الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

قطاع الأعمال بوصفه منصة تسرع التنمية الاجتماعية وتمكن حقوق الإنسان

مشاركة

يدخل الاقتصاد العالمي اليوم حقبة متسارعة من التغييرات المهمة بسبب عدد لا يحصى من العوامل المؤثرة، ما يجلب فرصًا وتحديات على حد سواء. بالإضافة إلى ذلك، تُقدّم ابتكارات جديدة وقفزات تكنولوجية يوميّا تحركها اتجاهات السوق وأنماط الاستهلاك المتطورة. نشهد بعض التحولات المهمة على جميع المستويات، إلا أننا لم نشهد في أي وقت من تاريخنا الحديث هذه الدرجة العالية من التغيرات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتكنولوجية، والبيئية والقانونية، التي تعمل على تغيير المشهد السياسي والاقتصادي العالمي بطبيعتها.
وعليه، يجب أن نسأل أنفسنا في هذه المرحلة عن كيفية الاستفادة من هذه التغيرات؟ هل يتمتع سوق العمل عندنا بجاهزية احتضانها؟ هل الشركات، جنبًا إلى جنب، مع الحكومات في منطقتنا العربية على استعداد لاغتنام جميع الفرص التي توفرها هذه التطورات؟

إن للقطاع الخاص دورًا مهمًا وأساسيًّا يضطلع به بوصفه محركًا للنمو الاقتصادي، ومن حيث تخفيف حدة الفقر وخلق فرص العمل. لا يوفر القطاع الخاص السلع والخدمات فحسب، بل يدر عائدات ضريبية لتمويل البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية الأساسية، وبوسعه أيضًا تطوير حلول جديدة ومبتكرة تسهم في مواجهة تحديات التنمية، وتحويل المسؤولية الاجتماعية للشركات والجهود الخيرية إلى عدة صور مختلفة.

ينبغي أن يتحول دور القطاع الخاص في الأردن والمنطقة من النهج التقليدي في دعم التنمية الاقتصادية إلى عقد شراكات أكثر شمولًا وتفصيلًا بين القطاعين العام والخاص. تعد الشراكات بين هذين القطاعين العام والخاص مهمة في توفير مشاريع البنية التحتية وكذلك توفير البنية التحتية والخدمات الاجتماعية على سبيل المثال، المستشفيات والمدارس والمرافق التعليمية.
وفي ذات السياق، نحتاج أيضًا إلى تعزيز أطر التعاون بين الحكومة وقطاع الأعمال والمجتمع المدني لتهيئة الظروف لتحقيق اقتصاد وقوى عاملة يمتازان بالقوة والديمومة، وتحقيق التنمية الاجتماعية عامة. كما يجب أن تتمتع جميع الجهات المعنية بوعي كافٍ حيال حاجة التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى المزيد من المرونة والاستدامة، إضافة إلى عملها على توظيف نهج حقوق الإنسان بحيث تضمن ألا يتخلف أحد عن الركب.

بوصفها منظمة مجتمع مدني، تؤمن النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) بضرورة أن يشمل الابتكار أيضًا التمويل المستدام، واستدامة التنمية والعمل الإغاثي، ومع ذلك، فإننا ندرك حاجة أي أثر ملموس وحقيقي إلى تعاون الجهات المعنية كافة ومواردها.

لدينا في العالم العربي عدة أمثلة مشرقة، نستعرض منها الصناديق الخيرية التي أُطلقت في مصر عام 2019. ففي مصر، تشرين الأول/أكتوبر 2019 ، أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي وبنك ناصر الاجتماعي إلى جانب عدد من الشركات عن إطلاق صندوق عطاء الخيري، وهو أول صندوق استثمار خيري في مصر تُوجه جميع عائداته نحو دعم الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية أو العقلية ممن يمثلون حوالي 10% من السكان. تدير Azimut Egypt Asset Management، وهي شركة لإدارة الاستثمار، هذا الصندوق، كما تتمتع بمحفظة قوية وسجل حافل من الأداء الاستثماري، وتعمل وفقًا لتشريعات سوق رأس المال وتحت إشراف هيئة الرقابة المالية. صندوق عطاء هو صندوق استثماري يستثمر في مختلف الأوراق المالية وصناديق التوفير المصرفية.
تُوجه جميع الأرباح التي يحققها صندوق عطاء لتمويل مبادرات ومشاريع مختارة تنفذها المنظمات والجمعيات التي تقدم خدمات لذوي الإعاقة على مستوى الخدمات الصحية والاجتماعية، وتقدم منحًا وقروضًا جيدة للطلاب من هذه الفئة إضافة إلى التمويل، وتقديم المساعدة النقدية أو العينية للأشخاص من ذوي الإعاقة وأسرهم، والمساهمة في تمويل إنشاء وتشغيل مستشفيات ومراكز لرعاية الأطفال من ذوي الإعاقة، وإمداد الشباب وتجهيز المراكز الشبابية.

وبالمثل وفي آذار/مارس 2023، أطلقت المملكة العربية السعودية أول حملة اكتتاب خيرية في العالم لجمع مليار ريال لتأمين السكن للأسر المحتاجة في المملكة، وبحلول نهاية شهر رمضان المبارك جمعت الحملة قرابة 1.5 مليار ريال سعودي أو ما يعادل 400 مليون دولار. حملت الحملة الخيرية اسم Evergreen Stock ونفذت في محاكاة للاكتتاب العام إذ استهدفت أبرز الشركات، والمؤسسات والأفراد في المملكة العربية السعودية.

وتشبه الحملة مبدأ الاكتتاب في الأسهم، إذ يتمكن المشاركون من الاكتتاب بأسهم تصل إلى 100 مليون سهم بقيمة 10 ريالات لكل واحد منها. ومع ذلك، لا تخضع الأسهم للعائدات المادية، ولكنها بدلاً من ذلك تقدم عائدات خيرية مجتمعية من خلال تأمين منازل للمحتاجين. وقد حصل ما يقرب من 26,250 فردًا من 5,250 أسرة في جميع أنحاء المملكة على منازل مؤمنة بفضل هذه الحملة.

تم إطلاق هذه الحملة الناجحة من خلال منصة جود الإسكان، وهي منصة تمويل جماعي سعودية لملكية المنازل أطلقتها في عام 2019 سكن، وهي ذراع غير ربحي تابع لوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان. ومع ذلك، كان القطاع الخاص جزءًا كبيرًا من تمكين ونجاح هذه الحملات بما في ذلك الهيئة العامة للأوقاف، ومصرف الراجحي، ومجموعة STC ، و MBC ، والعربية ، وعجلان وإخوانه، وسمو العقارية، وخزام العقارية.

نستشهد بهذه الأمثلة من المنطقة لإظهار الدور الحاسم للتفكير التجاري والمعرفة التجارية في خدمة الاحتياجات المجتمعية وتمكين تحقيق حقوق الإنسان. يمكن للابتكار دفع الإنتاجية في القطاع غير الربحي وإدخال أساليب جديدة وأفضل، كما يمكن للخبرات، والأبحاث، والموارد والابتكارات التي تجلبها تلك الشركات إلى التنمية الاجتماعية والعمل الخيري، بشكل عام، مساعدة المجتمع المدني على إيجاد حلول جديدة ليس في مقدورهم تحمّل تكاليف تطويرها بمفردهم.

على المستوى العالمي، بالإضافة إلى التبرع بالأدوية، طورت شركة فايزر علاجًا رخيصًا للوقاية من التراخوما، السبب الرئيسي للعمى الذي يمكن الوقاية منه. كما تعمل مع مؤسسة Edna McConnel Clark Foundation ومنظمة الصحة العالمية لتوزيع هذا العلاج على السكان الذين لا يحصلون إلا على القليل من الرعاية الصحية والأدوية الحديثة. في غضون عام واحد، انخفض معدل الإصابة بالتراخوما بنسبة 50% بين السكان المستهدفين في المغرب وتنزانيا، ليؤدي نجاح المبادرة إلى توسعها من خلال إضافة مؤسسة بيل وميليندا جيتس والحكومة البريطانية إليها كشركاء للوصول إلى 30 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.

محليًا هنا في الأردن، تم إحراز تقدم في عدة مجالات في هذا الصدد، لكننا ما زلنا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود التكاملية وحلول الأعمال المبتكرة التي تقدم تمويلًا مستدامًا وحلولًا إبداعية للمشكلات الاجتماعية الصعبة. ومن هنا يتمثل السؤال في كيفية استفادتنا من خبرة قادة الأعمال، ونفوذهم، واتصالاتهم وشبكاتهم الدولية في تحويل الحلول للمشاكل الاجتماعية الحالية والناشئة.

في شباط/فبراير 2023، بدأ المجتمع المدني ممثلاً في منظمة النهضة العربية (أرض) وجمعية رجال الأعمال الأردنيين فصلاً جديدًا من التعاون لتقديم وتوقيع إعلان النوايا الحسن الطوعي “نحو هدف مشترك: تعزيز النمو الاقتصادي المتكافيء في الأردن” لبناء شراكة جديدة بين مؤسسات الدولة، وقطاع الأعمال والمجتمع المدني لتعزيز الحوار الاجتماعي والإجراءات التي تسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة في الأردن. حدد إعلان النوايا الحسنة هذا عددًا من المبادئ الرئيسية وجدول أعمال لتحقيق أهداف ملموسة في إطار الإطار التوجيهي لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن حقوق الإنسان والأعمال (UNGPs).

يقر هذا الإعلان بأن قطاع الأعمال الأردني يلعب دورًا مهمًا بوصفه محركًا للنمو الاقتصادي، كما أنه يوفر فرص عمل تشتد الحاجة إليها ويساهم في التخفيف من حدة الفقر. لكن بالنظر إلى الظروف العالمية الحالية والأزمات السياسية والاقتصادية والصحية الأخيرة التي عصفت بالأردن والمنطقة، وخلقت فجوة بين احتياجات سوق العمل والعرض والطلب من حيث المهارات والخبرات المتاحة، وتزايد البطالة بين الشباب. ، تغدو هناك حاجة إلى خارطة طريق جديدة، وأجندة عمل، وزيادة التعاون بين المجتمع المدني وقطاع الأعمال. وهكذا جاءت هذه المبادرة الأولى من نوعها بعد حوار مكثف بين المجتمع المدني والقطاع الخاص وتم الإعلان عنها في احتفال وقع فيه عشرون من قادة الأعمال البارزين على إعلان النوايا الحسنة بما يشجع الآخرين في الأردن على أن يحذوا حذوهم وليصبح الأردن نموذجًا يحتذى به للدول العربية الأخرى.