عام 2011، وعقب الإعلان السياسي للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها، صاغ الأردن إستراتيجيته الوطنية وخطة العمل الخاصة بمكافحة مرض السكري والتوتر الشرياني واختلاط الدهون والسمنة، إذ حذّر الخبراء من العادات الغذائية غير الصحية وتأثيرها السلبي على صحة الأردنيين.

في الوقت الذي يمكن فيه اعتبار أن تخفيض قيمة الضريبة على هذه المنتجات قد أراح العديد من العائلات في الأردن التي تحاول جاهدة تغطية نفقاتها الشهرية، يحفز الترويج لاستهلاك هذه الحلويات على اتباع عادة غذائية غير صحية منذ سن مبكرة جداً، إذ تستهدف هذه المنتجات وتغليفها البرّاق الفئات الأصغر سناً من السكان. من جهة أخرى، يمكن أن توفر الحلويات المعبأة حلاً سريعاُ لتخفيف القلق اليومي وذلك عند تناولها باعتدال شديد، ومع ذلك؛ فإن “الطعام الدسم” ليس حلاً، ولا يمكن له أن يكون بديلاً عن تحفيز اتباع عادات النظام الغذائي الصحي في سن مبكرة.

يمتاز موقف العلم بشأن تأثير الحلويات السلبي على صحة البشر بوضوحه الشديد، وأيضًا فقد قاس خبراء الاقتصاد الصحي الأعباء المالية المترتبة على النظم الصحية في جميع أنحاء العالم، والتي نتجت عن ارتفاع نسب الأمراض غير المعدية بسبب اتباع الأنظمة الغذائية غير الصحية وذلك من بين عوامل أخرى. مع زيادة تكاليف أنظمة الرعاية الصحية العامة، تقوم معظم الحكومات في جميع أنحاء العالم بقياس تنفيذ الضرائب على المنتجات السكرية (خاصة المشروبات التي تحتوي على السكر) للحد من الاتجاهات الوطنية المتزايدة من حيث الإصابة بالأمراض غير المعدية.

بحسب (بيريدج، مطبعة جامعة أكسفورد: 2016)، يشير مفهوم الصحة العامة والمعروف على نطاق واسع إلى “تعزيز الصحة والرفاهية بمعناها الأوسع، والمحددات الأوسع للصحة، والشعور العام بالصالح العام أو الخير”. من هذا المنظور؛ يبرز السؤال عن سبب قيام الحكومة الأردنية بتطبيق التخفيض الضريبي على الكيك والويفر والبسكويت، والذي يتعارض مع الممارسات الفضلى في مجال الصحة العامة، ويمكن أن يثقل كاهل نظام الرعاية الصحية العام الهش بالفعل في الأردن.

نؤمن في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) بأن الصحة العامة ما هي إلا مسؤولية مشتركة بين الأفراد والحكومة تسعى إلى تعزيز الرفاهية العامة للسكان، وذلك بالاسترشاد بالإحساس بالصالح العام في عالم مترابط يمتاز بعولمته. وفي الحين الذي يجب فيه على الحكومة تنفيذ سياسات تساعد على تقليل المخاطر الصحية، وضمان الظروف البيئية التي تحافظ على الصحة الجيدة، وتقلل من التفاوتات الصحية كذلك، تقع على عاتق الأفراد مسؤولية اتباع عادات صحية في حياتهم اليومية.