في ظل الأحداث المؤلمة والتحديات المزمنة والمتجددة التي تمر بها المنطقة العربية، تتضامن منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) مع شعوب العالم العربي بأزماته الداخلية، والمتداخلة، والإقليمية والخارجية. إذ أن ما يحدث في عالمنا من اختلالات شديدة وكارثية ليس من باب الصدف، بل هو نتاج تدني في الأداء، وتباعد بين شعوب وممثليهم، وبين أغلبيتاها وأقلياتها، وحصاد ريعية بلا نتاج، وإقصاء وحرمان مورست منذ عقود طوال.
ورغم ذلك، لا تزيدنا الويلات وفاجعات القهر إلا إصرارًا على العمل لبناء مجتمعات مدنية قوية حرة الرأي كمقدمة لديمقراطية حقيقية في العالم العربي، تحترم فيها الغالبية الأقليات، ويتمتع فيها الفرد بحق سرد قصة حياته دون أن يسلبها آخر، كما تمكنه مؤسساته الوطنية من تحقيق طموحاته دون ريعية أو هيمنة إقصائية تحرمه من خيارات حياة حرة كريمة.
وإحقاقًا للعدالة، لا يجوز أن يمر ضعف الأداء دون مساءلة أو محاسبة، ولكننا نؤمن أيضا أن جهود التلاحم والتعاضد والتعامل بعقلانية وحكمة الأفراد والمؤسسات الحكومية والمؤسسات المدنية، سواء على مستوى القطر أو العالم العربي، وبكافة طاقاته وموروثه المشترك تعد مرتكزًا أساسيَا وضروريَا للخروج من الأزمات نحو غدٍ أفضل.
كما نؤمن أن جماهيرنا هي مصدر القوة الحقيقية للحاكم والمحكوم، وأن أي سلطة نابعة من خارج كوكبة هذه الجماهير لا تعدو كونها مجرد تسلط معادٍ ومقوض للتنمية. لذا لا بد لنا من إيجاد دول قادرة على اتخاذ قراراتها بذاتها وإعالة نفسها، فمن لا يعيل ذاته يفقد قراره. ولا بديل عن أن نكون دولًا تحتوي الجميع، ليقوموا بمشاركة فاعلة في دفع أجندات الإصلاح فيها وصناعة الحاضر والمصير، في مجتمعات يتحمل فيها كل شخص ومؤسسة وحكومة مسؤوليته، كما يحاسب على الأداء ويُقيّم من خلال العطاء والإنجاز.
نطالب شعوبنا العربية بكليّتها، شبابًا وكهولًا، نساءً ورجالًا، عمالًا ومفكرين، أن تكون على قدر التحدي، ونطالب الحكومات العربية أيضًا بحماية حقوق ممثلي هذه الشعوب ومجتمعاتها المدنية، ومساندتهم لبناء مجد عالم عربي متقدم وزاهر.
