خمسة شبان وجدوا أنفسهم في مهنة الحلاقة الرجالية بعد سنوات من المعاناة والبحث عن عمل، كانوا يتحدثون عن هذه المهنة التي تعلموها وكأنهم في مأمن مما هو قادم، بينما يستذكرون بشيء من الحزن محاولاتهم السابقة في الحصول على فرصة عمل مناسبة، أو تعلم صنعة تعينهم على مواجهة شظف العيش وضيق ذات اليد.
تعاونت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية مع مدرسة “ثيودور شنلر” من أجل توفير منح تعليم مهني لتزويد الشباب بمهارات عملية مبنية على احتياجات السوق المحلي، من أجل تيسير وصولهم الى سوق العمل. وبعد ثلاثة أشهر من دورة الحلاقة الرجالية، اجتاز الشباب الامتحان بتفوق، وأصبح بإمكان أي منهم العمل في هذا المجال، بل وأصبح طموحهم أكبر من ذلك بكثير.. “نحن نستطيع اليوم إدارة أي صالون حلاقة بأنفسنا”، قالوها وكلهم ثقة.
أشبه ما يكون “بطاقة الفرج” بالنسبة للشباب. جاء مشروع “صمم: بناء صمود الأردنيين واللاجئين من خلال دعم وحماية سبل العيش” والذي تنفذه منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) ضمن برامج التنمية الاقتصادية والبشرية وتمكين الشباب والتعليم، وبالشراكة مع القطاع الخاص ومؤسسات التعليم والريادة، بنهج جديد لمعالجة هذه التحديات، حيث استغلوا الفرصة، وكتب كل منهم في الإنجاز قصة!
“الحلاقة غيرت كل شي بحياتي وزادت ثقتي بنفسي، أنا اليوم معي صنعة آكل منها لقمة حلال من تعبي وجهدي”، بهذه الكلمات بدأ الشاب الأردني، مؤمن خضر (18 عاماً)، حديثه بعد أن أنهى الدورة بنجاح، مؤكداً أنه لن يترك هذه المهنة أبداً، وهو الذي عانى طويلاً من عدم الثبات في أي وظيفة.
وبالكثير من الزهو، يروي الشاب الأردني حمزة عبد الناصر (17 عاماً)، ذكرياته أثناء الدورة، فقد تعلم من المدرب كل طرق الحلاقة و”السشوار” القديمة والجديدة، وعن ذلك يقول “الدورة مع مشروع صمم فادتني كثير، زمان أخذت كثير دورات وما استفدت، لكن هاي الدورة إلها فضل علي طول العمر”.
يعمل مشروع صمم على تأسيس شراكة نوعية مع القطاع الخاص تعمل على بناء قدراته من أجل خلق فرص تشغيلية ووظائف لائقة في بيئة آمنة. ويسعى لتعزيز بناء قدرات الأردنيين واللاجئين الأقل رعاية لتحسين قابليتهم للتوظيف وبناء مهاراتهم التجارية ودعم رواد الأعمال كلٌ في تخصصه والشركات الصغيرة القائمة (الرسمية وغير الرسمية) لبدء العمل والنمو والتوسع.
خسر الشاب السوري، محمد جمال الحريري (27 عاماً)، عمله في أحد المطاعم بسبب جائحة كورونا، وحتى ما قبل حقبة كورونا كان يخسر عمله باستمرار، الأمر الذي جعله يفكر بتعلم صنعة تحقق له الاستقلال الذاتي، فلا يكون قراره بيد أحد غيره، ولأن لديه بعض الإلمام بمهنة الحلاقة، فلم يتردد في التسجيل بالدورة بعد أن تلقى عرض التدريب من منظمة النهضة العربية (أرض)، فنمت موهبته وتعلم مهنة الحلاقة بالكامل، وأكثر من ذلك فهو يشعر اليوم أنه لم يعد غريباً في الأردن الذي جاء إليه لاجئاً من سوريا، فقد صار يملك حرفة تحميه من تقلبات وصعوبة القادم.
بالإضافة إلى تعلم مهنة الحلاقة، يؤكد الشاب السوري، وسام شوشي (24 عاماً)، أن الدورة أفادته ليس على الصعيد المهني فقط، وإنما على الصعيد النفسي، فقد عززت جوانب القوة داخله والثقة بالذات، فحسب قوله “بعد ما أخذت الدورة ما عاد في فرق بيني وبين إلي معهم شهادة.. كلنا رح نشتغل بعلم “.
أما الشاب السوري، محمد الطعمة (28 عاماً) فكان تعلُّم مهنة الحلاقة حلمه منذ الصغر، لكنه لم يجد الفرصة المناسبة إلا من خلال مشروع صمم ومدرسة ثيودور شنلر، فاستغلها وتعلم المهنة بسهولة ويسر، بل إنه يعتبر أن تعلم الحلاقة كان مضاداً للإحباط الذي عانى منه طويلاً، خاصة وأنه بلغ الثامنة والعشرين من عمره وليس معه شهادة أو حرفة تؤهله للحصول على وظيفة أو تحسين سبل عيشه.
تأتي هذه المدونة ضمن سلسلة مدونات مشروع “صمم”، لتسليط الضوء على تجارب المشاركين والمستفيدين من الشباب الأردني واللاجئين، ورحلتهم للوصول إلى سوق العمل.
مشروع صمم يتم تنفيذه بدعم مادي من البرنامج الأوروبي الإقليمي للتنمية والحماية لدعم لبنان، الأردن والعراق (RDPP II) وهو مبادرة أوروبية مشتركة بدعم من جمهورية التشيك، الدنمارك، الاتحاد الأوروبي، إيرلندا وسويسرا.