“غيّرت أوامر الدفاع التي اتخذتها الحكومة للوقاية من الجائحة مجرى عمل قطاع العدالة جراء تعطّل عمل المحاكم والمحامين وصعوبات التنقّل، ما أعاق أو أخّر الوصول إلى العدالة”. هكذا قدّمت سعادة د. سوسن المجالي الشريك المؤسس لشركة درة المنال للتنمية والتدريب لأجندة الاجتماع الثالث للجنة التوجيهية لمنتدى دعم تطوير قطاع العدالة في الأردن، والذي عقد بتنظيم من درة المنال وبالشراكة مع منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، تحت عنوان “أثر جائحة الكورونا على قطاع العدالة في الأردن”، وذلك يوم الأحد الموافق 18 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
وشاركت مجموعة من ممثلي منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وإعلاميّون ونشطاء، وأعيان ووزراء سابقون ومحامون، في الحوار الذي تناول أثر الإجراءات الحكومية على الوصول للعدالة والتقاضي والانتصاف، بالإضافة لأثر الجائحة على الفئات الهشّة من عمّال المياومة، والعمالة الوافدة، والأطفال والنساء، ووصولهم إلى العدالة. كما تم التباحث في فرص التقاضي الإلكترونية وضرورة تفعيلها.
وعلى صعيد وضع العمّال وتأثرهم بالجائحة، أشارت أ. ليندا الكلش الرئيسة التنفيذية لمركز تمكين إلى التقارير التي أطلقها المركز والتي رصدت وضع العمّال في ظل الإغلاقات والحظر. كما تطرقت كلش للصعوبات التي واجهها هؤلاء العمّال وتمثّلت في انتهاكات الأجور، وتوقّف عمل صاحبات الأعمال المنزلية، مع انقطاع عمل العمّال تمامًا وإجبار أصحاب الأعمال لهم على العمل رغم الحظر وتكبّد الكثير منهم ثمنًا باهظًا للمواصلات. مشيرة إلى معاناة العمالة الوافدة المنزلية والزراعية وعدم مراعاة المَحافظ والمنصات الإلكترونية التي أطلقتها الحكومة للتعامل مع الجائحة، المستوى التعليمي والثقافي للعمّال الوافدين ولغاتهم، ما أدى الى تعرض بعضهم لاستغلال أصحاب العمل لهم وتسفير البعض الآخر لخارج البلد دون تحصيل مستحقاتهم المالية. كما ألقت كلش الضوء على حالات الاتجار بالبشر قائلة: “تأثّر ضحايا الاتجار بالبشر بسبب غلق مأوى الكرامة، وعند لجوئهم لمأوى اتحاد المرأة طلب منهم الخضوع لتحليل كورونا وتحمّل الكلفة العالية له”.
وفي نطاق وضع الأطفال ووصولهم للعدالة في ظل جائحة الكورونا، استعرضت الإعلامية والناشطة المتخصصة في قضايا الأطفال أ. نادين النمري، أهم الصعوبات التي واجهات الأطفال في ظل الحظر والتي تمثلت في تزايد تعرضهم للعنف الأسري في ظل إغلاق المدارس، وإجبار بعض الأهالي أولادهم على التسوّل والعمل. كما أكدت النمري على أن الحظر زاد من صعوبة وصول الأطفال إلى العدالة، مضيفة بأنه قد: “تم توقيف 44 حدثًا لأسباب تتعلق بمخالفة أوامر الدفاع، الأمر الذي يخالف قانون الأحداث والذي يقضي بعدم توقيف الأطفال على مخالفة أو جنحة. بالإضافة إلى الطلب من بعضهم دفع غرامة كاملة أو نصف غرامة لإطلاق سراحهم، الأمر الذي لم ينص عليه القانون”.
كما أشارت النمري إلى الصعوبات التي واجهت الأطفال من ذوي الإعاقة والذين حرموا من حقهم بالرعاية والمتابعة الوجاهيّة من قبل المرشدين، إضافة لمعاناة الطلبة في ظل الوضع الحالي وانقطاع التعليم الوجاهي حاليًا، واستبداله بمنصة درسك غير التفاعلية، والافتقار لحصص الإرشاد، ومنع تواصل المعلمين مع الطلبة إلا في بعض المدارس الخاصة.
وعلى صعيد قطاع العدالة، تحدثت أ. سمر محارب، الرئيسة التنفيذية لمنظمة النهضة (أرض) عن أهمية عمل الحكومة على ضمان تفعيل سيادة القانون وخاصة في ظل الأزمات. واستعرضت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وأثرها على القطاع، واستجابتها لمطالبة المجتمع المدني بتأجيل القضايا بعد شهرين وتفعيلها عن بعد، ومنح القضاة والمحامين تصاريح تجوّل.
كما أكدت محارب على ضرورة التشاركية بين القطاعات كافة وخاصة الحكومة والمجتمع المدني، وذلك لضمان وصول فئات المجتمع إلى العدالة فقالت: “لا بد من تكامل الخدمات بين أجهزة الدولة المختلفة مثل وزارة العدل، ووزارة الداخلية، ووزارة العمل، وغيرها”. وأضافت أن منظمة النهضة (أرض) عملت على تقديم المشورة القانونية عبر الهاتف لأكثر من سبعة آلاف حالة شملت شكاوى واستشارات تخص اللاجئين، والوافدين، والمجتمعات المضيفة حيث تزداد الحاجة الى سيادة القانون أثناء الأزمات، ولذا فمن المهم ضمان فعالية نظام العدالة وقدرة وصول الناس إليه في كلّ الأوقات. كما أكدت أيضًا على زيادة الطلب على خدمات العون القانوني، أو إمكانية حدوث عزوف مرحليّ عن التقاضي، وضياع للحقوق، خصوصًا بين الفئات الأضعف من نساء، وعمّال مياومة، واللاجئين والمهاجرين، وذلك جرّاء الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمشكلات في قطاع العمل. هذا، وقد ناقش الحضور التحديات والفرص التي يفرضها التقاضي عن بعد، مع التأكيد على أهمية نشر الحلول الإلكترونية ووضع آليات لتعميمها ونشرها مجتمعيًا.
وختامًا، أكد المتحدثون على أهمية العمل بتشاركية لضمان سيادة القانون، وشدّدوا على أهمية التمكين والحماية القانونية في حالات الطوارئ والأزمات، ودور هذه الأمور مجتمعة في مراحل الصمود والتعافي.