كيف يمكننا خلق فرصنا بأيدينا، وكيف يمكن تفعيل مشاركة الشباب في الحياة العامة والسياسية؟ وهل من الصعب أن يكونوا صناع قرار في مجتمعاتهم؟
كل تلك الأسئلة المهمة لمعرفة ظروف واحتياجات الشباب، وطرق تفكيرهم وتوجهاتهم، كانت بيت القصيد في الجلسة الأولى لمختبر سياسات المشاركة الشبابية الذي تنفذه منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، ضمن مشروع جيل جديد، لتعزز مفاهيم المشاركة المدنية والسياسية لديهم والاستثمار بهم وبمستقبلهم، واكساب طلبة كليات العلوم السياسية خبرة عملية تساعد في توسيع أفاق أعمالهم بالمستقبل عن طريق التعرف على أطر عمل مؤسسات المجتمع المدني.
وبناءً على ورقة مرجعية أعدها مركز النهضة الفكري في منظمة النهضة العربية (أرض)، جاءت الجلسة مع طلبة كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة الأردنية، يوم الأحد 25 أيلول/ سبتمبر 2022، لفتح الحوار مع الشباب والطلبة المهتمين بالعمل على سياسات عامة تتعلق بالمشاركة السياسية والمدنية، وزيادة وعيهم بالقضايا التي تواجههم وإيصال تصوراتهم وحلولهم حولها.
وصمم مختبر سياسات المشاركة الشبابية؛ لتوفير منصة للشباب لمشاركة توجهاتهم وتجاربهم وتصوراتهم المتعلقة بمختلف قضاياهم؛ بهدف استخلاص وجهات النظر حول القضايا المطروحة والتوصل إلى حلول لها.
البداية كانت مع الخبير في حقوق الإنسان، د. رياض الصبح، الذي أكد أهمية إعطاء الشباب صلاحيات حقيقية وليست شكلية في مؤسساتهم وجامعاتهم وأعمالهم التي ينتسبون إليها، معتبراً أن مشاركة الشباب ليس لها علاقة بحصولهم على فرص وظيفية، إنما الهدف منها ممارسة حقوقهم وواجباتهم وإيصال أصواتهم لصناع القرار.
وتحدث الصبح حول مبادئ الديمقراطية في المجتمعات، والتي تعتمد على مشاركة الأفراد في تشكيل مجتمعهم وبيئتهم السياسية، حيث تعد المشاركة على الصعيد السياسي أو من خلال الواجبات المدنية، سبلاً للمشاركة في التعبير عن تطلعات الناس والنهوض بالمجتمع، فيما يُعد الانفصال عن الصورة الأكبر للمجتمع أمراً خطيراً يبقينا في حالة ركود.
فيما ناقش الصبح مع الشباب مفاهيم ومصطلحات تدخل بشكل مباشر في حياتنا المدنية والسياسية؛ مثل التعددية، الكوتا، الانتخابات، احترام الرأي، وحرية الرأي والتعبير، موضحاً أنه قبل أن يكون الفرد مشاركاً وفعالاً في مجتمعه “لا بد أن يتعرف على هذه المفاهيم لكي تكون مشاركته مبنية على أسس صحيحة وواضحة”.
من جهته، اعتبر مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، د. زيد عيادات، أثناء حديثه مع الطلبة أن “المشاركة السياسية ليست عملاً بحد ذاته، ولا يحتاج إلى تخصص جامعي، في المقابل، المشاركة في الحياة العامة تحتاج إلى أن تتغير طريقة تفكيرنا ونظرتنا للأشياء”، مؤكداً على أن الحياة السياسية جزء لا يتجزأ من الحياة العامة.
وحمل عيادات، الشباب، ضرورة التفكير النقدي وأخذ الأشياء على محمل “الشك”، فكثرة المشكلات والتحديات في المجتمع لا يمكن حلها إلا بمزيد من مشاركة الشباب، مؤكداً أن الجو العام الأردني مشجع ومرحب ويتيح المجال للمواطنين بممارسة حقوقهم وإيصال أصواتهم.
وبرأيه؛ لا يوجد عمل سياسي مؤثر في العالم مبني على أساس “فردي”، مؤكداً أن المشاركة السياسية تحتاج إلى إرادة فاعلة وقوية، قادرة على المحاججة. وقال إن “المشاركة بشكل عام تحتاج إلى شباب حيوي وديناميكي ومتجدد، يؤمن بقدرته على التغيير”.
فيما نصح عيادات، الشباب، أن لا يأخذوا كل شيء على أنه “حقيقة مطلقة”، وعدم تضييع الفرص التعليمية والتدريبية المتاحة لهم، وصولاً إلى ضرورة ملحة ومهمة وهي القراءة ومتابعة الصحف والتقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية والمدنية.
بدورها، رأت طالبة العلوم السياسية، أبرار العبيوني، أن هناك مسؤولية كبيرة على جميع المؤسسات الحكومية والشبابية والمجتمع المدني، بإتاحة الحوار مع الشباب والجامعيين لحثهم على المشاركة السياسية والانخراط في الأحزاب والعمل السياسي، وذلك لضمان إيصال أصواتنا للجميع.
أما الطالب في كلية الحقوق، عبد الله الطهرواي، فاعتبر أن لدينا قيود مجتمعية كثيرة، ومعظمها تندرج تحت ذريعة “آداب عامة”، وهو ما يقيد حرية الرأي والتعبير، ولا يساهم في إحداث التغيير المنشود في المجتمع.
تعد هذه الجلسات الدامجة للمقبلين على العمل السياسي “مهمة” لتعريفهم بالخبراء والمؤسسات المتخصصة في هذا المجال، وأيضاً لمساعدتهم بإيصال أصواتهم لرسم السياسات والتواصل الإيجابي الفعال مع صانعي القرار.