يمثل تراجع إدارة الرئيس ترامب عن السياسات الجندرية وخفض المساعدات الخارجية- بإجمالي يتجاوز 8 مليارات دولار- تحديات كبيرة أمام منظمات المجتمع المدني التي تعمل على تعزيز المساواة بين الجنسين، وحقوق الصحة الإنجابية، ومبادرات المرأة والأمن والسلام، إذ أدّى وقف تمويل هذه البرامج إلى تهميش السياسات الشاملة الأمنية وإضعاف شبكات بناء السلام، مما أثّر بشكل غير متناسب على الحركات الشعبية في الجنوب العالمي. ومع تحوّل السياسة الخارجية الأمريكية نحو العسكرة والأطر المحافظة، يجب على منظمات المجتمع المدني أن تتبنى نهجًا استباقيًا يتجاوز الاعتماد على الهياكل التقليدية للمساعدات الغربية. كما سيلعب تعزيز التعاون بين دول الجنوب -من خلال الشراكات الإقليمية، ونماذج التمويل البديلة، والتحالفات النسوية العابرة للحدود- دورًا حاسمًا في استدامة جهود العدالة بين الجنسين. كما يتعيّن على مجموعات المناصرة أن تتحرك لمواجهة السياسات التقييدية وتعزيز الأولويات التنموية المحلية. من جهة أخرى، يجب على المجتمع الدولي، ولا سيما المؤسسات متعددة الأطراف مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، التدخل لسد الفجوات التمويلية وتعزيز البرامج المعنية بالنوع الاجتماعي، كما آن الأوان لإعادة تصور جذرية لدور منظمات المجتمع المدني –لا بوصفها مجرد متلقٍّ للمساعدات، بل من خلال كونها فاعلًا رئيسيًا يستعيد استقلاليته، ويؤثر في صنع السياسات، ويدفع نحو حلول مستدامة يقودها المجتمع لتحقيق العدالة بين الجنسين.