فيما استخدمت غالبية دول المنطقة نظام “الكوتا”، على اعتباره تمييزاً إيجابياً يسمح بمشاركة المرأة في مواقع صنع القرار، واعترافاً بالدور الحاسم الذي يمكن أن تلعبه في تنمية البلدان اقتصادياً، وسياسياً واجتماعياً، تبرز الحاجة اليوم إلى وصول النساء إلى البرلمان “عبر المنافسة وليس الكوتا”.
ذلك الأمر، يستدعي تعديل التشريعات، وتغيير الفكر السياسي للنساء، وتثقيف المجتمع بالعملية الانتخابية والسياسية بشكل عام، وانتقال الوعي المجتمعي (نخباً ومواطنين وأوساط ثقافية وحزبية.. إلخ) من “المشاركة إلى الشراكة الفعالة”، وفقاً للمشاركين في اللقاء الحواري حول “جدل الكوتا ومعضلة التمكين النسائي في الحياة العامة في الأردن” الذي عقدته شبكة نساء النهضة في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، الأربعاء 30 آب/ أغسطس 2023، وأدارته المديرة التنفيذية للنهضة العربية (أرض) سمر محارب.
وأكدت محارب أن المشاركة السياسية والمدنية للنساء والشباب استدعى اهتمام النهضة العربية (أرض)، وخاصة بما يتعلق بضعف التمثيل النسائي في مختلف دوائر صنع القرار القيادي، الأمر الذي يتطلب بناء الشراكات بين كافة المؤسسات وتدعيم الجهود وتوسيع الفرص أمام المرأة، وهو ما ينعكس بالدرجة الأولى على رفاه المجتمعات ومؤشرات الفقر والبطالة والتنمية.
وفيما يتعلق بالوضع في الأردن، بينت محارب، وفقاً لدراسة أجراها قسم الأبحاث في النهضة العربية (أرض)، أن نظام الكوتا يحتل المرتبة السادسة في العالم العربي والمرتبة 129 عالميًا على مؤشر قوة المرأة الذي وضعه مجلس العلاقات الخارجية، وهو ما يشير إلى وجود تحدٍ من حيث تحقيق المساواة بين الجنسين، بينما تشارك 9% فقط من النساء في مجلس الوزراء، و12% في هيئات التشريع، و32% في هيئات الحكم المحلي.
بدورها، شددت النائب، دينا البشير، على أهمية “نضال المرأة في المجتمع لتتمكن من الوصول إلى مواقع صنع القرار”، مبينة أنها كغيرها من البرلمانيات واجهت إشكالات عديدة في تجربتها بمجلس النواب، خصوصاً أنها من أصغر 5 نواب في المجلس.
وأوصت البشير بضرورة توفير برامج تقوم على تغيير ثقافة المجتمع، لإيجاد نواب وطن حقيقيين وليس نواب خدمات، لافتة إلى أن معظم النساء اللواتي يرغبن في المشاركة في الانتخابات والأحزاب يتعرضن لتنمر مجتمعي.
أما عضو مجلس الأعيان، م. خالد رمضان، فرأى أن “الكوتا تمييزاً إيجابياً، في وجه التميز السلبي”، قائلاً: إن نظام الكوتا في الأردن لا ينطبق على المرأة فقط، بل على البدو، والشركس، والشيشان والمسيحيين. وطالب النخب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، بتعزيز الوعي المجتمعي حول المشاركة في الانتخابات النيابية، وإلى إقامة شراكات بين مختلف الجهات لزيادة التمثيل النسائي تحت قبة البرلمان”، معتبراً أن السياسيين في الأردن تنازلوا عن دورهم الأساسي لصالح إعلامي وتسويقي، بدلاً من أن يكونوا صناع سياسة.
ونبه رمضان، أن “لا نجعل قضية المرأة والشباب جسر عبور لمراكز النفوذ، في ظل أننا لا نملك مجتمعاً مدنياً منظماً، بل ناشطين اجتماعيين أو سياسيين، وليس سياسيين محترفين”، مؤكداً حاجتنا لمؤسسات قائدة ونضال دستوري حقيقي، وإعادة صياغة المواطنة الفاعلة، والتركيز على التعليم والثقافة.
حالياً، وبحسب عضوات شبكة نساء النهضة، ومنهن المستشارة الرئيسية لمؤسسة درة المنال للتنمية والتدريب، د. سوسن المجالي، ومنال الوزني، ومنى طلفاح، وغيرهن، مطلوب نضال سلمي ديمقراطي وحوار وتوافق وطني يزيد من تمثيل النساء في البرلمان، وعقد لقاءات دورية بين مؤسسات المجتمع المدني والجهات المختلفة وبين مجلسي الاعيان والنواب، مع أهمية تغيير النظرة المجتمعية للمواطنين حول المشاركة السياسية والمدنية، لكي لا تبقى محصورة بالمواضيع الاقتصادية والاجتماعية، وصولاً إلى ضرورة إيجاد نظام يعزز المرأة برلمانياً وسياسياً ولا يضع معادلات حسابية وشروطاً تقضم حقها بالوصول المتساوي للعمل البرلماني.