الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

مناشدة لايقاف حرب السودان، بقلم الخبيرة الدولية ماجدة السنوسي

مشاركة

نعيش أيامًا يصعب وصفها أو التعبير عنها. اليوم يتهاوى الوطن أمامنا، ونحن نعجز عن إيقاف الحرب، التي لم تكن خيار الشعب السوداني الأصيل المتمسك بحلم الحرية، والسلام والعدالة، وهي شعارات ثورة كانون الثاني/ديسمبر 2018 المجيدة التي أنهت 30 عامًا من الظلم والاستبداد.

فما زالت صورة كنداكات الثورة السودانية وأيقونة الثورة آلاء صالح في 2019، حاضرة في الأذهان، لنسقط مجددًا في حرب ضروس، معلنةً عن إخفاقات الجهود لتأسيس دولة مدنية وتحول نحو الديمقراطية التي لطالما حلم بها الشعب السوداني. ونستحضر اليوم آثار النزاعات في نظام الحكم البائد لاسيما في دارفور والتي أدت إلى إبادات جماعية وانتهاكات لحقوق الإنسان، ولجوء ونزوح غير مسبوق، لينضم إليهم وخلال الأسابيع الماضية قرابة 100 ألف سوداني ممن عبروا الحدود، ووفقًا للتوقعات التي أصدرتها الأمم المتحدة، سيصل العدد الإجمالي إلى نحو 800 ألف نسمة فارين من الحرب في الفترة القادمة من السودانيين، ومن اللاجئين الذين تستضيفهم السودان أصلًا من قبل. وقد هربت الأسر إلى مصر، وجنوب السودان، وإفريقيا الوسطى، وتشاد، وأثيوبيا. بالإضافة إلى النزوح الداخلي إلى الولايات والمدن الأكثر أمانًا. ولم تقو الأغلبية على الهرب من نيران الحرب نتيجة الحالة الصحية، والفقر والشعور بفقدان الأمل.

ففي غضون ثلاثة أسابيع من تلك الحرب الكارثية، فحرب المدن قاسية، قتل فيها 528 شخصًا على الأقل وجرح 4,599 شخصًا، والعدد في ازدياد، تحولت مدينة الخرطوم إلى أرض معركة في مناطق كان يعيش فيها الناس آمنين وامتدت نيرانها إلى دارفور وكردفان.  وتعطلت الحياة ولزمت الأسر منازلها رعبًا، وانقطع التيار الكهربائي والمياه، ودُمر عدد من المستشفيات للآن، وأُغلق العديد منها، نتيجة نقص الإمدادات وانقطاع الكهرباء، وتعرض العاملون في القطاع الصحي للخطر الأمني ما حد من قدرتهم للمساعدة، الأمر الذي فاقم معاناة المرضى، والنساء الحوامل بسبب عدم توفر الرعاية الصحية أو مستشفيات الولادة.

كما أشارت بعض السيدات لحاجتهن للمساعدة نتيجة تعرضهن للعنف الجسدي والاغتصاب وذلك لانعدام الأمن، والاعتداء على مساكن المواطنين التي تعرضت للاحتلال من مجموعات مسلحة، بالإضافة إلى نهب المنازل، والبنوك وحرق المصانع والأسواق، وتدمير البنية التحتية للإمداد الكهربائي والماء.  وارتفع عدد الذين اختفوا عند مغادرتهم المنازل، ما دفع العدد الأكبر من الناس لإغلاق محلاتهم وأماكن عملهم، وأصبح الحصول على دخل مادي مستحيلًا، لاسيما للنساء المعيلات لأسرهن من بائعات الشاي والطعام اللواتي توقف رزقهن تمامًا. وأستحضر في كل دقيقة نداءات واستغاثات الأسر: “نحن عطشى لا يوجد ماء، نحن جائعون لا يوجد طعام، نحن خائفون من القصف، والدي مريض لا يجد دواء، أمي محبوسة في بيتها لا نستطيع إخراجها، أسرة توفيت نتيجة لدانة سقطت في منزلهم”.

وفي ظل تسارع وتيرة الأحداث المؤلمة، نضم صوتنا للمجتمع المحلي، والإقليمي والدولي لنطلب من أطراف الصراع وقف إطلاق كامل ودائم للنيران، للحد من المعاناة الإنسانية، وتقديم الدعم للأسر المستضعفة المتضررة، إذ يتطلب إيصال المساعدة وقف إطلاق النار الفوري وضمانات أمنية لعاملي الإغاثة لتوصيل المساعدات، وتوفير التمويل اللازم، وهنا تثور التساؤلات حول إمكانية ذلك مع أكبر عملية إجلاء للجاليات الأجنبية التي أغلقت سفاراتها وقامت بترحيل مواطنيها، وهو ما سيترك فراغًا في تثبيت مساعي السلام، والوساطة على الأرض وحماية المدنيين، ومن ضمنهم النساء والأطفال.

لذا، أناشد الشعوب المحبة للسلام ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات النسائية، التضامن مع شعب السودان لاسيما النساء، والأطفال، وكبار السن والمعوقين وذلك بتوصيل صوتنا “لا للحرب”.

كما أناشد الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي أن تضغط على الأطراف المتقاتلة للالتزام بالقانون الدولي، وتعزيز مبدأ المساءلة على من روّع أمن واستقرار الشعب السوداني، والعمل على منع تزويد الأطراف المتنازعة بالأسلحة، والحفاظ على ثروات السودان من النهب والتخريب.

إلى نساء السودان، اللواتي لم يستسلمن يومًا رغم تأثرهن تاريخيًّا بآثار الحروب التي استهدفت قضايا المرأة وأدت إلى تأخر صعودها بالمشهد العام الداخلي، إلا أنها لعبت أدوارًا أساسية في النضال الحقوقي والإنساني، لنستمر معًا سعيًا إلى وقف نزيف الدم، وتدمير الوطن، وحماية المكتسبات التي حققناها منذ عقود، ولنعمل يدًا بيد على حماية النساء والفتيات، وأن نكون في عون اللاجئين واللاجئات والنازحين والنازحات من السودان أين ما وجدوا. فرغم قتامة الوضع الحالي، إلا أنه قد يشكل من جديد نواة لعمل نسوي يضمن مشاركة المرأة في صناعة الأمن والسلام، والمستقبل للسودان.

 

  • ماجدة السنوسي: عضوة حركة نساء ضد الحرب ومجلس أمناء منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)