تسعى تحالفاتنا الثلاثة المكونة من منظمات غير حكومية وطنية ودولية إلى تعزيز التعاون بين الحكومة الأردنية، ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومة الدولية. كما تضطلع منظماتنا التي تضم أكثر من مئتي منظمة غير حكومية رائدة وفاعلة في الأردن بدورها في قطاعي العمل الإنساني والتنمية في البلاد عبر تنفيذ برامج تهدف إلى التعامل مع أوجه الضعف وتحقيق أهداف التنمية المستدامة المنسجمة مع سياسات الحكومة وأولوياتها، وذلك استكمالاً للجهود التي تبذلها.
في ظل التوجهات والنزاعات العالمية التي فاقمت من الضغوط على الاقتصاد الأردني، هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى لضمان التعاون الوثيق، والتنفيذ الفعال، وتحقيق روح الشراكة للحصول على استجابة سريعة للاحتياجات الإنسانية العاجلة، وتحقيق الأهداف التنموية طويلة الأمد.
بصفتنا منظمات غير حكومية، نلتزم بالعمل في شراكة مع الحكومة الأردنية لتحقيق أهدافنا المشتركة، ونسترشد بخطط التحديث والاستجابة ونعمل بما يتماشى مع حقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية الدولية. وعليه، تقدم المنظمات غير الحكومية مساهمة مهمة للأردن على المستويات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والحوكمة، وتُحقق منظماتنا أهداف الحكومة في مجالات الخدمة العامة، كما تقدم المساعدة والدعم اللازمين والمكمّلين لعمل الدولة الأردنية.
على الرغم من الجهود الساعية إلى تحديد الأولويات ووضع السياسات والتي تبذلها خطة الاستجابة الأردنية وأجندتي الإصلاح والتحديث، ما تزال المشاريع التي تمولها الجهات المانحة الدولية وتنفذها منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الدولية في الأردن خاضعة للتدقيق والتغييرات التي قد تُعيق عملية تنفيذها وتتعارض مع الاستراتيجية الوطنية، الأمر الذي يطرح تحديات وعراقيل؛ إذ تركز الآليات المعمول بها في الأردن حاليًّا على منح الموافقات بدلاً من تعزيز التعاون بين الجهات المختلفة.
يُستخدم نظام المعلومات لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية (JORISS) لإدارة المشاريع المدرجة ضمن خطة الاستجابة الأردنية للاجئين السوريين والمجتمعات الأردنية المضيفة المتضررة، الأمر الذي أظهر قيودًا في إجراءاته التي تتم عبر الإنترنت؛ إذ تستغرق مدة الموافقة وبدء التنفيذ أكثر من أربعة أشهر في المتوسط. حيث لا يتم توفير جميع التقارير الإلزامية لجميع الوزارات المعنية بما يترتب عنه إلقاء عبء متطلبات إبلاغ وإعداد تقارير إضافية على عاتق المنظمات غير الحكومية. وبالإضافة إلى ذلك وفيما يخص المشاريع التنموية والإنسانية خارج إطار خطة الاستجابة الأردنية، فإننا نواجه آليات متعددة للموافقة على المشاريع والتي يجب أن تمر عبر وزارة التخطيط والتعاون الدولي، ووزارة التنمية الاجتماعية فضلًا عن وزارات أخرى محددة. مما يؤدي إلى نقص التنسيق بحيث تعطي الهيئات المختلفة الأولوية لقضايا أخرى، مما يتناقض مع الاستراتيجيات الوطنية. فلا بد أن تقوم وزارة التخطيط والتعاون الدولي بدور أكثر فاعلية في تحقيق الأولويات التي تحددها الحكومة. كما يتعين على جميع الشركاء الأردنيين الامتثال لعملية الموافقة الخاصة بآلية التمويل الأجنبي.
غالباً ما يتسبب ضعف التواصل بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية في حدوث ارتباك حول أهداف كل طرف وأدواره ومسؤولياته، ما يؤدي إلى غياب الثقة والرقابة. وقد يحقق وجود أُطر واضحة وصلاحيات مقررة لتسهيل التواصل وتبادل المعلومات بشكل أكثر سلاسة حول المشاريع قيد النظر، المزيد من الفائدة للجان المسؤولة عن صنع القرار في هذه العمليات؛ إذ يمكن أن يساعد ذلك في الحيلولة دون حدوث سوء تفاهم، وزيادة الثقة بين الجهات المعنية، وتعزيز التعاون والتنسيق الأكثر فعالية، الأمر الذي يؤدي إلى رفع الكفاءة، وتوظيف الموارد بحكمة.
فيما أعرب جلالة الملك عبد الله الثاني مرارًا وتكرارًا عن دعمه للمجتمع المدني، وفي الوقت الذي تقوم فيه الحكومة الأردنية بمراجعة التغييرات المطروحة على عمليات وأنظمة الموافقة على المشاريع ودراستها، فإننا نحث الحكومة على ضمان أن يجسد أي نظام جديد دعوة جلالته إلى “تحسين التعاون بين الدول، والمنظمات الدولية، والمجتمع المدني، والجهات المعنية الأخرى لزيادة التنمية الشاملة”، حسبما أكد جلالته في القمة العالمية حول الأشخاص ذوي الإعاقة المنعقدة في شباط/فبراير 2022.
بالنظر إلى الواقع المتغير، والتحديات القائمة، والدور الهام الذي تضطلع به المنظمات غير الحكومية كما أقر جلالة الملك والحكومة والجهات المانحة الدولية، فلا بد من الاستفادة من تجربة العقد الماضي. لذا، ندعو الحكومة الأردنية إلى إجراء حوار مفتوح حول تصميم آليات الموافقة وإصلاحها، والنظر في التوصيات التالية المقدمة بالنيابة عن أكثر من مئتي منظمة مجتمع مدني نُمثلها مجتمعة:
1. تعزيز التنسيق بين الحكومة الأردنية والجهات المانحة لضمان الموافقة السريعة على المشاريع المحددة بوضوح/المتسقة مع الاتفاقيات الثنائية أو غيرها من الاتفاقيات بين الحكومة الأردنية والجهات المانحة، فهذا من شأنه تعزيز إمكانية التنبؤ بالموافقات والكفاءة الكلية للنظام القائم.
2. تعزيز الشفافية من خلال مشاركة المعلومات علنًا حول جميع المشاريع قيد النظر وحالتها، والالتزام بأطر زمنية واضحة للموافقة على المشاريع من أجل ضمان تنفيذها ضمن الأطر الزمنية المرجوة، وعدم تأثر المساعدة المقدمة للمنتفعين والمنفعة والأثر الكليين للمشاريع بالتأخيرات المفرطة التي قد ينجم عنها الاستعجال في التنفيذ.
3. ضمان قيام هيئة ذات صلاحيات بمراجعة المشاريع بحيث تكون قادرة على تقديم الموافقات بالتوازي مع ضمان التنسيق والتعاون الجوهريين مع الوزارات المعنية/التنفيذية. ومن خلال عدم اشتراط منح الموافقات على الموافقة المسبقة التي تتطلب مجهودات تنسيق مضنية، فإن الآلية الجديدة ستضمن التنفيذ السريع للمشاريع كما ستحول دون حدوث التأخيرات المفرطة، فضلًا عن العبء والضغط الإضافيين على الوزارات التنفيذية للمراجعة والموافقة. ومن المهم التسليم بحقيقة أن التنسيق والتواصل المستمرين بين المنظمات غير الحكومية والحكومة الأردنية/الوزارات التنفيذية أثناء تنفيذ المشاريع هو بديل عن التأخيرات الناجمة عن الموافقات المسبقة.
إن الطبيعة المطولة للأزمة السورية، والركود العالمي والنزاعات الناشئة في المنطقة الأوسع هي جميعها تحديات تتطلب منا تعزيز التفاهمات، والكفاءات والتعاون الشامل بين الجهات المانحة والحكومة الأردنية والمنظمات غير الحكومية من أجل ضمان تحقيق استجابة فعالة تأتي في الوقت المناسب، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات لدعم استضافة الأردن السخية للاجئين فضلًا عن تعزيز خطط التحديث العام والاقتصادي والسياسي في الأردن. معًا، يمكننا تعظيم الأثر والفائدة المستمدة من الموارد المحدودة المتاحة للأردن. نتطلع إلى مواصلة تعزيز تعاوننا وشراكاتنا القائمة على الثقة والشفافية الحقيقيتين، ونمد يدنا إلى الحكومة بهدف التعاون وإزالة أي إجراءات روتينية غير ضرورية ومرهقة، كما نأمل بصدق بأن تجد رسالتنا صدرًا رحبًا، واستجابة شفافة فاعلة من صناع القرار الأردنيين.