طوال الفترة الماضية، تصاعد استياء وغضب المواطنين الأردنيين، جراء ارتفاع أسعار الفائدة، وانعكاس هذه العملية على المقترضين والمقرضين، وسط مطالبات ملحة اليوم بتعزيز سياسة مالية فاعلة في المملكة، وإعادة النظر في السياسة النقدية ككل.
لمناقشة وقع رفع أسعار الفائدة على الأردنيين، وإلقاء الضوء على الدور المهم للبنك المركزي والحكومة في تسهيل الشمول المالي وقت الاضطرابات الاقتصادية، ومناقشة الخيارات المتاحة والمبادرات العملية، جاءت الجلسة الحوارية: “أثر ارتفاع أسعار الفائدة على الدائنين والمقترضين في الأردن، دور البنك المركزي في تعزيز الشمول المالي”، والتي نظمتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، ضمن سلسلة حوارات منتدى التنمية البشرية والاقتصادية (هدف)، الأربعاء 10 أيار/ مايو 2023.
وبين منسق منتدى (هدف)، د. رعد التل، الذي أدار الحوار مع المتحدثين، أن البنك المركزي الأردني يقوم برفع أسعار الفائدة بسبب ارتباطه الدينار الأردني بالدولار منذ 1995، وذلك حفاظاً على جاذبية الدينار مقابل الدولار، تعزيزاً لاستقرار الدينار (خوفاً من الدولرة). وأوضح أن هناك العديد من المبادرات الدولية والإقليمية التي تهدف إلى تعزيز الحماية الاقتصادية والاجتماعية للمقترضين، منها مثلاً إطلاق برامج تمويلية مخصصة لتقديم الدعم للأفراد والمؤسسات التي تعاني من ضغوط اقتصادية بما يشمل تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإعادة التفاوض على القروض لتحقيق الأهداف الفردية.
من جهته، تحدث المستشار الاقتصادي، سليم أبو الشعر، عن الخلفية النظرية لرفع أسعار الفائدة، والتي تعتبر “معقدة جداً وليس من السهل فهمها وتتبعها”، مشيراً إلى أن استخدام البنك المركزي لأسعار الفائدة “هبوطاً أو صعوداً”، يعد أداة مالية فعالة وسريعة لكبح التضخم والسيطرة على الأسعار، والمحافظة على سعر صرف الدينار.
وعزى أبو الشعر سبب ارتفاع الفائدة “بشكل كبير وغير معقول” خلال الفترة الماضية إلى جائحة كورونا التي أثرت سلبياً على السيولة المالية وازدياد الودائع في البنوك، تزامناً كذلك مع انخفاض الاستثمار ات وقلة التوظيف، ناصحاً الأفراد في هذا السياق أن “لا يحتفظوا وقت الأزمات بالودائع، لتحريك السوق ومواجهة التضخم”.
وأضاف أن رفع الفائدة يؤدي إلى تراجع الطلب على الاقتراض، بالمقابل، زيادة الطلب على إيداع الأموال، وأيضاً إبطاء معدلات النمو الاقتصادي، وتراجع وتيرة الاستثمار، وهبوط الإنفاق بكل أنواعه، وصولاً إلى تأثر مباشر للقطاعات الإنتاجية وسوق العمل والأسواق المالية بشكل عام.
إلى ذلك، أكد المتحدثون أهمية أن تعمل البنوك على خفض الهامش بين أسعار الفوائد المدفوعة والفوائد المقبوضة، وأن تقوم الحكومة من خلال السياسة المالية بإعادة النظر في الهيكل الضريبي، والتركيز على الإنفاق الاستثماري، وإنشاء المزيد من النوافذ التمويلية بأسعار فائدة تفضيلية تخدم بصورة مباشرة احتياجات الناس وتساهم في التقليل من الآثار الناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة.
ومطلوب أيضاً من البنك المركزي تقليص الفجوة بين المدين والدائن، وتحفيز السوق، وتشجيع عملية الاقتراض بين البنوك، وتوفير الحماية الاقتصادية للأفراد والمؤسسات المتوسطة والصغيرة، إضافة إلى إعادة النظر في المؤشرات الاقتصادية، وتحمل البنوك مسؤوليتها الاجتماعية والقيام بدورها بفعالية.
عموماً، فإن رفع الفائدة لها تبعات وخيمة على الجميع كما هو ملاحظ، ومن المهم العمل على تحسين البيئة الاستثمارية، وتعزيز النمو الاقتصادي من أجل تخفيف الضغوط المالية وخلق الفرص الاقتصادية للأفراد والشركات معاً، وتفادي مزيد من المشكلات الاقتصادية وتباطؤ أداء مختلف القطاعات.