الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

عودة اللاجئين السوريين: اعتبارات ومحددات

مشاركة

منذ الإعلان عن سقوط النظام السوري السابق، بدأ الحديث عن عودة اللاجئين السوريين البالغ عددهم أكثر من 6 ملايين لاجئ سوري في جميع دول العالم، حيث تناقلت وسائل الإعلام العديد من  المشاهد وصفت بأنها تجمعات للاجئين سوريين على الحدود اللبنانية والأردنية لديهم الرغبة بالعودة إلى بلادهم، تزامناً أيضاُ مع إعلان بعض الدول الأوروبية عن إيقاف النظر مؤقتاً في طلبات لجوء السوريين إلى حين اتضاح الصورة عن اتجاه سير الأمور في سوريا. وفي الأردن تحديداً تم الإعلان مؤخراً عن عودة أكثر من 18 ألف لاجئ.

في هذه المدونة، نسلط الضوء على الاعتبارات والمحددات التي حكمت عودة اللاجئين السوريين في الفترة السابقة، خاصة بعد أن كان هناك مشاريع ومبادرات عدة للنظام السابق في سوريا، ومن بعض الدول المستضيفة التي شجعت العودة الطوعية لهم. فما الذي حدّ من عودة اللاجئين السوريين سابقاً؟ وبالتالي، ما هي مجموعة الشروط الواجب توافرها لعودتهم؟ وكيف يمكننا تقدير سرعة عودتهم، إن تمت؟

شهدت الأعوام 2016 وصاعداً إصدار النظام السوري السابق العديد من مراسيم “العفو العام” والتي شملت الكثير من السوريين، لكنها لم تحقق عودة كبيرة. ويعود ذلك لعدة أسباب جعلت مخاوفهم ومخاوف أسرهم قائمة، مما منعهم من العودة، فضلاً عن حالة عدم الاستقرار الأمني في المدن والقرى السورية التي شكلت عاملاً رئيسياً في منع العودة. فانتشار مختلف أنواع الجرائم خلق شعوراً بالرهبة لدى اللاجئين.

العامل الاقتصادي كان له تأثير كبير أيضاً. فالكثير من اللاجئين فقدوا وظائفهم السابقة في القطاعين العام والخاص، بينما عانى أصحاب المهن الحرة من دمار أو فقدان أماكن عملهم وأدواتهم، أو أنهم اضطروا لبيعها. أما الزراعة، التي كانت النشاط الاقتصادي الأساسي لعدد كبير منهم، باتت شبه مستحيلة بسبب تدمير البنية التحتية.

كما أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا زادت من قتامة المشهد، حيث حدت من حركة التبادل التجاري وأضعفت الاقتصاد المحلي. هذه الظروف جعلت اللاجئين يرون العودة كخيار غير عملي، خاصة مع استمرار تدهور الأوضاع المعيشية.

إلى ذلك، وفرت المساعدات والخدمات التي تقدمها المنظمات الدولية والمحلية للاجئين في الدول المستضيفة، مثل الغذاء والتعليم والصحة وخدمات الحماية والمساعدة القانونية، شبكة أمان أساسية لهم. ورغم محدودية هذه المساعدات، إلا أنها كانت بالنسبة للعديد من اللاجئين أفضل من العودة إلى ظروف غير مضمونة داخل سوريا، ولا يتوفر بها هذا الدعم من المنظمات المختلفة.

بلا شك أن التغيرات التي حصلت في سوريا مؤخراً، أزالت العديد من العوائق السابقة لدى الكثيرين من اللاجئين السوريين، ففكرة عودة الأشخاص على سبيل المثال الذين كانوا يعملون سابقاً في الجيش وفي قوى الأمن أو المحكومين السياسيين قد لا تكون بذات الخطورة التي كانت سابقاً، إلا أن هذه المتغيرات لا تعني انتهاء كافة العوائق.

بالطبع، فإن كل ما ذكر سابقاً، هو عوامل ومحددات أساسية ولكنها ليست “الوحيدة” التي تشغل بال اللاجئين السوريين الذين يفكرون بالعودة، متسائلين هل أزيلت العوائق؟ ويقيمون حسابات وتوازنات بين العودة السريعة لقراهم ومدنهم ومناطقهم التي هجروا منها، أو الانتظار قليلاً إلى حين الاطمئنان ان الظروف أفضل فعلياً، ومنهم من لا يملك تكاليف العودة والاستقرار في سوريا، ومنهم قد يحتاج الى وقت لتنظيم بعض الأمور في حياته في البلدان المستضيفة.

وكذلك، هناك العديد من المسائل المرتبطة بحياة اللاجئين السوريين ومن يرغبون بالعودة، عبروا عنها عندما جاؤوا إلى منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) طلباً للاستشارة القانونية، وبحثاً عن إجابات للأسئلة التي تشغلهم. إذ أن خلال الفترة القليلة الماضية لجأ العديد من اللاجئين السوريين لمنظمة النهضة (أرض) طلباً للاستشارة القانونية، حيث قامت المنظمة بالرد على استفساراتهم حول مجموعة من القضايا المرتبطة بوجودهم بالأردن والمتعلقة بإمكانيات عودتهم إلى سوريا.

وعلى سبيل المثال، كانت بعض الأسئلة تدور حول المتطلبات اللازمة لتسهيل عودتهم لسوريا؟ وماهي الأوراق الرسمية التي يحتاجونها للعودة؟ وهل سوف تقدم المفوضية السامية للاجئين أي مساعدة لهم على الحدود الأردنية-السورية؟ كما أنهم استفسروا إذا ما كان بمقدورهم زيارة الأردن بعد عودتهم إلى سوريا في حال احتاجوا للعودة لسبب أو لآخر؟ وحول قدرتهم على اصطحاب أطفالهم أو أطفال أقاربهم معهم في حال قرروا العودة، وفي هذه الحالة ما هي الأوراق المطلوبة لذلك؟

بالإضافة إلى أسئلة تتعلق بقضايا تخص اللاجئين وهي قيد النظر من قبل القضاء الأردني، فما هو وضعهم القانوني بهذه الحالة؟ وغيرها حول قضايا ومواضيع يشوبها الغموض بالنسبة لهم، أو أنها ليست واضحة المعالم تماماً، إذ أن توضيح مثل هذه المسائل سوف يساعدهم على وضع خطط العودة والاستقرار واتخاذ القرارات التي يرونها مناسباً.

كما يجب ألا ننسى أن اللاجئين السوريين في الأردن لهم الآن العديد من السنوات، مما يعني أنهم أسسوا لحياة هنا، ومنهم من أنجب أطفالاً، أو أن أطفالهم على مقاعد الدراسة حالياً، ومن الشباب من هو على مقاعد الدراسة في الجامعات، كما أن من اللاجئين من أسس عملاً خاصاً به، أو أنه يشغل وظيفة ما، أو أن عليه التزامات معينة يجب الوفاء بها، وكل من هذه القضايا فيها من التشعبات القانونية الكثير، وهي القضايا التي أثارت لديهم العديد من التساؤلات حول كيفية حلها، وهنا فإن منظمة النهضة (أرض) وبالرغم من كل الظروف والتحديات وضبابية المشهد الحالي، تعمل لمد يد العون ومساعدة اللاجئين والإجابة على استفساراتهم وتقديم ما أمكنها من مساعدة.

كل هذه القضايا، إنما هي تأكيد على أن اللاجئين السوريين ليسوا في حالة انتظار فقط الى ما سوف تسير إليه الأوضاع في سوريا، بالعكس تماماً فمنهم بدأ بوضع خطط لعودتهم ويفكرون بالطرق التي تجعلهم يتجاوزون الفترة الأولى لعودتهم مع ما تحمله من تحديات وصعوبات. كما أن بعضاً من العائلات السورية بدأت تفكر بأن يعود فرد منها أو عدة أفراد إلى سوريا بحيث يقومون بتأسيس الأرضية التي تمكنهم من العودة والاستقرار، خاصة تلك العائلات التي لديها العديد من الأطفال الصغار الذين يريدون ضمان وجود مأوى لهم وقدرة على رعايتهم في بيئة تتوفر بها الخدمات المختلفة بأفضل شكل ممكن.

ودون شك، فإن مؤسسات المجتمع المدني المحلية تلعب دوراً محورياً في توفير الخدمات المختلفة للراغبين بالعودة من اللاجئين السوريين. فخلال الأسابيع القليلة الماضية فقط، تقديم المساعدة القانونية والإجابة على عشرات الاستفسارات حول العديد من القضايا المتعلقة باللاجئين السوريين وما يتعلق بعودتهم.

ختاماً، ما يمكننا توقعه من المؤشرات الحالية أن عودة اللاجئين السوريين بشكل طوعي إلى سوريا سوف تكون على شكل موجات، وسرعة وتيرة هذه الموجات مرتبط بحالة الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فكلما اتضحت الصورة في سوريا ومالت الأوضاع إلى الاستقرار، زادت رغبة السوريين بالعودة، وهو ما يعني أن على المنظمات الدولية والمحلية مسؤولية كبيرة في تقديم العون للاجئين، والحرص على توفير شروط الحياة الأساسية في حال عودتهم. وقد أشارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في موقفها من عودة اللاجئين السوريين إلى بعض القضايا التي تحتاج إلى أن تتوضح قبل أن تصدر إرشادات مفصلة لصانعي القرارات، كما أنها دعت إلى “تعليق إصدار قرارات سلبية بشأن طلبات الحماية الدولية المقدمة من المواطنين السوريين أو الأشخاص عديمي الجنسية الذين كانوا مقيمين سابقين في سوريا”. نظراً للتحديات التي ما زالت قائمة فيها.

ومن جانبها، تستمر منظمة النهضة (أرض) برصد كل ما يتعلق بأوضاع اللاجئين السوريين المتواجدين على الأراضي الأردنية، بما في ذلك من يرغبون بالعودة منهم. كما سيتم إلقاء الضوء في سلسلة المدونات القادمة على أبرز المسائل المتعلقة باللاجئين السوريين وأكثرها إلحاحاً من النواحي القانونية والاجتماعية والاقتصادية، والدور الذي تلعبه ويجب أن تلعبه مؤسسات المجتمع المدني المحلي في المراحل القادمة.