تشغل النساء في القطاع الخاص الأردني أقل من 5% من مناصب مجلس الإدارة، وهناك حوالي 78% من الشركات لا تضم نساء بين أعضاء مجلس إدارتها. علاوة على ذلك، تشكل المرأة نحو 9.1% فقط من عضوية الإدارة العليا للشركات، مما يدلل أن الأردن يحتل بهذه الأرقام أدنى المستويات في العالم عند مقارنته بالبلدان الأخرى في المنطقة العربية، وفقاً لهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
لفهم أعمق وأكبر لغياب المساواة في الأدوار والمناصب القيادية في المملكة بين النساء والرجال، وفهم العقبات التي تحول دون مشاركتهن في المجال السياسي، عقدت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، في إطار المرحلة الثانية لسلسلة مختبر سياسات المشاركة الشبابية، جلسة سياسات بعنوان: “القيادة النسائية في الأردن: أين تكمن الفجوة؟”، الأحد 4 شباط/ فبراير 2024، تحدثت فيها السياسية والأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني، عبلة أبو علبة، وأدارتها الأستاذة المشاركة في دراسات المرأة بالجامعة الأردنية، د. أماني السرحان.
ويأتي مختبر سياسات الذي تنفذه النهضة العربية (أرض)، بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ضمن مشروع جيل جديد؛ لتعزيز مفاهيم المشاركة المدنية والسياسية لدى طلبة كليات العلوم السياسية والحقوق في الجامعة الأردنية، وإكسابهم خبرة عملية تساعد في توسيع آفاق أعمالهم بالمستقبل، وتعريفهم بالخبراء والمؤسسات المتخصصة في هذا المجال، وأيضاً لمساعدتهم بإيصال أصواتهم لرسم السياسات والتواصل الإيجابي الفعال مع صانعي القرار.
وفي معرض حديثها عن مختبر السياسات، أوضحت المديرة التنفيذية للنهضة العربية (أرض)، سمر محارب، أن المختبر في مرحلته الأولى ركز على مداخل وتوجهات وكيفية المشاركة السياسية والمدنية للشابات والشباب، وارتباطاتها بحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، والعدالة الاجتماعية، أما الآن فندخل في تفاصيل هذه المشاركة من ناحية الأعراف المجتمعية وتأثيرها على المشاركة السياسية للشباب والفجوة في المناصب القيادية بين الرجال والنساء، مؤكدة على ضرورة البحث عن مفاهيم ومدخلات ومخرجات جديدة لخوض مضمار العمل المدني والسياسي.
وحول القيادة النسائية في الأردن، أوضحت السرحان أنه على الرغم من تطلعات الأردن التقدمية لدعم مشاركة المرأة السياسية وقيادتها، ما يزال هناك فجوة في تمثيلها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، حيث تحتل المرأة الأردنية المرتبة الثالثة في العالم العربي، والمرتبة 110 عالمياً على مؤشر السلطة النسوية الذي وضعه مجلس العلاقات الخارجية، وهو ما يشير إلى وجود معوقات في تحقيق العدالة بين النساء والرجال، ومنها: مشكلة الخطاب الموجه للنساء، وهيكلية السلطة، وتشكيل الهويات وتقاطعاتها.
واستحضرت السرحان بدايات الفضاء الفضاء السياسي والنضال النسوي العالمي والذي يعود إلى القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين؛ وكان يسعى هذا النضال لضمان حق المرأة في الانتخاب، وحقوق تعليم الإناث، وظروف عمل أفضل، وإلغاء المعايير المزدوجة للمساواة بين الرجال والنساء، مبينة أن فكرة المشاركة السياسية في وقتها جاءت للتأكيد على أحقية التواجد النسائي في الفضاء العام كغيرها من الحقوق.
بدورها؛ لفتت أو علبة إلى أن أهم أدوات المشاركة الفعالة للنساء في الشأن السياسي؛ “تحصيل المعرفة” سواء عبر القراءة أو البحث والمتابعة على كافة المستويات، خصوصاً أن نعيش اليوم حركة تطور اجتماعي، ويوجد قوانين ناظمة للحياة السياسية والأحزاب، مؤكدة في السياق على ضرورة تعزيز فرص التعلم للنساء، والنضال من أجل تساوي الفرص بينها وبين الرجال.
ونبهت لأهمية العمل الميداني للنساء في المجتمع والاحتكاك المباشر مع قضايا الناس. ورفضت أبو علبة قول أن النساء “ضحايا التمييز والعادات والتقاليد”، فالأمر متوقف -بحسبها- على العمل الجاد والاجتهاد والمستمر ومخاطبة المجتمع بالاقناع، والتمسك بالمبادئ، سواء في العمل السياسي أو النقابي، وحتى في أي عمل اجتماعي آخر.
ورداً على تساؤل بشأن مشاركة المرأة في الأحزاب اليسارية على وجه التحديد، أشارت الحزبية أبو علبة إلى أن الأحزاب اليسارية والقومية هي التي أسست الحركة النقابية للمرأة العربية لاعتمادهم في أهدافهم على قيم العدالة والمساواة، فضلاً عن تركيز خطابهم على أهمية انخراط المرأة إيجابياً في كافة المحافل جنباً إلى جنب مع الرجال.
وبين نقاشات السرحان وأبو علبة، خرج الشباب بطروحات ورؤى عديدة خلال المختبر، ابتداءً من أن الجيل الحالي عليه التمسك بالحل الديمقراطي في مشكلاته، وأن قيمة الإنسان فيما ينتجه علمياً وثقافياً وسياسياً، وأيضاً ضرورة التفكير بالتحولات والمتغيرات الجيوسياسية التي تطرأ في عالمنا، وأن يكون هناك أدوار جديدة للشباب في المعترك السياسي، وصولاً إلى أهمية زيادة وعي المجتمعات بقيادة المرأة وقدرتها على إحداث التغيير. ودعوا كذلك لأن يكون خطابنا المجتمعي تقدمي ومبني على أساس المساواة بين النساء والرجال، مع تفعيل دور الدراما والفن والإعلام كوسائل لحل المشكلات المجتمعية، وصولاً إلى ضرورة التعاون بين كافة الجهات لتعزيز تواجد النساء في مركز صنع القرار في جميع المجالات.