الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

عمل الأطفال الجبري: “ضيق الحال” يوقع آلاف الأطفال فريسة الاستغلال

مشاركة

مرة أخرى، تتجدد التحذيرات والتنبيهات المطالبة بمكافحة عمل الأطفال وحمايتهم، في ظل تزايد أعداد الأطفال المهددين والمجبرين بخطر الاضطرار إلى الالتحاق بعمل بغية إعالة أسرهم، فضلاً عن مخاطر صحية وجسدية عديدة تصيبهم نتيجة أعمال خطرة وغيرة مناسبة لهم. مرد ذلك الحديث، وجود نحو 70 ألف طفل أردني عامل في سوق العمل، منهم 45 ألفًا يعملون في مهن خطرة، وفقاً لإحصائيات المجلس الأعلى للسكان، تبرز إشكالية قصور أنظمة الحماية الاجتماعية في هذا السياق، وتراجع مؤشرات العدالة الاجتماعية وعدم المساواة. وتنص المادة (73) من قانون العمل الأردني على أنه “لا يجوز تشغيل الحدث الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور”، في حين يجيز القانون ذاته تشغيل من هم فوق السادسة عشرة، ولكن في أعمال ليست خطرة أو مرهقة أو مضرة بالصحة.

ما سبق ذكره، حدث بالفعل، مع طفل كان يعمل في البناء وتعرض للسقوط  على ارتفاع 21 متراً، الأمر الذي تسبب له بإصابات بليغة، حيث لم يجد في حينها من قبل صاحب العمل، تعويضاً عن إصابته. في هذا الوقت بالتحديد، قرر والد الطفل اللجوء إلى وحدة المساعدة القانونية في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، لإقامة دعوى مطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية الناتجة عن إصابة العمل التي حصلت بسبب تقصير صاحب العمل، فكانت نتيجة المحاكمة تعويض الطفل بملغ 3583 دينار.

وكقصة الطفل ذلك، تأتي قصة طفل آخر سوري الجنسية من الفئات الأكثر هشاشة، كان يعمل في إحدى المزارع، ليصطدم بتعنت ورفض صاحب العمل، بعد قرار والده بعدم رغبة ابنه بالاستمرار بالعمل والتوقف عن الذهاب إلى المزرعة. ولمرات عديدة؛ حاول الأب إعادة طفله وثنيه عن العمل، إلا أن صاحب العمل كان يرفض دائماً، حتى جاء اليوم الذي قدم الأب فيه شكوى لوحدة مكافحة الاتجار بالبشر، بطلب وتنسيق من منظمة (أرض)، لتقوم الوحدة بإعادة الطفل لوالده وتحصيل أجوره واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق صاحب العمل.

خلال العقود الماضية، ومع جائحة كورونا، وتفاقم أوضاع اللجوء في المملكة، ونتيجة سياسات اقتصادية واجتماعية وسياسية، أدت إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة، اضطرت عائلات وأسر فقيرة، تدفعهم حاجتهم وضيق الحال لإخراج أطفالهم من مقاعد الدراسة، أو التغاضي عن تسربهم من المدارس بهدف المساهمة في توفير مداخيل إضافية تساعد هذه الأسر على تلبية حاجاتها الأساسية.

الأمر الذي يؤكده مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، حول أن الأطفال العاملين “ينتمون إلى الفئات الأكثر تضررًا في المجتمع، حيث يدفعهم الفقر المدقع إلى سوق العمل لزيادة دخل أسرهم، أو لأن الأطفال هم المعيلون الوحيدون لأسرهم”. وحسب تمكين، فإن “عمالة الأطفال تتركز في: المطاعم، محلات بيع القهوة، الملابس، الانشاءات، الحدادة، الميكانيك، النجارة، التحميل والتنزيل، وغالبيتهم لا يتقاضون أجراً عادلاً، ويدفع لهم أقل من الحد الأدنى للأجور البالغ 220 ديناراً شهرياً للأردنيين و150 ديناراً لغير الأردنيين، إضافة إلى تشغيلهم لساعات طويلة دون تعويضهم عن ذلك.

ولا تتوقف هذه المشكلة المجتمعية الخطيرة عند هذا الحد، إذا ما وجدنا، أيضاً، تعرض هؤلاء الأطفال لسوء المعاملة والإهانات النفسية والجسدية والاعتداءات الجنسية أثناء عملهم، ناهيك عن العاملين في المهن الصعبة، الذين يتعرضون للعديد من إصابات العمل التي يمكن أن تسبب لهم بعض الإعاقات والأخطار التي لا يمكن تلافيها بعد أن تقع.

ما بين الشقاء والخطر: يقع أطفالنا فريسة ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، تتطلب تكاتف الحكومة ووزارتها ومؤسسات المجتمع المدني والقطاعين العام والخاص وبناء شراكات حقيقة فيما بينها؛ لحماية الأطفال من الاستغلال والاجبار على العمل، مع التنبيه على ضرورة تطوير وتحسين منظومة الحماية الاجتماعية في المملكة.  

هذه القصص هي جزء من أنشطة مشروع تعزيز بيئة الحماية للأطفال الأردنيين والسوريين والذي ينفذ بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). و يهدف المشروع إلى المساهمة في تعزيز البيئة الوقائية للفتيان والفتيات السوريين والأردنيين المعرضين للخطر بمن فيهم الأطفال من ذوي الإعاقة الذين يعيشون في المجتمعات الأكثر ضعفًا وتضررًا من جائحة كوفيد-19، وذلك من خلال توفير الخدمات القانونية والدعم النقدي لهم.