شارك 14 شابًا وشابة ممن وصلوا إلى القائمة القصيرة لتحدي “الأصوات الخضراء” للشباب والشابات في العالم العربي في مختبر السياسات الثاني الذي ناقش موضوع “النشاط المناخي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”. استضافت الجلسة التي عقدتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، بالشراكة مع RNW Media، كجزء من مشروع الأصوات الخضراء للشباب والشابات في العالم العربي والممول من سفارة هولندا رسول الشهاب، المدير المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط ومدير شمال إفريقيا في منظمة يوم الأرض 2020 والمقيم في كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، ووائل حميدان، وهو ناشط بيئي عالمي ومدافع عن البيئة، ومؤسس إندي أكت، وهي رابطة عالمية غير سياسية تتألف من مناصري البيئة، والنشطاء الاجتماعيين والثقافيين المستقلين.
“يتصدر النشطاء من الشباب الكفاح في مجال التغير المناخي. وعلى الرغم من عدم تسليط الضوء عليه بما يكفي ومواجهته العديد من التحديات، إلا أن الحراك المناخي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمتاز بحيويته، وإبداعه وصموده.” بهذه الكلمات افتتحت مديرة الحوار ميريام مارسيلو لوبيز، المستشارة الرئيسة في منظمة النهضة العربية (أرض) مضيفة أن “جلسة اليوم توفر فرصة رائعة لشبابنا للتواصل مع نشطاء المناخ المتمرسين في هذا الخصوص والتعلم منهم”.
حيث تطرق حميدان إلى القضايا التي أثارها المشاركون الشباب فيما يتعلق بالنشاط المناخي، مؤكدًا على أنه على الرغم من أن كلمة “ناشط” أصبحت ذات دلالات سلبية في بعض البلدان أو بالنسبة لبعض الأشخاص، إلا أنها ما تزال مصطلحًا إيجابيًّا إذ تعني “أن ينشط شخص ما لإحداث فرق”، مضيفًا “لن نخجل من أن نكون فاعلين في الأمور والمسائل التي تهم الصالح العام”. كما سلط الضوء على الدور المهم الذي تضطلع به وسائل التواصل الاجتماعي في إبراز مبادرات النشطاء، وتحدث عن التحدي الذي واجه الأشخاص الساعين إلى إسماع أصواتهم للآخرين، “بسبب الخوارزميات التي تتحكم فيما يراه الناس وفقًا لمصالح القائمين عليها”. كما اقترح أن حل هذه المشكلة يكمن في “التغلب عليها من خلال ربط قضايا المناخ بموضوعات أخرى تهم الناس، لزيادة وعيهم بهذه المسألة وجذب المزيد من الاهتمام عبر الإنترنت”.
وقال شهاب إن قمة COP27 التي ستعقد في مصر في تشرين الثاني/نوفمبر، ودولة الإمارات العربية المتحدة العام المقبل “تمثل فرصة ذهبية لهذه الدول لقيادة الحراك البيئي في العالم العربي”. وقال إن الاجتماعات التي تعقد ضمن فعاليات القمة توفر أيضًا مساحة للتواصل مع مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك المجتمع المدني، والنشطاء في مجال البيئة ومؤسسات الأعمال، معربًا عن أمله في أن تقدم قمة المناخ COP27 حلولًا وخطط عمل ملموسة. وحث شهاب الحكومات العربية على السعي للتعاون مع منظمات المجتمع المدني العربية، وقال بأن على نشطاء المناخ التعاون مع حكومات بلادهم، إذ يتمثل “الدور الحقيقي للمناصرة والنشاط في بناء الحوار والعلاقات والجسور مع صانعي السياسات”. وأكد على أن النشطاء هم الرابط الرئيسي بين المواطنين والحكومات المحلية.
واشتكى أحد المشاركين في نقاشات الجلسة من الافتقار إلى وجود تشريعات تربط العمل المناخي بحقوق الإنسان في بلاده، ليوافقه حميدان على وجوب سن قوانين جديدة تتعلق بالموضوع، مشيرًا إلى أن “الصراع المناخي هو في جوهره صراع اقتصادي، الأمر الذي يتطلب تغيير الآلية التي تعمل بها الاقتصادات”.وأشار حميدان إلى لبنان بوصفه مثالًا على بلد عانى من انهيار اقتصادي جسيم لا يمكن إنقاذه إلا من خلال اللجوء إلى استراتيجية الاقتصاد الأخضر. كما نصح المشاركين بالتعلم المستمر وإثراء معرفتهم في هذه المسألة حتى يصبحوا “خبراء” يمكن اعتبارهم مناصرين موثوقين في المجال البيئي، ومصادر جديرة بالثقة للمعلومات والمعرفة.
وردًا على التساؤل الذي طرحه أحد المشاركين من اليمن بخصوص الطريقة التي يمكن له بها جذب الناس للانضمام إلى حملات المناصرة البيئية والدعوة إلى العمل والتحرك في هذا الخصوص، شدّد حميدان على أن كل حالة فريدة من نوعها، لذلك تغدو “القدرة على تقييم أولويات الدولة، وتحديد ما يفعله النشطاء ومنظمات المجتمع المدني، وقدرتهم على العمل، وخبراتهم الرئيسية وشبكاتهم وعلاقاتهم أمرًا غاية في الأهمية”. وقال إن التواصل مع المناصرين الآخرين وإنشاء أنشطة مشتركة معهم أمر مهم جدًا لتحقيق النجاح.
من جهة أخرى، فقد نصح شهاب المشاركين بالتحلي بالإيجابية والمثابرة، واتباع طرق رجال الأعمال من حيث جهود كسب التأييد التي يبذلونها في سبيل قضاياهم. على سبيل المثال، بيّن شهاب أنه وللتعريف بالتعليم البيئي في المدارس، أو أي جهد آخر لكسب التأييد، “فمن الواجب وجود قيمة مضافة أو ميزة سيكسبها المتحدثون”، مضيفًا أنه يمكن القيام بذلك عن طريق إدخال تغييرات معينة تُطلب إلى المناصرين. كما ذكَّر المشاركين بأنهم صناع التغيير، وبوصفهم من الشباب، فهم قوة تدركها الحكومات إذ بدأت العديد من المنظمات المشهورة كحركات شبابية أو طلابية؛ منبهًا الحاضرين إلى هذه الحقيقة.
مختبر السياسات هذا هو الثاني ضمن سلسلة من الفعاليات والأنشطة المماثلة التي تهدف إلى توفير مساحة للشباب العربي للنقاش، والتعلّم، وتبادل المعرفة وبناء القدرات وتعزيز جهود المناصرة. سيشارك عشرة من الشباب المتأهلين للتصفيات النهائية للمشاركة في فعالية جانبية لقمة المناخ التي ستعقد الشهر المقبل في مدينة شرم الشيخ المصرية. تهدف مختبرات السياسات إلى إعداد هؤلاء الشباب للمشاركة في حوار أوسع مع حركات المجتمع المدني الإقليمية والعالمية، وعلماء البيئة، وممثلي الحكومات، وجميع الجهات المعنية الأخرى ذات الصلة بعملهم.