الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

غياب الحماية الاجتماعية في سوريا يدق ناقوس الخطر

مشاركة

لم تكد الحرب في سوريا التي انطلقت شرارتها العام 2011 تبدأ بالانحسار التدريجي، حتى جاءت جائحة فيروس كورونا المستجد لتكشف قصور الأنظمة الاجتماعية والتنموية والاقتصادية هناك وعيوبها.

ورغم اختلاف طبيعة ومسببات الأزمتين، الحرب وكورونا، إلا أنها تتشابه إلى حد كبير في تأثيرها على المواطنين السوريين من حيث تضرر مصادر الدخل وفقدان فرص العمل، وارتفاع الأسعار وزيادة معدلات الفقر، فضلًا عن تضرر معظم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية(1).

في أزمة كورونا تحديدًا، أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية حملة وطنية للاستجابة الاجتماعية بهدف حشد الجهود المختلفة لمساعدة الفئات الهشة؛ لتجاوز محنة انتشار فيروس كورونا؛ ذلك بتقديم مساعدات نقدية أو عينية(2).

وبهدف؛ معرفة واقع الحماية الاجتماعية في الوطن العربي، توثق منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، في هذا الموجز استجابات وإجراءات جمهورية سوريا لمكافحة جائحة “كورونا”، وكيفية استجابتها لحماية الفئات المستضعفة من الفقراء وكبار السن والأطفال وعمال المياومة والمهاجرين واللاجئين وذوي الاحتياجات الخاصة.

وتصدرت سوريا قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم بنسبة بلغت 82.5%، بحسب تقرير للأمم المتحدة لعام 2019 والتي قدرت نسبة السوريين تحت خط الفقر بـ 83%، فيما يعاني 33% من سكان سوريا من انعدام الأمن الغذائي، ونحو 11.7 مليون سوري بحاجة شكل من أشكال المساعدات الإنسانية المختلفة، كالغذاء والمياه والمأوى والصحة والتعليم(3).

وكما غيره من الأنظمة الصحية في المنطقة العربية، يعاني النظام الصحي في  سوريا من نقص حاد في أعداد الممرضين والأطباء، والمعدات الطبية، وأجهزة الحماية الشخصية ومعدات الفحص، فضلًا عن الازدحام الشديد التي تشهده المستشفيات في دمشق وحمص وحلب وبقية المدن أثناء التعامل مع الجائحة(4). 

وتزداد معاناة النازحين داخليًا في سوريا وبلغت أعدادهم نحو 6.5 مليون شخص، وأكثر من مليون مدني (معظمهم نساء وأطفال) يقيمون على طول الحدود مع تركيا في شمال غرب سوريا في العراء أو في خيام مكتظة أو في مخيمات مؤقتة، مع انتشار كورونا، وفي غياب الماء والغذاء ووسائل التنظيف وسبل الحماية الصحية، وسط تحذيرات هيئات ومنظمات عديدة من كارثة إنسانية قد تعصف بالمدنيين السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، في حال انتقال عدوى كورونا إلى مخيمات النازحين البدائية التي يكاد الحفاظ فيها على التباعد الاجتماعي يكون معدومًا(5).

ويمتد خطر كورونا على أطفال سوريا بسبب تقييد حركة عبور المرضى الذي أدى لزيادة نسبة الوفيات لدى حديثي الولادة لعدم وجود أجهزة تنفس اصطناعي كافية وحواضن كافية في الداخل السوري. كما أن إيقاف العمل في المدارس في مناطق المخيمات، وصعوبة الوصول إلى وسائل التعلم عن بعد، أثرا بشكل سلبي على العملية التعليمي(6).

فالاستجابة،على كافة الأصعدة وليس على مستوى الأطفال فقط قد تكون معدومة، فهي جهود فردية من قبل الوزارات والمديريات وبعض المنظمات، في ظروف يعاني فيها الجميع من نقص الموارد والإمكانيات، وغياب أي استجابة.

وعليه، فإن معاناة كبار السن السوريين لا تقل عن الأطفال والشباب، فهم أيضًا  محرومون من وجود نقاط طبية للرعاية الأساسية، أو مراكز للحجر الصحي، وما يزيد الأمر تعقيدًا، واقع الفقر المدقع وعدم القدرة على الذهاب إلى تلك المراكز لإجراء الفحوص اللازمة أو شراء الاحتياجات الوقائية(7).

فيما تسببت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية، للتصدي للفيروس، ومن أبرزها إغلاق المحال التجارية، والمطاعم، والمنشآت السياحية، وتوقف حركة قطاع النقل الداخلي والخارجي، في إخراج عشرات الآلاف منهم من سوق العمل، وجعلتهم بلا تغطية مالية وحكومية يواجهون بها مصيرهم ومصير أسرهم(8).

وفقد مئات الآلاف من العمال الذين يعملون بنظام المياومة عملهم، في حين قابلت الحكومة السورية ذلك برصد مبلغ مالي لهم يقدر بـ100 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 100 دولار أميركي لكل عامل متضرر. ذلك كله، أدى إلى وقوع الكثير من الأسر السورية في مشاكل عديدة، ما أثر سلبًا على الناحية النفسية لتلك العائلات، وفاقم من معاناتها اليومية، وأدى إلى حدوث مشاكل كبيرة بين الأزواج قد تصل إلى حد الانفصال(9).

وبسبب الحرب، زاد أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة فيها، حيث أسفر القصف العشوائي للمدنيين عن مئات الآلاف الإصابات، منها فقد للأطراف أو التسبب بإعاقة دائمة، غير أنهم اليوم، في ظل كورونا، ما يزالون يفتقدون إلى الرعاية الصحية والطبية وصعوبة العلاج(10).

وكانت مبادرات أهلية عديدة انطلقت في الجمهورية للمساندة وتقديم الدعم، في مواجهة كورونا، وذلك في إطار مبدأ التكافل الاجتماعي والمساندة وتقديم الدعم، التي تبناها شباب ومنظمات في الأحياء السكنية، تهدف إلى نشر الوعي وحملات تعقيم استهدفت الأفران وأماكن التجمع في كل منطقة، بالإضافة إلى مبادرات أخرى على نطاق المحافظات هدفها خلق حالة من التعاون والتكاتف(11).

الملاحظ أن مظاهر الحماية الاجتماعية في سورية غير مكتملة الأركان، ومن الضروري أن تنسق وتدار بشكل تكاملي ومكتمل المكونات، مع أهمية إيجاد جهة وطنية تدير الحماية الاجتماعية المشتتة والمنقوصة وتنسق مكوناتها، بالتزامن مع

إنشاء صندوق وطني للمتعطلين أو الذين تضررت أعمالهم بسبب الأزمة.

(1) (2) أزمات السّوريين بين الاستجابة الاجتماعيّة ومنظومة الحماية الاجتماعيّة

(3) التكافل الاجتماعي: سلاح السوريين الوحيد لمواجهة كورونا

(4) سوريا تواجه كارثة كورونا غير مسبوقة والحكومة تنشر أرقاما غير صحيحة

(5) كورونا يدق ناقوس الخطر بمخيمات النازحين السوريين

(6) كورونا يفاقم معاناة الأطفال السوريين

(7) سوريا: لم تعد الأماني كافية فـ”كوفيد 19″ يترصد كبار السن

(8) (9) فايروس كورونا يزيد عدد الفقراء وحالات الطلاق في سوريا

(10) ذوو الإعاقة في سوريا “على الهامش” في مواجهة الجائحة

(11) سوريا… مبادرات اهلية وتكاتف وتشجيع على مكافحة كورونا