الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

يا وحدهم.. حتى تطغى الإنسانية!

مشاركة

لم يكن يخال لها أن تكون هذه القصة بالذات المحرك والدافع الذي سيغير نظرتها للأمور الحياتية والإنسانية وحتى العملية، فأحياناً يتعرض الإنسان لموقفٍ صغير يقلب حياته رأساً على عقب.

وهذا حقيقي وعاشته المحامية النظامية والشرعية، فطم أمارة، حين تلقت في إحدى ليالي الشتاء الباردة، وتحديداً عام 2015 رسالة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تخبرها بقصة أم لثلاثة أطفال تعرضت للنحر على يد زوجها وأمام أعين صغارها.

قصة المغدورة سناء (أسم مستعار)، كما ترويها أمارة التي بدأت عملها في المحاماة والعون القانوني قبل نحو 23 عاماً، حدثت في منطقة سحاب شمالي العاصمة عمّان، نتيجة خلافات مستمرة بين الزوجين، تفاقمت مع زيادة شكوك الزوج بزوجته، لتقع قتيلة في جريمة مروعة، خلفت ورائها صورة بشعة استقرت في مخيلة أطفالها الثلاثة.

وبين فقدان الأطفال (جميعهم دون سن السابعة) عطف أمهم وحنانها، ومنظر الدماء الذي كان يغطيها، تبدأ قصة معاناة هؤلاء الأطفال الذين باتوا بلا أم أو بيت ولا حتى رعاية، لتبدأ من هنا رحلة المحامية أمارة التي تعمل منذ أحد عشر عاماً في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، فرع عمان، بمتابعة حيثيات القضية.

بدأت خيوط المشكلة القانونية بالتفتح بعد قتل الزوجة مباشرة، وتحديداً حينما حضرت الشرطة والمدعي العام الذي باشر التحقيق في القضية، والتي تمخض عنها وضع الأطفال الثلاثة في مركز أمن سحاب؛ لعدم توفر أي شخص يحتضنهم من طرف والدهم بسبب تواجدهم في لبنان، ولا حتى من طرف والدتهم المقيمين في سوريا.

فكما يقال ليس لهم أحد “لا من قريب ولا من بعيد”، ليظهر فجأة صاحب البيت التي وقعت فيه الجريمة، وهو أردني الجنسية، ويبدي استعداده الكامل في احتضان الصغار، بعد أن عمل حجة وصاية على إدارة شؤونهم ورعايتهم بشكل قانوني.

لكن أين هي المشكلة القانونية التي واجهت المحامية والأطفال معاً؟ تمثلت المشكلة أولاً بعدم وجود أوراق ثبوتية أو شهادات ميلاد للأطفال، فضلاً عن أن الرجل الأردني الذي يريد احتضان الأطفال غريب عنهم ولا يمتلك صفة القرابة.

بكل جدية وحرص، تعاملت أمارة مع القضية التي أصبحت منظورة أمام المحاكم، لتقوم باستخراج أوراق وشهادات ميلاد للأطفال، وإثبات قدرة وأهلية وجدية الرجل، صاحب البيت، برعاية الأطفال حق رعاية من تعليم وصحة ومأكل ومشرب.. الخ.

وعليه؛ وبعد جهود مضنية من المحامية، عاش الأطفال مع عائلة الرجل في بيت واحد، وبإشراف المفوضية، وهو ما يؤكد اليوم ضرورة مراعاة مصلحة الطفل وتوفير الحماية والرعاية المثلى لهم، وأيضاً توفير بيئة أسرية للأم المربية وأطفالها.

وهنا؛ تنص المادة 230 من قانون الأحوال الشخصية الأردني: “إذا لم يكن للقاصر وصي مختار من الأب أو جد لأب أو وصي مختار من الجد لأب يعين له القاضي وصياً لإدارة شؤونه مراعياً في ذلك مصلحة القاصر”.

بينما اشترطت المادة (231)، في الوصي وقت تعيينه وأثناء وصايته: “كمال الأهلية، والقدرة على القيام بشؤون القاصر، وأن لا يكون محكوماً عليه بجريمة مخلة بالآداب أو تمس الشرف أو النزاهة، وأن لا يكون قد أشهر إفلاسه أو أعلن إعساره، ولا سبق أن سلبت ولايته أو عزل من الوصاية على قاصر آخر، إضافة إلى أن لا يكون بينه وبين القاصر نزاع قضائي”.

لم تكن هذه القصة وحدها التي تركت في نفس المحامية فطم أمارة تأثيراً عميقاً، لكنها كانت الأقرب إلى نفسها، خاصة مع وجود الأطفال الذين حركوا فيها مشاعر ودوافع إنسانية كبيرة.. وذلك هو أساس العمل القانوني، بعيداً عن الربح المادي والمنفعة الشخصية.

في النهاية: “المحامي إنسان، يمكن أن يتعرض لأي مشكلة قانونية، فعليه أن يدرك جيداً أن العمل الإنساني والتنموي كبير ويحتاج للصبر والاجتهاد والتنظيم.. فالمحامي الناجح الذي يسمع جيداً ولا يتحدث كثيراً.. هكذا ختمت أمارة قصتها!