الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

لنستمع للمستقبل: التعليم لغد أفضل لأطفالنا

مشاركة

بقلم جلال أبو صالح وزينب الخليل

 

تزامناً مع يوم الطفل العالمي، الذي يُصادف 20 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، تُسلّط الأضواء على حقوق الأطفال وأهمية تمكينهم من حياة كريمة تليق بإنسانيتهم. ويأتي شعار هذا العام “استمع إلى المستقبل! قف مع حقوق الأطفال”، حيث يركّز على التعليم كحق محوري، يجسد الأمل في مستقبل مشرق، خاصة للأطفال الذين يواجهون تحديات جمة تحول دون حصولهم على فرص التعليم النوعي.

ويؤكد خبراء في الشأن التعليمي والتربوي على ضرورة  الوصول إلى التعليم النوعي للجميع الأطفال بدءاً من مرحلة الطفولة المبكرة، المرحلة الأهم في بناء شخصية الطفل وقدراته التحليلية وإدراكه للعالم من حوله، وصولاً إلى استكشاف الطرق المناسبة للأطفال ليعبروا عن أنفسهم وأفكارهم، ومشاعرهم، فضلاً عن أهمية إيجاد عقلية نمائية وإيجابية لديهم تعينهم على التعامل مع  تحدياتهم، إلى جانب دعم اكتسابهم مهارات اللغة العربية.

وتلخص العديد من الدراسات والتقارير الدولية والعربية من مؤسسات مختصة بالتعليم والتربية أهم المشاكل والتحديات التعليمية التي تواجه الوطن العربي، مع مراعاة فروق واضحة بين الدول، على المستوى التعليمي، بتصاعد الحروب الأهلية وحالات عدم الاستقرار السياسي، كما هو الحال في سوريا والعراق واليمن وفلسطين ولبنان وليبيا والسودان، وغيرها.

وتعاني معظم الدول العربية، بما فيها الأردن، من انخفاض جودة مخرجات التعليم وعدم ملائمتها لاحتياجات سوق العمل وتشوهات هيكلية. ناهيك عن عودة مشكلة الأمية إلى التزايد بصورة مقلقة في العديد من الدول جراء تدهور الأوضاع السياسية والأمنية وغياب الاستقرار فيها، حيث تكشف المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، عن أن معدل الأمية في الدول العربية يبلغ 27,1 % مقارنة بـ16 % على مستوى العالم.

وحسب الألكسو، فإن عدد الأميين في العالم العربي يقارب الـ 54 مليون شخص، وهو عدد مرشح للارتفاع في ظل الأوضاع التعليمية المتردية والأزمات التي تمر منها المنطقة، إلى جانب النزاعات المسلحة التي تسببت إلى الآن في عدم التحاق قرابة 13,5 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي.

التعليم في الأردن: تقدم كمي وتحديات نوعية

عبر عمره الممتد أكثر من مائة عام، شهد الأردن تطوراً ملحوظاً في التعليم، مستفيداً من موارده البشرية لتعويض شُح الموارد الطبيعية. ورغم احتلال الأردن المرتبة الخامسة عربياً و45 عالمياً وفق مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لعام 2021، ورغم اعتبار هذا التصنيف متقدم نسبياً، إلا أن هناك مؤشرات مقلقة.

فيما أظهرت التقارير الحديثة تراجع المملكة في تصنيفات جودة التعليم، المدرسي أساساً، وفق بعض التصنيفات والمقاييس العالمية كامتحان بيزا، الذي أشار إلى أن  الأردن أصبح في قائمة أدنى سبع دول على مستوى العالم .فبعدما تقدم الأردن في تقييم 2018 حيث تبوأ المركز الثاني عربياً بعد الإمارات، إلا أن النتائج التي صدرت مؤخراً 2023 أظهرت أنه قد تراجع إلى ذيل قائمة الدول العربية لتتقدم كافة الدول العربية على الأردن ما عدا المغرب.

من الناحية الكمية، يضم الأردن (7434 مدرسة) تخدم أكثر من مليوني طالب منها (3865 تتبع وزارة التربية)، (3354 مدرسة تتبع التعليم الخاص)، و(169 مدرسة وكالة الغوث)، و (46 مدرسة حكومية أخرى). بينما بلغ عدد الطلاب في المملكة (2114719 طالبًا وطالبة)، وبلغ عدد   المعلمين (136062 معلمًا ومعلمة)، وهو ما يوضح أنه بالرغم من زيادة عدد المدارس والمؤسسات التعليمية، إلا أن مخرجات التعليم لا تتناسب مع متطلبات سوق العمل ومتغيرات العصر.

 

منظمة النهضة (أرض): إيمانٌ راسخ بأهمية النهوض بالتعليم

ومنذ تأسيسها عام 2008، تبنت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) قضية التعليم كجزء أساسي من استراتيجيتها لدعم حقوق الإنسان والتنمية. وركزت على: استراتيجية النهضة التعليمية “نحو تعليم رسمي شامل ومتكامل في الأردن”: حيث طورت المنظمة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الوصول للتعليم النوعي وفرص التعلم مدى الحياة للجميع ركيزة أساسية للتخفيف من الفقر وتفعيل التحول الاجتماعي المستدام.

وأيضاً على تعزيز الوصول إلى التعليم الشامل، من خلال تنفيذ مشاريع مثل “الاستثمار في المستقبل” و”التعليم من أجل المستقبل”، و”تعزيز التعلم لتحسين فرص الحياة للطلبة في الأردن”، وعبر مبادرات مثل “تمكين بعضنا البعض” و”وصول الاطفال الشامل للعدالة” و”حقنا” وغيرها. حيث استهدفت المنظمة الفئات الأقل حظاً ، بما في ذلك اللاجئين والأطفال من ذوي الإعاقة.

وفي مجال تنسيق الجهود الوطنية لتحسين التعليم؛ أطلقت المنظمة “التحالف الوطني لمستقبل التعليم في الأردن (نافع)” عام 2017، ليكون منصة لتعزيز جهود إصلاح التعليم وضمان الوصول إلى تعليم شامل ومستدام.

أما بخصوص الشراكات المؤثرة، فشاركت منظمة النهضة (أرض) في العديد من الأنشطة والفعاليات وورش العمل المتعلقة بالعملية التعليمية والنهوض بها، حيث كان لها دور مؤثر وفعال في إثراء النقاشات وتكامل الجهود.

تطوير تعليمي مستدام لمستقبل أفضل

أخيراً؛ تتطلب مواجهة التحديات التعليمية عملاً مشتركاً بين الحكومات، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والأفراد، للوصول إلى تعليم شامل ومستدام للجميع. حيث أن الأولويات الرئيسية تشمل تطوير المناهج لتكون أكثر مواءمة مع متطلبات العصر وسوق العمل، وتمكين المعلمين عبر برامج تدريبية مستمرة تعزز قدراتهم وتواكب التطورات العالمية. كما يعد دمج الفئات المهمشة، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة والأطفال المتأثرين بالنزاعات، ضرورة لتعزيز العدالة في التعليم.

ومن المهم أيضاً إدراج قضايا البيئة والتغير المناخي في المناهج الدراسية، وذلك كخطوة أساسية لضمان استدامة التعليم ودوره في مواجهة التحديات البيئية المستقبلية. كما يتطلب تحسين التعليم حواراً وتبادلاً للخبرات بين الجهات المختلفة، وتوفير الموارد اللازمة. إلى جانب مراجعة وتطوير أنظمة المساءلة والجودة التعليمية لتقييم الأداء وضمان التقدم.

إضافة إلى ذلك، يمثل تدريب الشباب وتأهيلهم للاستثمار بمهاراتهم خطوة حاسمة في تعزيز فرصهم للمشاركة الاقتصادية والسياسية، مع الاعتراف بالتعليم غير الرسمي كأداة للتطوير. وبهذه الجهود المشتركة، يمكن بناء نظام تعليمي شامل يساهم في تحقيق التنمية المستدامة والمستقبل المشرق للجميع. وصولاً أيضاً، إلى ضرورة الالتزام بحقوق الأطفال في التعليم، والصحة، والحماية. ولأن الأطفال هم المستقبل، فإن ضمان حقهم في التعليم هو استثمار في مستقبل مجتمعاتنا وأوطاننا. فلنستمع إلى أصواتهم، ونقف معهم، ونعمل من أجلهم.