الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

من الخوف إلى السكينة.. عندما تتجلى إنسانية المحامي

مشاركة

لولا أنه يمتلك إحساساً عالياً، وشعوراً بالمسؤولية والإنسانية تجاه قضايا الناس وهمومهم ومشاكلهم، لما استطاع المحامي أحمد أبو عطية، إخراج لاجئ سوري وعائلته من دائرة القلق والخوف على مستقبل أطفاله، بعد أن ضربت الحرب أساس استقرارهم، كما هو حال ملايين غيرهم. 

ففي مخيم الزعتري للاجئين السوريين، شرقي محافظة المفرق، لم يجد حسن (اسم مستعار) أمامه بعد تعرضه إلى مشكلة قانونية أدخلته وأطفاله في متاهة حقيقة، سوى أن يطرق أبواب مكتب منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) في مخيم الزعتري، الذي بدأ أعماله عام 2012 بسبب الأزمة السورية.

وبإحساس إنساني كبير، استقبل أبو عطية، حسن المتزوج من امرأة بموجب عقد زواج عرفي، وبسبب ظروف الحرب السائدة في ذلك الوقت في سورية، دخل حسن وزوجته عام 2014 إلى الأردن بطريقة غير مشروعة، بعد أن غير اسمه الحقيقي، خوفاً من أي مجهول يمنعه من دخول المملكة.

ولغاية عام 2019، كان حسن قد رزق بثلاثة أطفال، حيث تعرض لمشكلة قانونية تمثلت بنسب أطفاله لاسم أب ثاني، وهو الاسم الذي دخل فيه الأردن، ما أوقعه وأطفاله في تهديد وخوف كبيرين.

ولكي يتفادى حسن العقوبات التي يمكن أن توجه إليه؛ وهي تهمة دخول الأراضي الأردنية بطريقة غير مشروعة، ونسب صغير لغير والديه، وجرم استعمال أوراق مصدقة كاذبة، والذي تصل عقوبته إلى الحبس ثلاث سنوات، توجه إلى مكتب النهضة العربية (أرض).

ووفقاً للمادة (266) من قانون العقوبات الأردني، فـ “من أقدم حال ممارسته وظيفة عامة، أو خدمة عامة، أو مهنة طبية، أو صحية، أو أية جهة أخرى على إعطاء مصدقة كاذبة معدة لكي تقدم إلى السلطات العامة، أو من شأنها أن تجر لنفسه، أو إلى غيره منفعة غير مشروعة أو تلحق الضرر بمصالح أحد الناس، ومن اختلق بانتحاله اسم أحد الأشخاص المذكورين آنفاً أو زور تلك المصدقة أو استعملها، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة”.

أما في حال دخول الأراضي الأردنية بطريقة غير مشروعة، فتنص المادة (153) مكررة من قانون العقوبات على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر كل من دخل المملكة أو خرج منها بطريقة غير مشروعة، ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من ساعده على ذلك”.

وفيما يتعلق بجرم نسب صغير لغير والديه، تنص المادة (287) من القانون أن: “من خطف أو خبأ ولداً دون السابعة من عمره أو أبدل ولداً بآخر أو نسب إلى امرأة طفلاً لم تلده، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، ولا تنقص العقوبة عن ستة أشهر إذا كان الغرض من الجريمة أو كانت نتيجتها إزالة أو تحريف البينة المتعلقة بأحوال الطفل الشخصية أو تدوين أحوال شخصية صورية في السجلات الرسمية”.

من هذا الاعتبار، بادر أبو عطية بالحصول على إثبات زواج ونسب في المحكمة الشرعية والذي يوازي بمسماه عقد الزواج، لكون حسن لا يملك عقد زواج، فضلاً عن إصدار شهادات ولادة لأطفاله من المحكمة النظامية من خلال تثبيت نسب الأطفال لأبيهم حسن، حيث استغرقت عملية تصويب أوضاع حسن نحو عامين.

وبحسب أبو عطية، حوكم حسن فعلاً في المحكمة النظامية لدخوله الأردن بطريقة غير شرعية، ونسب صغير لغير والديه بالحبس لمدة ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ، إلا أنه خرج من قضية استعمال مصدقة كاذبة بـ “عدم المسؤولية”، وبهذا يكون قد استفاد من التسهيلات والإجراءات التي وضعتها الحكومة الأردنية لتصويب أوضاع اللاجئين في المملكة، وتحديداً في مسألة إثبات النسب.

الآن يعيش حسن وزوجته بطريقة مشروعة وبدون مشاكل قانونية، وهو ما يتبين أن هناك العديد من الأفعال والممارسات اليومية الخاطئة، يقوم بها أفراد بالمجتمع عن غير قصد جنائي، بسبب الجهل بالقوانين والأنظمة، مما يعرضهم لمشكلات قانونية كثيرة.

وهو ما يؤكد أيضاً ضرورة رفع الوعي القانوني لدى أفراد المجتمع، في ظل عدم إدراكهم لخطورة ارتكاب المخالفات القانونية، وإن كانت بسيطة، وما يترتب عليها من أبعاد وآثار مختلفة، مع أهمية أن يقوموا بطرح الاستفسارات لفهم الإجراءات القانونية، خاصة وأن هناك جهات ومؤسسات مجتمع مدني يمكنها الاستجابة والانتصار لحقوق الناس وتقديم الدعم القانوني لهم، على اختلاف مشكلاتهم وجنسياتهم.

يقول أبو عطية: “تعودنا كمحامين في منظمة النهضة العربية (أرض) بتقديم المساعدة القانونية بألسنتنا وبما تكتب أيدينا، ولكن استخدمنا ذات الألسنة والأيادي بمسح دمعات المقهورين، حيث أن هذه الفئة من الضعفاء يدخلون قلوبنا ويأسرون عاطفتنا، بحيث تكون هذه العاطفة حافزاً إضافياً لتعميق البحث عن الحلول الآمنة للناس، أو على الأقل الوصول إلى الحلول الأقل ضرراً عليهم”.

باختصار، يدرك أبو عطية الذي بدأ عمله في المحاماة والعون القانوني قبل 13 عاماً مدى أهمية إدخال الطمأنينة والسكينة إلى قلوب الضعفاء في هذه الحياة، بعد أن نهلوا من بحر الخوف وعدم الاستقرار، مؤكداً ضرورة تفضيل الجانب الإنساني في العمل القانوني وتقديم المساعدة للناس بعيداً عن التفكير في الجانب المادي والربحي فقط.