الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

توفير الاحتياجات الأساسية كحافز اقتصادي

مشاركة

بقلم رمزي منصور

لا يمكن أن تقتصر حلول معالجة الآثار الاقتصادية لكوفيد19- على جانب العرض في ضوء فقدان موارد الدخل على نطاق واسع مع ما يرافقه الطلب الحذِر. ولحفز هذا الطلب في بلد يخرج من فترة حظر وإغلاق جزئي وكلي استمرت لما يقارب 70 يومًا ويعتمد فيه قسم كبير من السكان على الأجور اليومية غير الرسمية كمصدر للدخل، يغدو من الواجب توفير المساعدة النقدية وتلك الخاصة بالاحتياجات الأساسية وذلك لضمان معيشة السكان. ومع ذلك، يجب أن يتجاوز توفير الاحتياجات الأساسية الفئات الأكثر ضعفًا، للوصول إلى أولئك ممن يعيشون في فقر مدقع، سواء أكان ذلك حالهم قبلًا أم في الوقت الحالي. حيث ينبغي توفير هذه الاحتياجات لشريحة كبيرة من المجتمع الأردني، لا من خلال عملية انتقائية تخاطب عددًا محدودًا للغاية من السكان فحسب. غير أن السؤال يطرح نفسه؛ كيف يمكن لهذا أن يساهم في التحفيز الاقتصادي؟

يمكن تعريف الطلب ببساطة على أنه مقدار السلعة أو الخدمة التي يرغب المستهلكون في شرائها بسعر معين خلال فترة زمنية محددة مع قدرتهم علـى ذلك. وفي ضوء الأزمة، وما تلاها من طلب حذِر، فإن هناك إمكانية للتأثير بشكل مباشر على قدرة هذه الجماعات على الشراء، حتى وإن لم يكن من الممكن المساس باستعدادها لذلك مباشرة. ويتيح توفير الاحتياجات الأساسية إعادة تخصيص الإيرادات، أو الأموال لشراء سلع وخدمات أخرى وما إلى ذلك؛ وكلاهما يؤدي إلى زيادة الاستهلاك. وبالتالي، فإن توفير الاحتياجات الأساسية سيكون له ذات الأثر الناتج عن زيادة الإيرادات.

قد يؤثر الاستهداف المباشر لقدرة الناس على الاستهلاك من خلال توفير الاحتياجات الأساسية على استعدادهم لذلك؛ ذلك أن السكان ذوي الدخل الذين يظهرون ميلاً حاد للاستهلاك (MPC) بشكل عالٍ، مقارنة بذوي الدخل المرتفع. ويستتبع ذلك استهلاك نسبة عالية من كل دينار مضاف يتم استقباله من الدخل الوارد، وبالتالي، فإن هذا النوع من المبادرات سيشكل شبكة أمان اجتماعي وطريقة فعالة لضخ الأموال في الاقتصاد.

من الواجب أيضًا مراعاة الاحتياجات الخاصة للمرأة في إطار الاحتياجات الأساسية في مثل هذه المبادرات. حيث يصبح توفير السلع الأساسية المحددة الخاصة بالنساء، مثل منتجات النظافة الصحية، أمرًا بالغ الأهمية في أوقات الأزمات، فمن المحتمل وإلى حد كبير، أن تكون هذه الاحتياجات أول ما يُضحى به في المجتمعات الأبوية التي تتعرض لضغوط اقتصادية. وتترتب على هذه التضحية عواقب اقتصادية ذلك لأنها، وفي الواقع، ليست إلا استهلاكًا. وعلاوة على ذلك، نمتلك بالفعل جهات فاعلة في القطاع الخاص وذلك فيما يتعلق بإنتاج هذه السلع، ومن شأن ذلك أن يخفف من فقدان الإيرادات أو يزيدها وذلك عند إتاحة هذه المنتجات للجميع بسهولة أكثر.

ولا يؤثر هذا بالضرورة على مستوردي هذه المنتجات، ذلك أن الكلفة الزمنية وغيرها من عوامل الوصول إلى مراكز التوزيع والانتظار فيها بالنسبة لأولئك الذين يستطيعون تحمل الأفضليات ستفوق الكلفة المالية لشرائها. وعلاوة على ذلك، يجب على صانعي القرار، عند التنفيذ، إدراج أصوات النساء في مثل هذه المبادرات، ويجب ألا تأتي هذه الأصوات بمعزل عن تمثيل نسائي في الحكومة، أو فقط من الطبقات العليا والمتوسطة التي يستطعن الوصول إليها بسهولة، بل يجب أن تشمل أصوات النساء المستهدفات أيضًا. ومع ذلك، ينبغي أن تتسم الاستجابة بالتوازن من حيث تحقيق الكفاءة في أوقات الأزمات، وبالتالي، ينبغي أن يكون المجتمع المدني هو الوسيلة  لنقل هذه الأصوات.

 

هناك أيضًا فوائد واضحة من حيث توفير الاحتياجات الأساسية من جهة الموردين. فمن شأن شراء الحكومة للاحتياجات الأساسية من الجهات الفاعلة المحلية في القطاع الخاص أن يزود الموردين بحركة طلب محددة في زمن الشك. وعلاوة على ذلك، فحتى بالنسبة لمنافذ بيع التجزئة الصغيرة، توجد بعض الفوائد، بأن لا يتم إنفاق “الدخل المضاف” على السلع الأساسية، التي تحوي في كثير من الحالات هوامش ربح منخفضة ذات حدود قصوى للأسعار تحددها الحكومة أو السوق، بل على سلع أخرى قد توفر هوامش ربح أعلى.

ومع ذلك، يجب أن تتسم آلية الشراء بالفعالية والشفافية لصالح المستفيدين والحكومة نفسها على حد سواء، وعلى الرغم من أنها قد تفتح ممرات جديدة للفساد، ففي أوقات الأزمات، تغدو التدخلات التي تتسم بعدم الكفاءة أفضل من عدم التدخل على الإطلاق. وبطبيعة الحال، تثار أسئلة الجدوى باسم الحكومة، غير أن الحكومة تستدين حاليًا من أجل تدخلات أقل فعالية بكثير أو تلك من غير الموجودة أصلًا، مع قليل مما يتعلق بالفوائد التي تعود على المجتمعات ذات الدخل المنخفض، كما ولم تُظهر النفقات الجارية قيمتها في السنوات الأخيرة من حيث التنمية والنمو الاقتصادي، ومواجهة الأزمات التي أثرت على هذه البلاد. لذا، فإن الوقت قد حان لتعيد الحكومة تخصيص ما تستدينه لتحقيق هذه الأهداف.