هو ليس فقط مكاناً لصناعة التحف التراثية وإنتاج المطرزات الفلسطينية التي تحاكي عبق الذاكرة والهوية والتاريخ، وإنما مركزاً أساسياً للعمل الاجتماعي المجتمعي، تقوده نساءٌ أثبتن بعزيمة وإصرار دورهن الريادي في العمل العام.
ذاك هو الوصف الأدق، لجمعية الأمل للتنمية الاجتماعية الواقعة في مخيم البقعة، شمالي غرب العاصمة عمان، والتي تقف خلفها مجموعة من النساء الرياديات والشغوفات؛ لتوجيه الأنظار لدور المرأة الأساسي في الحياة العامة وقدرتها على تمكين مجتمعاتها، وحمايتها في الأزمات، وغيرها.
ولتوثيق تجارب النساء والبناء عليها، والاستفادة منها لإيجاد آليات وطنية تقوم بمأسسة عمل هذه الجمعيات وتوحيد جهودها لتكون أكثر فاعلية، نظمت شبكة نساء النهضة في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، الأربعاء 15 شباط/ فبراير 2023، زيارة تعريفية لمقر جمعية الأمل.
وبينت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية (أرض)، سمر محارب، أن هذه الزيارة تأتي في إطار التعرف على جهود جمعيات المجتمع المحلي، وأوضاع المخيم وتحدياته وآخر تطوراته، وكذلك لفهم أدوار اللجان المجتمعية، لافتة إلى أن الجمعيات التعاونية والخيرية بدأت بين الناس لخدمتهم، لكن فيما بعد أصبح موضوع مأسسة تلك الجمعيات “يشكل تحدياً أمامهم”.
من جهتها، أعادت رئيسة الجمعية أمل أبو حطب، فكرة تأسيس الجمعية، إلى “الرغبة بفهم أوضاع المرأة في مخيم البقعة وتحجيم وضع الفقر والبطالة الذي تعانيه الأسر ودمج المرأة في المجتمع المحلي”، مشيرة إلى تداعي مجموعة من السيدات المتقاعدات لتأسيس هذه الجمعية في العام 2006.
وأوضحت أبو حطب: “بدأنا في بيوتنا أولاً ثم انتقلنا إلى المكاتب.. مشاريعنا كثيرة: المطبخ الإنتاجي، الخياطة والتطريز وإعطاء التدريبات وتقديم المساعدات للأسر المحتاجة”.
وأضافت “انتشرنا بعدها في أماكن متعددة في المخيم والمناطق المحيطه به، لتستفيد حوالي 1500 عائلة كل عام من المساعدات المادية والعينية للجمعية، وهناك نحو 150 أسرة تكفلها الجمعية شهرياً.. وتقديم 20 ألف مساعدة عينية خلال سنة واحدة.
ورأت أبو حطب أن حجم الخدمات المقدمة من الجمعية “لا تتناسب مع إيرادات الجمعية التي تحصل عليها من دعم الشركات الخاصة والديوان الملكي ومساعدات المقتدرين، ومن بيع منتجات وأعمال الجمعية”. لافتة إلى أن هناك مساعدات مالية بقيمة 100 دينار لكل أسرة تقدمها الجمعية “لكنها موسمية وليست دائمة”.
وبينت أن الجمعية قامت بالتشبيك مع مؤسسات المجتمع المدني لتجويد عملها وتكامله، وتقوم أيضاً بتدريب النساء وإعدادهن لسوق العمل، حيث استطاعت الجمعية توفير فرص عمل لفتيات ونساء من المخيم في المدراس الخاصة والبنوك ومشاغل الخياطة.
وتعتمد الجمعية في بيع وتسويق منتجاتها على مواقع التواصل الاجتماعي والعلاقات الشخصية، كما تقول أبو حطب، فيما تضم الجمعية 5 موظفات و7 متطوعات.
وأشارت إلى أن الجمعية تستفيد من دعم لجنة تحسين المخيم، من خلال توفيرها قاعات اللجنة لإقامة الأنشطة والفعاليات، وأيضاً التشبيك مع المؤسسات الحكومية والخاصة.
واستعرضت رئيسة الجمعية أوضاع الاهالي في مخيم البقعة وتحدياته، وأوضحت أنه حصل انفتاح جيد حول العمل التطوعي والتنموي، وتم تفعيل التنسيق بين الجمعيات والأشخاص، حتى بتنا نتلمس أن العمل الاجتماعي بات أوسع وأكثر انتشاراً”.
ولم تتردد أبو حطب في وصف مشكلات المخيم بأنها “لا تنتهي”، مؤشرة إلى مشكلة “تعاطي المخدرات والعنف الأسري وزواج القاصرات والافتقار للتعليم خصوصاً بين الشباب، فضلاً عن المشكلات الصحية وضيق الشوارع، وصولاً لعدم توفر أماكن متخصصة أمام الأطفال والعائلات للترفيه”.
وخلصت الزيارة والتقاء عضوات شبكة نساء النهضة بإدارة جمعية الأمل إلى التأكيد على أهمية التركيز على المبادرات الهادفة لتمكين النساء في مجال صنع القرار وتشجيع المنظمات التي تقودها النساء على تنفيذها، وطالبت المجتمعات بتركيز الجهود على تعزيز التنسيق بين منظمات المجتمع المدني لضمان تكامليتها في تعزيز حماية المجتمعات وأمنها، فـ”تمكين المرأة هو تمكين للمجتمعات”.
وأوصين بالعمل مع جميع المعنيين وعدم الاستهانة بمطالب الإصلاح والجهود التنموية اللازمة للاستثمار بإسهامات المرأة في التنمية والأمن والسلم المجتمعي. ودعون كذلك إلى تعزيز برامج التوعية للنساء، وتوفير احتياجاتهن من تدريبات في التنمية السياسية والمدنية للوصول إلى البرلمان والأحزاب ومراكز صنع القرار، مع التركيز على الوضع الاقتصادي الصعب وانعدام التعليم، فضلاً عن ضرورة دعم برامج النشاط المجتمعي لتعزيز الرفاه النفسي للأفراد.