خلال العامين 2021 و2022، شهدت بورصة عمان تطورات إيجابية على مستوى أدائها في كافة القطاعات، حيث شكلت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في بورصة عمان للعام 2022، ما نسبته 56% من الناتج المحلي الإجمالي، كأعلى قيمة سوقية سجلت منذ العام 2014. كما ارتفعت القيمة السوقية منذ بداية هذا العام 2023، لتصل إلى 19.5 مليار مسجلة نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أعلى مستوياتها منذ العام 2011. كما ارتفع الرقم القياسي منذ بداية العام مسجلاً أعلى مستوياته منذ العام 2009.
وقال المدير التنفيذي لبورصة عمان، مازن الوظائفي، بأنه “لسنوات عديدة، شهدت بورصة عمان تحديات كثيرة، بدءاً من الأزمة العالمية عام 2008، مروراً بالربيع العربي، وجائحة كورونا، وأخيراً الحرب الروسية الأوكرانية”، وأشار إلى وجود تحديات أخرى أساسية واجهت السوق المالية مثل: تراجع الثقة في ضوء الأزمات المتلاحقة؛ وتراجع السيولة الموجهة للاستثمار في الأوراق المالية؛ وتوجه الاستثمار نحو أنواع أقل مخاطرة، مثل الودائع نظراً لارتفاع أسعار الفائدة وغيرها. وأضاف بأنه “على الرغم من هذه الأزمات، فقد حققت البورصة مؤشرات إيجابية خلال العامين السابقين ومنذ بداية هذا العام”.
حديث الوظائفي جاء خلال استضافته في جلسة حوارية لمعرفة “أثر بورصة عمان على التنمية البشرية والاقتصادية في الأردن”، والتي عقدتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية النهضة العربية (أرض)، الثلاثاء 28 شباط/ فبراير 2023، بحضور أعضاء منتدى (هدف) من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، وتخللها نقاشات حوارية مع الوظائفي.
فيما تأتي هذه الجلسة، ضمن سلسلة حوارات ينظمها منتدى التنمية البشرية والاقتصادية (هدف)، والذي يقع تحت مظلة مركز النهضة الفكري في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، ويسعى للتعامل مع احتياجات النموذج التنموي القائم والفجوات الموجودة فيه؛ من خلال العمل المشترك بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، والمجتمعات كافة، والتركيز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية؛ عبر إجراء دراسات متخصصة في السياسات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الجهود المطلوبة في نفس الاتجاه القائم على البحث والأدلة والمؤشرات العلمية.
من جهته، بين منسق منتدى (هدف)، د. رعد التل، أن التحسن الاقتصادي لأي بلد ينعكس بالدرجة الأولى على حياة ورفاه الإنسان، معتبراً أن سوق الأوراق المالية يساهم في تفعيل النمو الاقتصادي؛ حيث تؤثر فاعلية السوق وكفاءة أدائه تأثيراً إيجابياً بحجم الاستثمار ونوعيته، إذ ثبت وجود أثر ايجابي ومعنوي للمؤشر العام لأسعار الأسهم في سوق عمان المالي على النمو الاقتصادي الأردني.
بدوره، أوضح الوظائفي أنه في 20 شباط/ فبراير 2017، تم تسجيل بورصة عمان كشركة مساهمة عامة هادفة للربح، مملوكة بالكامل للحكومة، منبهاً أن تحويل البورصة إلى شركة، يساهم في تعزيز المنفعة الاقتصادية التي تقدمها للاقتصاد الوطني، ويمكنها من تقديم خدمات أفضل واستقطاب شركات جديدة ومتعاملين جدد، إضافة إلى الدخول في اتفاقات إقليمية ودولية مع جهات مختلفة لزيادة الحصة السوقية لها.
وحول توقعاته لأداء السوق؛ قال الوظائفي: “أن التحسن في أداء الشركات المساهمة العامة حيث حققت أرباحا صافية غير مسبوقة بلغت 2.47 مليار دينار لعام 2022، إضافة إلى التحسن في العديد من المؤشرات الاقتصادية والمالية العامة، ورؤية التحديث الاقتصادي وخطط تحفيز الاقتصاد والتطوير التي تطلقها الحكومة والخطط والمشاريع الاستراتيجية التي تنفذها البورصة ومؤسسات السوق وفق أحدث المعايير ومتطلبات المستثمرين المحليين والأجانب، يساهم في تعزيز البيئة الاستثمارية في البورصة وزيادة الاهتمام بها”
ولفت إلى أن مؤسسات سوق رأس المال أصدرت عدداً من التوصيات والمقترحات للحكومة، كان من أهمها إعادة النظر في الضريبة على التداول؛ وتشجيع إنشاء صناديق الاستثمار المشترك؛ ومنح حوافز ضريبية لهذه الصناديق، لما لهذه الصناديق من أهمية في تعزيز الاستثمار المؤسسي الذي سيساهم في تعزيز نشاط السوق وزيادة عمقه واتساعه، وتقليل مخاطر الاستثمار وتوفير أدوات استثمارية جديدة في السوق، وتشجيع إنشاء صناديق مؤشرات التداول وإدراجها للتداول في البورصة، وحث البنوك والمؤسسات المالية وصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي لإنشاء هذه الصناديق.
وبخصوص خطط البورصة لمواجهة التحديات التي يواجهها السوق، أكد الوظائفي على وضع استراتيجية تحتوي على العديد من المشاريع والبرامج بهدف تطوير كافة الأطر التشريعية والفنية وفق أحدث المعايير والممارسات الدولية؛ وذلك لتعزيز المناخ الاستثماري وزيادة جاذبية البورصة للاستثمارات المحلية والأجنبية.
وبحسبه، فإن بورصة عمان تعمل على تشجيع شركات عائلية وحكومية واستقطابها لإدراجها في السوق، كما تم العمل على تطوير الخدمات الإلكترونية، ومسيرة التحول الرقمي في السوق، من خلال إطلاق نظام التداول الإلكتروني والإفصاح الإلكتروني والتداول عبر الإنترنت وتطبيقات الهاتف المحمول، والزام الشركات العشرين الكبرى المدرجة على إصدار تقارير استدامة ابتداءً من هذا العام كخطوة أولى، وذلك لتعزيز المناخ الاستثماري والإفصاح والشفافية في السوق المحلي، لافتاً إلى أن السوق المالي الذي تتحقق فيه الكفاءة والشفافية؛ يعزز الاقتصاد الوطني ويطمئن المستثمر بأن هناك استقراراً مالياً في البلد.
بدورها؛ شددت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية (أرض)، سمر محارب، على أهمية توفير المعلومات المتعلقة بالقطاعات المالية والمصرفية والاقتصادية لأفراد المجتمع، لافتة إلى ضرورة تعزيز حضور هذه القطاعات بين المواطنين وتوعيتهم وتثقيفهم في هذا الشأن.
ختاماً؛ أوصى المتحدثون بضرورة التنسيق بين المؤسسات الوطنية، ورفع الوعي بأهمية التداول في البورصة، وأن تكون لغة الحوار مع المواطنين بما يتعلق بالاقتصاد بسيطة وغير معقدة، فضلاً عن تعزيز قدرات العاملين في الشأن الاقتصادي وتأهليهم، وتحفيز الاستثمار المؤسسي، وتمويل المشاريع الحكومية من خلال إنشاء شركات مساهمة عامة حكومية وإصدار سندات وصكوك تمويل إسلامية، وتقديم حوافز للشركات حديثة التأسيس، إلى جانب إدراج الشركات الحكومية في البورصة، وتداول السندات الحكومية من خلال البورصة، وأيضاً تخفيض كلفة التداول.