يعرب أعضاء شبكة نساء النهضة والتحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف)، عن قلقهم العميق إزاء نتائج استعراض الأداء والتعلم للأردن الذي أجراه البنك الدولي مؤخراً، والتي تُظهر ارتفاعاً حاداً في البطالة بين الإناث بنسبة 32.8% إضافة إلى معدلات البطالة غير المسبوقة بين الشباب والتي بلغت نسبتها 50% خلال الربع الأخير من عام 2020.
هذا وقد بدأ البنك الدولي في إطار الشراكة القُطرية مع الأردن- باتخاذ تدابير لتعزيز برامج شبكة الضمان الاجتماعي في البلاد، وأشار إلى أن الحكومة الأردنية قد أطلقت الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية، إضافة إلى برنامجين للحماية الاجتماعية يقومان على التحويل النقدي في الحالات الطارئة خلال عامي 2020 و2021. كما سعى برنامج تسهيل الصندوق الممدّد والتابع لصندوق النقد الدولي بشكل خاص، إلى السماح بالمرونة في الإنفاق بقصد تشجيع المزيد من هذا الإنفاق على الحماية الاجتماعية وتمكينها.
وإذ نشيد بهذه الإجراءات، إلا أنها للأسف ما زالت قاصرة عن توفير الحماية الاجتماعية الشاملة للفئات الأكثر تضرراً من الآثار الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كوفيد-19. والتي ألقت بظلالها على محدودية الأنظمة الإنسانية والتنموية الرامية إلى التخفيف من الفقر وإيجاد حلول تستجيب لهذه المشاكل. كما ونرفض اقتصار تمثيل الرعاية الاجتماعية بالمساعدات المقدمة من صناديق المعونة الوطنية الحكومية وهيئات الأمم المتحدة، دون أي تخطيط أو وضع الإستراتيجيات الملائمة لها، والتي تهدف إلى تأسيس نظم شمولية للحماية الاجتماعية بحيث تشمل الصحة، والإسكان، والعمل والتعليم وغيرها من جوانب الأمن والرفاه الاجتماعي.
حيث فاقمت أزمة كوفيد-19 من التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها مجتمعاتنا، إذ اضطر الكثير من الأردنيين إلى اللجوء إلى الاستدانة لدفع ثمن الطعام والمأوى وغيرها من الاحتياجات الأساسية نظراً لتدهور الوضع الاقتصادي، وازدياد نسب البطالة وغياب آليات الحماية الاجتماعية الشاملة. وثمة العديد من التداعيات السلبية المترتبة على هذا الواقع في كثير من الحالات والتي نجم إلى تعقيدات قانونية تصل إلى حد عقوبة السجن. وبالنسبة للمرأة على وجه الخصوص، فإن العقبات القابعة أمام مشاركتها الاقتصادية تتمثل بخضوعها لبعض التقاليد الاجتماعية، والافتقار إلى الفرص، وعدم توفر الدعم الملائم لرعاية الأطفال بالنسبة للمرأة العاملة، والافتقار إلى وسائل نقل آمنة يسهل استخدامها، بالإضافة إلى القوانين التمييزية والسياسات التي لا تراعي الفروقات بين الجنسين، وغيرها من الأمور. وبالتالي، ثمة عدد كبير من النساء ممن يلجأن إلى القطاع غير الرسمي حيث لا يحصلن على عقود عمل رسمية، ومن شأن هذا النوع من العمل تعريض المرأة للاستغلال، وإلى ظروف عمل غير ملائمة بالإضافة إلى سوء المعاملة المترتبة عن عدم شمول فئات كثيرة من النساء ضمن أُطر الحماية الاجتماعية الوطنية.
هذا بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية للتعلم عن بعد والتي يمكن تلخيصها بضعف نوعية التعليم المكتسب، وزيادة معدلات التسرب من المدارس، وزواج القصر، وبطالة المرأة، والتداعيات التي تؤدي إلى المزيد من فجوات وفوارق بالتعليم ونوعيته.
إن الوقت قد حان للعمل جدياً على تحسين وتطوير وضع الحماية الاجتماعية الراهن، وذلك لا يكون إلا من خلال الشراكة والعمل الجماعي، وتظافر جهودنا سوياً كمانحين، وحكومات، ومجتمعات، ومنظمات ومؤسسات محلية. وعليه وبالتطلع إلى المستقبل، ندعو الجهات المقدمة للمعونة إلى منح الأولوية لمحلية العمل الإنساني والسعي إلى تكوين شراكات وتعاونات هادفة على مستويات عدة، لضمان توفير الحماية الاجتماعية الشاملة بشكل فعال. وإدراكاً منا لواقع معاناة الأشخاص في كثير من الأحيان من مستويات مختلفة من التهميش والحرمان من الحقوق، نؤكد مجدداً على أهمية الحق في الحصول على المعلومات والعمل على تفعيل المشاركة المدنية في عملية صنع القرار. وعلى الرغم من إدراكنا للقيود والتحديات القائمة إلا أننا نعي تماماً مدى ثراء بلادنا بالقدرات والطاقات الكامنة فيه ونشجع جميع الجهات المعنية على التكاتف والعمل لإحقاق الصالح العام.
وعليه، نحث الحكومة على اعتماد آليات شمولية للحماية الاجتماعية والتي من شأنها تعزيز صمود مجتمعاتنا عبر التأسيس لبنية تحتية اجتماعية والاستثمار بتعزير الخدمات الضرورية لتحسين رفاه وأمان مجتمعاتنا. الأمر الذي يتطلب تحولاً جذرياً في النهج الذي تتبعه حكومتنا في مجال الحماية الاجتماعية؛ والانتقال من التدخلات الضيقة التي تنفذها الجهات الفاعلة في مجال التنمية وأنظمة الضمان الاجتماعي المحدودة والقائمة على الاشتراكات، إلى أنظمة ضمان اجتماعي تشمل الفئات الأكثر هشاشة أيضا -بما في ذلك اللاجئين والعمالة المهاجرة وذوي الإعاقة.
كما ندعو المؤسسات الحكومية إلى الاستثمار في التخطيط السليم لإدارة الكوارث والأزمات وسبل الاستجابة لها، وزيادة استثماراتها في الخدمات العامة النوعية سريعة الاستجابة كالصحة والتعليم، والبدء باعتماد خطط وبروتوكولات واضحة تضمن العودة الآمنة للأطفال والشباب إلى المدارس والجامعات في أقرب وقت ممكن.
وختاماً نؤكد أن الوصول إلى التعافي الفعال من التحديات التي تواجه مجتمعاتنا ومن آثار جائحة كوفيد-19 لا يكون إلا من خلال إستراتيجيات طارئة وواضحة تضعها حكومتنا خلال الست أشهر القادمة تبني على الدروس المستفادة من تجارب الجائحة وتحقق الطموحات المأمولة.