الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

البطالة .. لا يمكن الاستمرار بنفس النهج وانتظار نتائج مغايرة

مشاركة

“محاربة البطالة والفقر”، شعار براق وفضفاض وعابر للحكومات الأردنية، فلم يخلُ أي برنامج حكومي منه، غير أن هذا الشعار لم يقترن يوماً برؤية واضحة، أو استراتيجيات بعيدة المدى، أو خطط مضمونة النتائج بعد فترة زمنية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة بنسبة غير مسبوقة لا سيما في ظل جائحة كورونا، حيث بلغت حوالي 25% ( النصف الأول من العام 2021)، وتقدر نسبة من أعمارهم بين 15 الى 24 من المتعطلين الأردنيين بـحوالي 39.2%، وتصل بين من تزيد أعمارهم عن 25 عاما إلى 61% (59% بين الذكور، وحوالي 66% بين الاناث).

وفي ظل ذلك، عقد معهد السياسة والمجتمع بالتعاون مع منظمة النهضة العربية (أرض) ورشة نقاشية بعنوان “في مواجهة البطالة… مسارات استراتيجية” يوم الثلاثاء 22 شباط/فبراير 2022، وهي جزء من سلسلة ورشات يتم خلالها استضافة نخبة من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال، للخروج في نهاية الورشات بورقة سياسات تتضمن تصوراً مفصلاً لملف البطالة أردنياً، والأسباب التي أدت إليها، والسياقات المطلوبة لمواجهتها.

“بالرغم من الحديث عن ارتفاع نسبة البطالة وأهمية هذا الموضوع فإننا لا نقرأ أي تصور رسمي لأسباب ارتفاعها والحلول العلمية والعملية لها، فكلما جاءت حكومة لعنت أختها، أي أنها شطبت كل الجهود السابقة وبدأت من جديد”، بهذا الكلمات بدأ مدير معهد السياسة والمجتمع الدكتور محمد أبو رمان الورشة، مؤكداً أن علينا استغلال مجلس التخطيط القومي ليكون الخزان الفكري للحكومات في ملف البطالة، ومعرفة أين أخطأنا وأين أصبنا .

السؤال الأكثر تردداً على ألسنة النخب الاقتصادية والاجتماعية الأردنية بصورة دائمة هو “لماذا فشلنا في محاربة البطالة والفقر”، وجاءت الإجابة عليه من وزير الاستثمار الأسبق مهند شحادة : ” لأننا غرقنا في المصطلحات والظواهر وابتعدنا عن الجواهر، كما أن النخب ذاتها التي تبحث عن إجابة لهذا السؤال أغرقت الدولة بوظائف وهمية كانت ذات أثر كبير في ارتفاع معدلات البطالة”.

 ووفقاً لشحادة فلا يمكن محاربة البطالة وخلق فرص عمل ما لم نحفز النمو الاقتصادي، غير أن تحفيز النمو الاقتصادي يواجه هو الآخر مشاكل أخرى و في مقدمتها شعبوية المسؤول وغياب قدرة الحكومات على إتخاذ القرار والمحاكمات الشعبية للمسؤولين، والأهم من ذلك كله عدم وجود هوية لاقتصادنا، أي أننا لا نبني الاقتصاد وفقاً لقدراتنا وإمكانياتنا المتاحة .

وفي الحديث عن أهمية التكنولوجيا في محاربة البطالة، قال وزير الاقتصاد الرقمي والريادة السابق مثنى غرايبة أنها سمحت لنا بالدخول على تجارب الدول الأخرى وعلينا استغلال ذلك والتعلم من غيرنا، مؤكداً أن اقتصاد الأردن لن يكبر وتزيد فرص العمل فيه إلا بالصادرات.

وكون الأردن لا يستطيع المنافسة على استقطاب المشاريع وتشغيل القوى العاملة على أساس الكلفة المادية المرتفعة مقارنة بالدول المحيطة، فإن الحل وفقاً لغرايبة بالمنافسة على أساس المهارة ، مشدداً على ضرورة تطوير مهارات العامل الأردني والعمل على تحسين مرتبتنا على موشر التنافسية العالمية .

بالإضافة إلى عدم قدرتنا على تحفيز النمو الاقتصادي، يرى الخبير العمالي حمادة أبو نجمة أسباب أخرى للبطالة ومن ضمنها عدم وجود قواعد بيانات (دراسات العرض والطلب) تدلنا على احتياجات سوق العمل ، كما أن ديوان الخدمة المدنية يصدر معلومات مضللة بدون قصد ومن ضمنها مؤشر التخصصات الراكدة، فليس بالضرورة أن التخصصات غير المطلوبة في الديوان غير مطلوبة في سوق العمل . 

وعن دور الجامعات في تأهيل الطلاب للانخراط بسوق العمل قبل تخرجهم، اقترح مساعد رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور محمد عبد الحميد القضاة على التعليم العالي إلزام الطالب بفصل تدريب ضمن الخطة الدراسية ، مما يساعده على صقل مهاراته والاستعداد لدخول سوق العمل عملياً وعلمياً .

ثمة مطلب بسيط للقطاع الصناعي في الأردن إذا أردنا تقليل البطالة : وجود هوية برامجية لأي حكومة وتحديد سياستها الاقتصادية والصناعية والزراعية. هذا ما جاء على لسان عضو غرفة صناعة عمان زياد أبو حلتم، الذي أكد أن الموازنة ينبغي أن تبنى على السياسة الاقتصادية وليس على توقعات البنك الدولي، و مشيراً إلى أهمية الإتجاه نحو التدريب المهني والتعليم التقني بفكر جديد وأدوات غير المستخدمة حالياً، خاصة وأن الدول العظمى صارت تنظر للصناعات والحرف باهتمام بالغ.

زيادة الاهتمام بالتدريب المهني والتعليم التقني، إضافة إلى تأسيس شراكة نوعية بين القطاع العام والقطاع الخاص بحيث يكون الأخير فاعلاً في صنع القرارات ورسم السياسات كان القاسم المشترك بين كل المتحدثين، وهذا يتقاطع مع رؤية منظمة النهضة العربية (أرض) وإيمانها بتمكين الشباب وتيسير وصولهم لسوق العمل من خلال التدريب المهني والتعليم التقني، ولذلك جاء إطلاقها لمشروع صمم ضمن مشاريعها المختلفة التي تهدف لمنح الشباب فرصاً تعليمية و بناء مهاراتهم الوظيفية وتيسير سبل العيش.

وأجمع المشاركون على أهمية تطوير الحمايات الاجتماعية وخلق بيئة عمل جيدة تحفز الأردنيين على دخول سوق العمل، إضافة إلى التركيز على استدامة النمو الاقتصادي عن طريق الصناعة والإنتاج، والتركيز على الاقتصاد غير الرسمي وعلى رأسه المشاريع المنزلية للسيدات، فضلاً عن تنظيم سوق العمل لتلبية احتياجات المشاريع الموجودة فيه، ولفت نظر المانحين للمشاريع التي تكون ذات أثر إيجابي ومبنية على دراسات بدلاً من صرف الملايين في مشاريع لا تسمن ولا تغني.

خلاصة الورشة النقاشية كانت واضحة جداً : لا يمكن الاستمرار بنفس النهج والأدبيات في محاربة البطالة وانتظار نتائج مغايرة، ومن دون استراتيجيات بعيدة المدى ولها ضمانات واضحة فإن رقعة البطالة ستتسع أكثر وأكثر .