الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

الاعتراف بالّلاجئين بما هو أبعد من عمليّة تحديد وضع اللّجوء: التوثيق المدني والقانوني للّاجئين واللّاجئات السّوريّين في الأردن

مشاركة

أليكساندر بورلين وربى أحمد

غالباً ما يعرّف الاعتراف باللاجئين على أنه عمليّة تحديد حالة الفرد القانونية  كلاجئ، وذلك  وفقًا للتّعريفات المحددّة في اتفاقيّة عام 1951 والخاصّة بوضعه. إلّا أنّ اللاجئين واللاجئات وطالبي/طالبات اللجوء يحتاجون أشكالًا مختلفة من الوثائق القانونيّة للحصول على الحماية والوصول إلى حلولٍ مستدامة، بما فيها الاعتراف بهويّتهم القانونيّة عن طريق حصولهم على وثائق قانونيّة ومدنيّة، وتزداد أهمّيّة هذا الأمر حين تمتلك  الدولة المضيفة إطار عمل قانوني وضعيف لحماية اللاجئين، وحين تكون عمليّات تحديد وضع  اللاجئين الرسمية فيها محدودة النطاق فيما يخصّ حماية  اللاجئين واللّاجئات. توضّح دراسةٌ أعدّتها منظّمة النّهضة العربيّة للديمقراطيّة والتّنمية (أرض) في ربيع عام 2020 1 والمقابلات الفرديّة مع عاملين وعاملات في مجال المساعدة القانونيّة، أهمّيّة التوثيق المدنيّ والقانونيّ في سياق أزمة اللّجوء السّوري في الأردن، وتسلّط الضّوء على مشاكل التوثيق، والحماية، والمصاعب، والممارسات الفضلى.

الاعتراف والتوثيق في الأردنّ

سعى 1.3 مليون سوريّ وسوريّة لإيجاد مأوى في الأردن منذ اندلاع الحرب الأهليّة في سوريا عام 2011. 2 وعلى الرّغم من عدم توقيع الأردن على اتفاقيتي عام 1951 أو 1967 الخاصّتين بوضع اللّاجئين، يستطيع السّوريّون والسّوريّات التّسجيل مع المفوّضيّة السّامية للأمم المتّحدة لشؤون  اللاجئين تحت مذكّرة التّفاهم بين الأردنّ والمفوّضيّة السّامية للأمم المتّحدة لشؤون  اللاجئين لسنة 1998، والحصول على شهادة التّسجيل لدى المفوّضيّة. بدأت وزارة الدّاخليّة الأردنيّة في عام 2014 بإصدار بطاقة خدمة للسّوريّين والسّوريّات المسجّلين مع المفوّضيّة السّامية (بطاقة وزارة الدّاخليّة). وعلى الرّغم من أنّ المفوّضيّة السّامية للأمم المتّحدة لشؤون  اللاجئين في الأردن تجري عمليّات تحديد وضع  اللاجئين لفئة قليلة من السّوريّين والسّوريّات بمفردها وذلك “اعتمادًا على الاحتياجات المحددة”3، إلّا أنّ شهادة التّسجيل لدى المفوضيّة وبطاقة خدمة السّوريّين والسّوريّات تقدّمان اعترافًا بحالة الّلجوء أمام الحكومة والمنظّمات الإنسانيّة. تحمي البطاقة والشّهادة السّوريّين والسّوريّات من الإعادة القسريّة كما تسهّلان الوصول للخدمات العامّة كالتعّليم المجّانيّ والخدمات الصّحّيّة المدعومة حكوميًّا.

وفي حين يشكّل الاعتراف بحالة اللّجوء جزءًا هامًا من ضمان الحماية للسّورييّن والسّوريّات في الأردن، إلّا أن هذه الحماية مؤقّتة ومحدودة، وتحتاج البطاقة والشّهادة للتجديد  سنويًّا ولا تقدّمان منظومة متكاملة من الحقوق القانونيّة، فعلى سبيل المثال، لا يفضي الاعتراف باللّجوء إلى حقّ التوطين أو الزواج أو الإرث أو العمل أو امتلاك العقارات، إلخ. أمّا على مستوى الحياة اليوميّة وفي سبيل القدرة على التّمتّع بالحماية طويلة المدى والشّاملة، يحتاج اللاجئون واللّاجئات السّوريّون والسّوريّات أشكالًا أخرى من الاعتراف والتوثيق القانوني، كشهادات الولادة والزّواج والوفاة وجوازات السّفر، ودفاتر العائلة، وبطاقة التعريف الوطنية، وهي وثائق تمكّن  اللاجئين واللّاجئات من إثبات الشخصية وصلات القربى.

مشاكل التوثيق المدنيّ والقانونيّ

وكما هو الحال مع معظم الأشخاص المهجّرين قسريًّا، لا يمتلك الكثير من السّوريّين والسّوريّات في الأردن وثائق مدنيّة أو قانونيّة. ويمكن تقسيم المشاكل المتعلّقة بهذا الموضوع إلى ثلاث فئات:

  • غياب التوثيق: لم يتمكّن بعض السّوريّين والسّوريّات من جلب بطاقات الهويّة الخاصّة بهم عند مغادرتهم لسوريا، فدخلوا الأردن دون وثائقهم. بين عاميّ 2011 و2013، صادرت الحكومة الأردنيّة ما يقارب 220,000 وثيقة هويّة من السّوريّين والسوريات  الذين دخلوا الأردن عن طريق معابر غير رسميّة ولم تعدها إلا بعد سنوات. إضافةً إلى ذلك، أضاع بعضهم وثائقهم أو ضُلِّلوا للتخلص منها.
  • التوثيق الخاطئ: حين وجد البعض أنفسهم دون وثائق في الأردن، لجأوا إلى استخدام وثائق تحمل معلومات خاطئة، فمنهم من استخدم بطاقات تعود لأحد الأقارب، كما استخدم بعضهم وثائق مغلوطة خوفًا من الملاحقة في حال معرفة هويّتهم. لذلك، سجّل العديد منهم مع المفوضيّة، والحكومة الأردنيّة، وسلطات أخرى بشكل غير قانونيّ باستخدام معلومات مغلوطة.
  • التوثيق غير الرسمي: انتشار التوثيق غير الرسمي هو إحدى نتائج غياب التوثيق الأخرى، فعلى مدى العقد الماضي، لجأ السّوريّون والسّوريّات إلى تحصيل الوثائق بطرق غير رسميّة كالسّوق السوداء. قد يكون هذا التوثيق صحيحًا أو مغلوطًا  إلا أنه غير قانونيّ في كلا الحالتين. لوحظت هذه المشكلة مع وثائق اللّجوء، كما استحصل السّوريّين والسّوريّات على بطاقات خدمة الجالية السّوريّة عن طريق السّوق السّوداء.

غالبًا ما يواجه الأشخاص مشاكل  متعددة في الحصول على الوثائق المدنيّة والقانونيّة المختلفة، وقد يستخدمون وثائق مختلفة للتّسجيل مع المؤسّسات الحكوميّة والإنسانيّة.

مع امتداد أزمة اللّجوء، تتفاقم مشاكل التوثيق وتزداد تعقيدًا . فتسبّب حالات الوفاة والزّواج والإنجاب مشاكل أكبر بسبب تغيّر صلات القربى. أولًا، استخدم البعض الوثائق المغلوطة المذكورة سابقًا في توثيق الأحداث المدنيّة، ممّا أفضى لشهادات زواج غير قانونيّة وشهادات ولادة لا توثّق الهويّة القانونيّة للأطفال. ثانيًا، لم يتمكّن العديد من السّوريّون والسّوريّات من توثيق الأحداث المدنيّة بسبب التّعقيدات في نظام التّسجيل الأردنيّ، فعلى سبيل المثال، يتزوّج العديد منهم عن طريق الشّيوخ وفقًا للعادات السّائدة في سوريا. ويجرّم قانون الأحوال المدنيّة الأردنيّ وفقاً للمادّة 36 فقرة (ج) الزّواج غير الموثّق رسميًّا  كما يوجِب توثيقه في المحكمة الشّرعيّة ودفع رسوم قيمتها ألف دينار أردني. وبما أنّ وثيقة الزّواج الرّسميّة ضروريّة لاستصدار شهادة ولادة، يستعصي على بعض السّوريّين والسّوريّات تسجيل أطفالهم في المحاكم المدنيّة، فعلى الوالدين الحصول على موافقة خاصّة من محكمة الصّلح وفقًا للمادّة 34 من قانون الأحوال المدنيّة لتسجيل الطفل في حال مرور عام على الولادة دون تسجيله أو تسجيلها رسميًّا، وهي عمليّة معقّدة وصعبة المنال. ومن هذا المنطلق، أدت حالة التّهجير الممتدّة إلى زيادة عدد  السّوريّين والسّوريّات من فاقدي الوثائق المدنيّة الصحيحة.

تحدّيات الحماية المرتبطة بمشاكل التوثيق

تحدّ مشاكل التوثيق المدنيّ والقانونيّ  اللاجئين واللاجئات من حصولهم على هويّة قانونيّة تعترف بها السّلطات المختصّة، ممّا يؤدّي إلى سلسلة من التحدّيات بما يخصّ الحماية:

عدم القدرة على ممارسة الحقوق المدنيّة والسّياسيّة: يعني عدم امتلاك الوثائق المدنيّة والقانونيّة فقدان القدرة على ممارسة الحقوق المدنيّة والسّياسيّة المرتبطة بهذه الوثائق، مثل الحقّ في الحصول على الطّلاق (شهادات الزواج)، والحقّ في الحصول على الجنسيّة (شهادات الولادة)، والحقّ في الحصول على الإرث (شهادات الولادة والزواج والوفاة). تشكّل عوائق التوثيق المدنيّ مشكلة للأطفال السّوريّين والطفلات السّوريّات على وجه التحديد. فلا يمكن إثبات هويّتهم قانونيًّا من دون شهادة ولادة صحيحة، ممّا يعني عدم قدرتهم على الحصول على جنسيّة الوالدين، بالتّالي، فهم مهدّدون بأن يكونوا عديمي الجنسيّة.

خطر مواجهة اتهامات جنائيّة: قد يواجه اللاجئ أو اللاجئة السّوريّون تهمة التزوير في حال استخدامهم لوثيقةٍ غير صحيحة أو غير رسميّة. وفقًا للقانون الأردني، تمتدّ عقوبة التّزوير من ثلاثة شهور إلى خمسة وعشرين عامًا بناءً على وقت ارتكاب الجريمة. عادة ما يُحكم على السّوريّين والسّوريّات من مرتكبي التّزوير بثلاثة أو ستّة شهور سجن. على الرّغم من غياب إحصائيّاتٍ رسميّة، يقول العاملون والعاملات في مجال الدعم القانونيّ بأنّ هناك عددًا كبيرًا من هذه الحالات، خاصّةً تلك التي حصلت خلال السّنوات الأولى للأزمة.

محدوديّة الوصول للعدالة: يتفادى  اللاجئ أو اللاجئة من السوريين التعامل مع السلطات الرسميّة في حال عدم امتلاكهم أوراقًا ثبوتيّة خوفًا من الاتّهاماتٍ الجنائيّة. يشكّل هذا الأمر عقبةً أمام الوصول إلى العدالة، فيخشى اللاجئ أو اللاجئة السّوريّون تقديم شكوى في حال تعرّضهم للأذى خشية من اكتشاف استخدامهم أوراقًا غير صحيحة. ينعكس هذا على جميع مناحي الحياة ومنها الحصول على الحماية العمّاليّة.

فقدان الفرص والخدمات: يعني عدم امتلاك وثائق مدنيّة أو قانونيّة صحيحة خسارةً للفرص والخدمات. على الرّغم من أنّ أغلب المؤسّسات الإنسانيّة تكتفي بشهادة التّسجيل مع المفوّضيّة أو بطاقة خدمة الجالية السّوريّة، إلّا أنّ بعض البرامج والمنح تطلب وثائق مدنيّة وقانونيّة إضافيّة. مثّل هذا مشكلة في بداية الأزمة، حين كانت بعض الجهات الدّاعمة تطلب وثائق أخرى من أجل برامج المال مقابل العمل أو المال مقابل الإيجار. بالإضافة إلى ذلك، قد يتفادى الأشخاص الذين استخدموا  أوراقًا غير صحيحة  أو رسميّة سابقًا الالتحاق بفرصٍ أو طلب خدمات معيّنة خوفًا من اكتشاف أمرهم.

خطر ازدياد الأنشطة غير القانونيّة ومن ضمنها الاتّجار بالبشر: يميل اللّاجئون واللّاجئات السّوريّون الّذين يواجهون مشاكل في تحصيل أوراق ثبوتيّة إلى الاعتماد على طرق غير رسميّة أو غير قانونيّة للوصول إلى الفرص والعدالة والخدمات، وذلك من خلال  خدمات الاتّجار بالبشر والانتقام باستخدام العنف. وقد يُترك الّلاجئ أو الّلاجئة في بلدٍ ثالث دون وثائق أو مساعدة قانونيّة، ممّا يجعل الاتّجار بالبشر أكثر خطورة.

العوائق في وجه الحلول طويلة الأمد ومستدامة: تشكّل مشاكل التوثيق عوائق كبيرة بما يخصّ العودة إلى الوطن أو إعادة التّوطين. فمن ناحية، قد تمنع السلطات السّوريّة الأشخاص من الدّخول للبلاد في حال عدم امتلاكهم أوراقًا تثبت جنسيّتهم السّوريّة، كالأطفال الذين لم يحصلوا على شهادات ولادة. من ناحيةٍ أخرى، تصعّب هذه المشاكل من عمليّة إعادة التوطين، فبعض الدول تحتاج للتحقّق من وثائق  اللاجئين واللّاجئات القانونيّة والمدنيّة. علاوةً على ذلك، تستمر آثار هذه المشاكل حتّى عند العودة إلى سورية أو الانتقال إلى بلدٍ بغرض إعادة التوطين، فعلى سبيل المثال، في حال تصويب أوضاع التوثيق للأطفال من حاملي الأوراق الثّبوتيّة غير الصّحيحة، فقد تبقى سجّلّاتهم الدراسية  السابقة في البلد المستضيف غير صحيحة.

الممارسات الفضلى لحل مشاكل التوثيق

تعاون أصحاب المصلحة الإنسانيّون في الأردن منذ بداية الأزمة السّوريّة لإطلاق سلسلة من المبادرات التي تساعد السّوريّين والسّوريّات على الحصول على وثائق صحيحة، والاعتراف بهويّتهم السّوريّة بالتالي. تتضمّن هذه المبادرات برامج المناصرة، والاستشارات القانونيّة، ورفع الوعي، والدّعم الماليّ، وتركّز في بعض الأحيان على قضايا التوثيق المدنيّ والقانونيّ فقط، وفي أحيان أخرى، تجمع معها قضايا  اللاجئين واللّاجئات المتعلّقةً بالتوثيق. علاوةً على الخدمات المُقدّمة، أدّت هذه البرامج إلى تطوّرات مهمّة على مستوى المؤسّسات والسّياسات والقوانين:

  • 2013: إصدار تعليمات حكومية بإيقاف مصادرة بطاقات الهويّة السّوريّة.
  • 2014: إنشاء محاكم شرعيّة ومدنيّة في مخيّمات اللجوء الرسمية.
  • 2014: إعفاء الأزواج المتزوّجين بشكل غير رسمي من الغرامات مؤقتًا.
  • 2015: إعفاء الأزواج المتزوّجين بشكل غير رسمي من الغرامات مؤقتًا مرّة أخرى.
  • 2018: إعلان فترة سماح تمكّن السّوريّين والسّوريّات المسجّلين باستخدام وثائق غير قانونيّة من تصويب أوضاعهم واستصدار بطاقة خدمة الجالية السّوريّة من وزارة الدّاخلية الأردنيّة.
  • 2018: إنشاء لجنة خاصة تحت مظلّة وزارة الدّاخليّة لتيسير تصويب الحالات القانونيّة المعقّدة.
  • 2019: إصدار عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل شهر كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2018 ليشمل الجرائم المتعلّقة بالتوثيق المدنيّ والقانونيّ.

من الممكن استخلاص بعض الممارسات الفضلى بما يخص زيادة القدرة على الحصول على التوثيق المدنيّ والقانونيّ الصّحيح من خبرة منظمة النهضة (أرض) في المشاركة في هذه البرامج:

التعاون في المناصرة: كانت الحملات المتعلّقة بالتوثيق الّتي تعاون فيها مقدّمو المساعدة القانونيّة، والمفوضية السّامية، والحكومة الأردنيّة هي الأكثر فعالية. ففي ظل التعقيدات المدنيّة والمتعلّقة بالتوثيق، من المهمّ تواجد جهات متعددّة تستطيع التّعامل مع مختلف المناحي. على سبيل المثال، في العديد من الحالات، كان هناك حاجةٌ لمجموعة  من الإجراءات، كالتّعديلاتٍ القانونيّة من جهة الحكومة الأردنيّة، والتّمثيل القانوني المجّاني، وحملات المفوضيّة السامية لنشر المعلومات. وفي سبيل حشد جميع العاملين، دعا العاملون في مجال المساعدة القانونيّة إلى ربط القضايا. على سبيل المثال، أصبحت الحكومة الأردنيّة أكثر اهتمامًا  بحل مشاكل التوثيق الخاصّة ب اللاجئين واللّاجئات عندما أدركت وزارة الداخليّة المخاطر الفرعيّة المترتبة عليها، كازدياد نشاط السّوق السوداء.

بناء البنية التّحتيّة المؤسّسية: قام أصحاب المصلحة في الأردن بمأسسة جهود المناصرة المشتركة عن طريق إنشاء أقسام وشبكات متخصّصة. فعلى سبيل المثال وفي شهر نيسان/أبريل من عام 2014، تأسست مديريّة شؤون  اللاجئين السّوريّين كهيئة منفصلة ضمن وزارة الداخلية لترعى جميع شؤون  اللاجئين واللّاجئات السّوريّين، وعملت كوسيط بين المجتمع المدنيّ والحكومة الأردنيّة. علاوةً على ذلك، بين شهري آذار/مارس من عام 2018 وآذار/مارس من عام 2019، أسّست الحكومة الأردنيّة لجنة خاصّة لإصدار أحكام قانونيّة اجتهاديّة للتّعامل مع قضايا التوثيق المدني والقانوني المعقّدة التي قد يواجه أصحابها عقوباتٍ وفقًا للقانون الأردني لولا وجود اللّجنة. كلا الهيئتين أساسيّتان لضمان المرونة المطلوبة للتعامل مع التحدّيات القانونيّة للّاجئين واللّاجئات في الأردن.

التطبيق المبكر للتحليل القانونيّ: تزداد تعقيدات التحدّيات المدنيّة المتعلّقة بالتوثيق مع مرور الوقت، خاصّةً عندما يستخدم اللّاجئون واللّاجئات وثائق غير صحيحة لاستصدار وثائق جديدة مبنيّة على وثائق غير صحيحة مثل شهادات الولادة أو الزّواج أو تسجيلها. ومع أنّ المنظّمات الدولية تتغاضى في بعض الأحيان عن المشاكل القانونيّة خلال “فترة الإغاثة”، إلا أنّ هذا الأمر غير محبّذ. فخلال أزمة اللّجوء العراقيّ في الأردنّ في بداية عام 2000، أدّى غياب جهود المناصرة والدّعم إلى مشاكل مدنيّة وتوثيقيّة ممتدّة كانت صعبة الحل.

الحلول الشاملة: ومع أخذ  مجموعة التحديات  التي تمنع  اللاجئين واللّاجئات من الحصول على معلومات قانونيّة ومدنيّة صحيحة بعين الاعتبار، فمن الأساسي أن يطرح العاملون على قضايا التوثيق برامج دعم شاملة للمستفيدين والمستفيدات. تعتمد هذه البرامج على السّياق وتطوّر حالة مشاكل التوثيق، لكنّها قد تتضمّن: نشر المعلومات حول أهمية التوثيق، وتقديم المساعدة الماليّة للتحفيز على تصويب الأوضاع، وتقديم التمثيل القانوني في المحاكم، وتأسيس محاكم ومكاتب قانونيّة متخصصّة، وتقديم الدعم النفسي بهدف بناء الثقة بالسلطات.

القيادات المحليّة: غالبًا ما تتفرّع تحدّيات التوثيق من طريقة تفسير التشريعات الوطنيّة وتطبيقها. لذلك ومن أجل ضمان تصميم برامج فعّالة وتطبيقها أيضًا، يغدو من الأساسيّ للجهات الدّاعمة والمنظّمات الدّوليّة تمويل عمّال الإغاثة والخبرات القانونيّة ذات الفهم الدّقيق للسّياق المحليّ والتعاون معها أيضًا. على سبيل المثال، دعت بعض الجهات إلى حذف قوانين أو موادّ قانونيّة أردنيّة متعلّقة بالتوثيق أو تغييرها، إلّا أنّ هذا يفضي إلى عمليّة بيروقراطيّة طويلة في الأردن. بينما دعا مقدّمو المساعدة القانونيّة إلى إصدار قوانين محلّيّة تتضمّن تشريعاتٍ وقراراتٍ تسهّل الحصول على التوثيق القانوني والمدني.

نحو المستقبل

خلال فترة كتابة هذا التّقرير، كانت جائحة فيروس كوفيد-19 قد أفضت إلى تحدّيات جديدة بما يخصّ التوثيق القانوني والمدني في الأردن. أدّى الحظر الشامل الّذي أعلنته الحكومة يوم 12 آذار/مارس 2020، إلى توقّف عمل المحاكم الشّرعيّة والمدنيّة لأكثر من شهرين. خلال هذه الفترة، لم يتمكّن اللّاجئون واللّاجئات السّوريّين من تسجيل أحداثٍ مدنيّة مهمّة كالزّواج والولادات، كما توقّفت العمليّات القانونيّة المتعلّقة بقضايا التوثيق القائمة مسبقًا، ومن الصّعب تقدير أثر هذا على قضايا التوثيق على المدى الطّويل. يشكّل الإسقاط المؤّقّت للغرامات فيما يخصّ التأخير في التوثيق الّذي قدّمته الحكومة ضمن قانون الدّفاع رقم 5 لعام 2020  تطورًا إيجابيًا، إلّا أنّ الحظر أدّى إلى زيادةٍ في أعداد الزواج غير الرسميّ والولادات المنزليّة التي تمت دون حضور قابلاتٍ مرخّصات، بجانب خطر اعتقاد السّوريّين والسّوريّات بعدم أهمّيّة التّسجيل بعد انتهاء الحظر، ممّا سيكبّدهم عقوباتٍ قانونيّة. من هذا المنطلق، أكدت جائحة كوفيد-19 أهمّيّة مراقبة التطوّرات في قضايا التوثيق، والنشر السريع للمعلومات الصّحيحة، وإطلاق مبادرات تعالج التحديات الخاصّة بالسياق المحلّي.

أليكساندر برلين  alexanderburlin@nyu.edu

باحث زميل في جامعة نيويورك أبوظبي

https://nyuad.nyu.edu/en/

ربى أحمد ruahmed@ardd-jo.org

مديرة البحث السّابقة في منظّمة النّهضة العربيّة للديمقراطيّة والتّنمية (أرض)

https://www.ardd-jo.org/

نشر هذا المقال ابتداء على موقع Refugee Law Initiative

المراجع:

[1] ورقة العمل

[2] وفقًا  لتقديرات الحكومة. الرّقم الرّسميّ للمسجّلين مع المفوّضيّة السّامية في شهر أيلول/سبتمبر من عام 2020 هو 659,673.  للاطلاع على آخر المستجدّات، يمكن زيارة الموقع https://data2.unhcr.org/en/situations/syria/location/36

[3] “تحديد وضع اللجوء” المفوّضيّة السّامية للأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين، تم الولوج إلى المصدر في14 حزيران/يونيو 2020، https://help.unhcr.org/jordan/en/helpful-services-unhcr/refugee-status-determination/