الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

الوعي أولًا.. عن علاقة أطفالنا بلغة “الضّاد”

مشاركة

لا نحتاج إلى كثير عناء لتلمّس حالة الضعف العامة في استخدام وتعلم اللغة العربية لدى أطفالنا. فالمشكلة، هنا، ليست وليدة اللحظة، لكنها كبيرة أكثر من أيّة أزمنة أخرى. وهو ما أكده البنك الدولي مؤخرًا، إذ تبين أنّ  52% من الأطفال في الأردن، خصوصًا في صفوف الابتدائي يعانون من “فقر التعلم والقراءة”، الأمر الذي أثار حقيقة وجود مشكلة مشتركة يتحملها الأهل والهيئة التدريسية والطالب.

حالة الضعف تلك، تفاقمت بعد فقدان الأهالي والمؤسسات التعليمية “القدرة” على تعظيم التراث والهوية العربية في نفوس الطلبة والأطفال معًا، غير آبهين بعمق اللغة العربية وسعتها التاريخية الكبيرة، وارتباطها ببنى المجتمع، الاقتصادية، والسياسية، والدينية، والاجتماعية منها.

“الوعي أولاً”، هو الشّعار الأدق عند مناقشة أهمية اللغة لبناء وعيٍ جديد عند أطفالنا، وكيف يمنحهم هذا لغة تخاطب جديدة تتناسب مع العصر الذي يعيشونه بكل أدواته ومعطياته، من خلال تمكين أطفالنا من قراءة القصص والشعر والسّير، والاطلاع على هوية وثقافة الأمة وتراثها وذاكرتها.

وبناء حالة الوعي هذه فقط غير كافٍ. فهناك حقيقة تستوجب المواجهة، وتتمثّل بفقدان، بل وغياب، قيم الاعتزاز والانتماء ومبادئه عند معظم أطفالنا، فيما يقابلها إشكاليّة طرق استخدام وتعليم لغة الضاد (العربية) في المدارس والجامعات، والبيوت أيضًا، ما يعني أننا رهينة قوالب قديمة بحاجة للتجديد.

وقد يكون أهم أشكال التجديد بممارسة الأطفال أدوات جديدة في تعلم اللغة العربية كأدوات التعليم اللانمطي التي تدفع بالمتلقي نحو التفكير والتفاعل لكسب المعلومة، الأمر الذي يساعد على تسلحيهم بالمهارات اللازمة والمطلوبة.

علميًا، اللغة هي مفتاح التجديد والتحرر من الانغلاق والجمود ومن الأزمات المزمنة التي تفتك بالعالم العربي، ما يعني أننا بحاجة، وأكثر من أي وقت مضى، إلى الاستثمار في عقول الأطفال، وتعريفهم بهويتهم وعقيدتهم بصورة سليمة.

ويجد متخصّصون أن اللغة العربية تعاني من أزمات معاصرة طال أمدها، تعكس، مشكلات أكبر ترزح تحت وطأتها الأمة العربية. وذلك بدءًا من الثقافة وأنظمة التعليم ومناهجه، وتفشّي العامية واللغة الإنجليزية في المحافل الثقافية، والعلمية، والإعلامية، وليس انتهاءً بضعف المحتوى العربي الموجّه للأطفال، مقارنة بتوفر منشورات بلغات مختلفة تخاطب هذه الفئة.

الأمر إذن، ينذر بكارثة حقيقة، وعلاجها يبدأ من القلب والفكر، وعلى الأهل والمؤسسات التعليمية وغير التعليمية بكافة أدواتها وبرامجها، إقناع هذه الأجيال بمعنى أن تكون عربيًا، بإتاحة وسائل وأدوات تجذب هؤلاء النشء وتغريهم بالنبش في سر الضّاد، بعيدًا عن النفور.

ومعنى ذلك، أن الأساس يبدأ من التعليم (البيتي والمدرسي). لذا، يجب أن نلجأ إلى تغيير جوهري في سياسة تعلّم اللغة العربية في مراحل التعليم المختلفة وربطها مع ميادين الحياة، ومواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل.

في هذا السياق، يقترح مختصون وأكاديميون ضرورة تنظيم أنشطة لا منهجية للطلبة بهدف تنمية الكفاية اللغوية لديهم، بالتزامن مع التركيز على مساقات مهارات اللغة العربية الإجبارية في مختلف التخصّصات.

على أمل أن تطفو كثافة النور على سطح العتمة لتمزّق ما نمرّ به من أزمات، ونحظى بجيلٍ يحترف الضّاد، ما يستلزم وجود مناضلين وأهلٍ يؤمنون بأهمية العربية وخطورة إهمالها، ويحملون على عاتقهم مهمة حمايتها وإحيائها في نفوس هذه الأجيال، وهي مسؤولية وطنية ينبغي أن تتعاون فيها جميع الجهات المعنية، وعلينا التمسك بلغتنا لأنها مكوّن أساسي من مكوّنات هذه الهوية، لنعود أمّة ما نطقت أمّة سواها بالضّاد.