ثبت بالدليل الواضح، أن البلدان التي تملك مؤسسات ونظماً قوية للحماية الاجتماعية والاستجابة الصحية كانت أقل تعرضاً للمعاناة مقارنةً بغيرها، وأن تعافيها من آثار الأزمات كان الأسرع على الإطلاق، كما حدث في جائحة كورونا مؤخراً.
في ضوء ذلك، وللوقوف على التحديات والفرص المتعلقة بالاستجابة الصحية في الأزمات، وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى للمنظمات العاملة في هذا المجال، والتباحث في طرق تحسين فعالية وكفاءة الاستجابة الصحية، نظمت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، وبالتعاون مع منظمة المعونة الأمريكية للاجئين في الشرق الأدنى (أنيرا) جلسة حوارية بعنوان: “الاستجابة الصحية في ظل الأزمات الإنسانية”، الثلاثاء 9 أيار/ مايو 2023.
وشهدت الجلسة التي تأتي ضمن لقاءات سياسات الصحة العامة، وحضرها خبراء يمثلون قطاعات الأطباء والعدالة والإسعاف والهلال الأحمر الأردني ونشطاء اجتماعيين وممثلي مجتمع مدني، تحديد أوجه التعاون والشراكات المحتملة لتعزيز أثر مبادرات الاستجابة الصحية في السياق الإنساني للأزمات.
وأكدت المديرة التنفيذية للنهضة العربية (أرض)، سمر محارب، على أهمية ودور منظمات المجتمع المدني المحلية في الاستجابة للمجال الصحي والعمل التنموي، مشيرة إلى أن التركيز يذهب دائماً للمؤسسات الأجنبية العاملة في هذا القطاع، دون الالتفات لعمل المؤسسات المحلية التي لديها خبرات وتجارب طويلة بالعمل الصحي.
وأوضحت محارب أن هناك تكرار في برامج وخدمات بعض المنظمات العالمية العاملة في القطاع الصحي، لافتة في ذات السياق إلى نقص المؤسسات المحلية المختصة بالجانب الطبي، مما يتطلب اليوم فهم احتياجات المملكة والتنسيق مع المؤسسات بشكل أفضل لتقديم المساعدات الطبية، مع ضمان جودتها واستخدامها بطرق صحيحة لتجنب إتلافها.
بدورها، أعادت مديرة برنامج التبرعات الطبية في منظمة أنيرا، نسرين خلف، الحديث عن بداية عمل أنيرا عام 1968، لمساعدة اللاجئين والأفراد ممن تضرروا من الصراعات في الشرق الأوسط، دون أي انتماء سياسي أو ديني، حيث تعمل على الأرض مع شركاء في الضفة الغربية وغزة ولبنان والأردن، كما تقوم بتنظيم حملات الإغاثة الفورية في حالات الطوارئ وتطبيق مشاريع تساهم في التنمية الصحية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية.
وبينت خلف أن العمل في العمل الإغاثي الطبي لا ينجح ويستمر التنسيق المنتظم والفعال بين جميع الجهات المعنية سواء الرسمية أو الخاصة أو المجتمع المدني، منبهة إلى أن أنيرا تعمل على توفير آلاف العلاجات المجانية لمرضى الأمراض المزمنة مثل السرطان والسكري، بالإضافة إلى الأدوية المستخدمة والمستلزمات الطبية التي يزيد استهلاكها في حالات الطوارئ.
من ناحيته، تحدث نقيب الأطباء الأردنيين، د. زياد الزعبي، عن قسم تدريب وتأهيل الأطباء والكوادر الصحية للعمل في حالات الكوارث والأزمات والطوارئ، مؤكداً على أن الأطباء على أهبة الاستعداد للانخراط والعمل تقديم المساعدة أينما طلبوا، وفي أي وقت.
فيما دارت حوارات ونقاشات متعددة بين المتحدثين، مفادها الإجماع على زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية على الفور لتلبية الاحتياجات العاجلة والزيادة الكبيرة في الطلب، وتكثيف الاختبارات الطبية، وتعزيز المرافق، ودعم العاملين في هذا المجال، مع أهمية الاستجابة والتعاضد بين القطاعين الحكومي والخاص ومنظمات المجتمع المدني، وفهم احتياجات المجتمع بشكل صحيح وعلمي، ومأسسة العمل الطبي، واستمرار الاستجابة والاستثمار بالقطاع الطبي وتنسيق الوصول بشكل أكبر للفئات المستهدفة، والقدرة على التدخل السريع دون الرجوع إلى مرجعيات رسمية في الأزمات.
فيما انتقدوا بطء توزيع الأدوية من قبل الجهات الرسمية في حالات الطوارئ، وارتفاع أسعار الأدوية، وعدم مجانية غسيل الكلى بالنسبة للاجئين، مشددين ضرورة إفساح المجال لمنظمات المجتمع المدني، لتسهيل تحركها واستجابتها، للوصول للمجتمعات المحلية في حالات الطوارئ، وتوفير المناخ والآليات الداعمة للشراكة والتعاون بينها وبين الدولة، وفيما بينها.
وأوصوا أيضاً بنشر المعلومات بشفافية في هذا السياق لزيادة مصداقية النظام الطبي في المملكة، وحاجتنا لأكثر من أي وقت مضى، إلى التضامن والإرادة السياسية لاجتياز الأزمات، وتقليل نسبة الهدر في الأدوية، نظراً لغياب سياسات ترشيد استهلاكها، مع التركيز على تطوير برامج الإغاثة الصحية لدعم الأفراد واللاجئين في الشرق الأوسط.