فتح إحراق شاب تونسي لنفسه، احتجاجًا على عدم شمله بالمساعدات الاجتماعية الاستثنائية التي رصدتها الجمهورية التونسية للفقراء لمواجهة جائحة كورونا، الباب واسعًا أمام الصعوبات المادية الكبيرة التي يواجهها آلاف العمال التونسيين بسبب الحجر الصحي العام المفروض في البلاد.[1]
قصة الشاب؛ تتوافق مع ما تقوم به منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، للوقوف على واقع حال الحماية الاجتماعية في الدول العربية، وجهود محاربة الفقر، بتخصيصها موجزات شاملة لمعرفة التدابير التي اتخذتها حكومات تلك الدول لتلبية احتياجات الفئات الأكثر تأثرًا من اللاجئين، وعمال المياومة، والنساء والأطفال، وكبار السن جراء فيروس كورونا المستجد.
وترصد منظمة النهضة (أرض) في هذا الموجز؛ استجابات حكومة تونس، ومنظماتها المدنية والحقوقية والإنسانية والعمالية، والمبادرات الشبابية، للفئات الأكثر تضررًا بالأزمة. حيث تحث المنظمة الحكومات العربية على تطبيق خطط استجابة طارئة لحماية الشعوب من الفقر.
إذن، كيف استجابت الحكومة التونسية لتأثيرات جائحة كورونا؟
دخلت جائحة كورونا إلى تونس في 2 آذار/مارس الماضي، فيما أعلنت حتى مساء العاشر من نيسان/أبريل الحالي عن 671 إصابة مؤكدة و25 حالة وفاة بالفيروس.
في 22 آذار/مارس الماضي؛ اتخذت السلطات التونسية حزمة إجراءات بشأن العمال والمؤسسات الاقتصادية، حيث تم تخصيص 300 مليون دينار تونسي على شكل مساعدات للعمال المعرضين للبطالة، و500 مليون دينار، كخط ائتمان لتمكين المؤسسات من الحصول على قروض جديدة للاستمرار في العمل.[2]
هذه الأرقام الكبيرة، تعيدنا لأعداد القابعين تحت عتبة الفقر في تونس، إذ يتجاوز العدد نحو مليون وسبعمئة ألف تونسي، العام الماضي، فيما يقدر البنك الدولي نسبة التونسيين المصنفين في خانة الفقر المدقع بـ3.5 بالمائة، إلى جانب 700 ألف فقير.[3] فيما تشير توقعات صندوق النقد الدولي الذي منح تونس قرضًا طارئًا بقيمة 745 مليون دولار؛ لدعمها في مواجهة جائحة كورونا، والتخفيف من تداعياته الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، أن تشهد البلاد “أعمق ركود اقتصادي لها منذ استقلالها عام 1956”. [4]
تبعات كورونا، لم تقتصر فقط على التونسيين، بل امتدت لتمس المهاجرين وطالبي اللجوء في تونس، بعد أن فقد كثر منهم قدرتهم على الشغل أو الاستفادة من مساعدات المنظمات التي كانت تقدّم لهم العون في تونس.
هذا الأمر بالذات، دفع لاجئين في أحد مراكز الإيواء في العاصمة تونس لإطلاق نداء استغاثة من أجل مساعدتهم على تخطي مرحلة الخطر. ويزيد عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس عن 3,500 لاجئًا، بالإضافة إلى أكثر من 20 ألف مهاجر جلهم من دول أفريقية يعيشون أوضاعًا اجتماعية ومعيشية صعبة قد تعمقها أزمة كورونا.[5]
وأمام هذه الجائحة، كثفت منظمات مدنية تونسية جهودها لنصرة المحتاجين في تونس عبر توزيع صناديق تحتوي مواد غذائية أساسية من حليب ومواد تنظيف.
في ذات الوقت، طالبت هذه المنظمات بحماية الفئات الأكثر هشاشة، خاصة المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء القاطنين في تونس، والذين لا يتمتعون بنفس حقوق التونسيين وخاصة الحق في الصحة منها.
إلى ذلك، تضاعفت معدلات العنف المسلط على النساء التونسيات خمس مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في حين أطلقت منظمات نسوية في تونس صفارات الإنذار بسبب ارتفاع معدلات العنف الزوجي، بالتوازي مع فرض الحجر الصحي في البلاد.[6]
وعلى مستوى المبادرات الشبابية، بادر تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً “فيسبوك”، بطرح مجموعتي “متطوعون ضد الكورونا”، و”متطوّعون من أجل تونس”، لتيسير أحوال المحتاجين، والمساهمة في أعمال التوعية وتوزيع المواد الغذائية، لمجابهة كورونا.[7]
أما على صعيد المنظمات الحقوقية واستجاباتها لجائحة كورونا، احتشدت نحو 12 منظمة وجمعية حقوقية تونسية، للمطالبة بعفو خاص عن أكبر عدد ممكن من السجناء والموقوفين، أو بالسراح المؤقت طبقًا للقانون، للوقاية من انتشار كورونا داخل السجون التونسية.
تلك المنظمات والجمعيات دعت رئيس تونس، قيس سعيد، عبر رسالة مفتوحة، إلى وقاية أكبر عدد من المسجونين بتطبيق شرط قضاء نصف العقوبة، والاستغناء عن المعايير الصارمة لحماية أكبر عدد ممكن منهم.[8]
[1] “كورونا” يعمق أزمة الفقراء في تونس
[2] تونس.. تفاصيل حزمة “دعم المواطن والشركات” لمواجهة كورونا
[5] اللاجئون في تونس… المعاناة مضاعفة مع كورونا
[6] خمس مرات.. كورونا يضاعف معدلات العنف الزوجي في تونس
[7] مبادرات مواطنية لمواجهة “كورونا” في تونس
[8] مطالبات حقوقية تونسية بالإفراج عن السجناء للوقاية من كورونا