عادت إلى الواجهة مجدداً المطالبات الرسمية والحقوقية والمدنية بضرورة تضافر الجهود والعمل على وقاية المجتمع من آفة المخدرات ومخاطرها، بعد الجدل والتساؤلات التي أحدثها إقرار قانون المخدرات والمؤثرات العقلية المعدل مؤخراً بين الأوساط الشعبية والقانونية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً فيما يتعلق بالبند القانوني الخاص بعدم تسجيل سابقة جرمية بحق المتعاطي لأول مرة.
وبعد نقاشات وجلسات تشاورية مستفيضة لمنتدى دعم قطاع العدالة، المنبثق عن منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، حول قانون المخدرات المعدل، جرى التوافق، كاستجابة آنية فورية وضرورية، الإعلان عن إطلاق “التحالف الوطني لتعزيز مكافحة المخدرات” في الأردن، وبقيادة عضو منتدى دعم قطاع العدالة ومدير إدارة مكافحة المخدرات الأسبق، اللواء المتقاعد، طايل المجالي.
وتم إطلاق “التحالف”، رسمياً الخميس 4 تشرين ثاني/ نوفمبر 2021 في مقر إدارة مكافحة المخدرات في عمان، وبحضور أعضاء منتدى دعم قطاع العدالة وممثلين عن القطاعات الطبية والنسائية والحقوقية، ومؤسسات مجتمع مدني والعاملين في قطاع المخدرات وممثلين عن تحالف جوناف.
وحول انتشار المخدرات في الأردن، قال اللواء طايل المجالي: “إن العبء أصبح كبيراً على الأردن – كما في باقي الدول- بسبب انتشار المخدرات”، لافتاً إلى أن الأردن لا يوجد فيه تصنيع للمواد المخدرة، إلا أن نسبة تعاطي وترويج المخدرات باتت تشكل قلقاً كبيراً للجميع.
وتابع “من هذه النقطة جاء الإعلان عن إطلاق هذا التحالف الذي يضم مجموعة من منظمات المجتمع مدني والنشطاء الاجتماعيين والقانونيين والخبراء والمختصين، للعمل على تعزيز منظومة الحماية والتوعية والوقاية ومكافحة المخدرات، فضلاً عن اقتراح توصيات تعزز هذه المنظومة”.
بدورها، أكدت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة (أرض)، سمر محارب، على أهمية العمل على برامج الوقاية والتوعية والعلاج والمكافحة والمساعدة القانونية للضحايا، لافتة إلى أن المنطقة تشهد ارتفاعاً ملموساً في أعداد القضايا المتعلقة بالمخدرات، ما قد ساهم في ارتفاع أعداد ضحايا العنف المنزلي.
من جهته، كشف مدير إدارة مكافحة المخدرات، العقيد حسان القضاة، عن تسجيل نحو 13 ألف قضية منذ مطلع العام 2021، من بينها 8 آلاف قضية تعاطي لأول مرة، منهباً على أهمية رفع الوعي المجتمعي بمخاطر المخدرات والمشكلات التي يتسبب بها.
ودعا مستشار حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، رياض صبح، إلى أهمية إدخال مفهوم حقوق الإنسان في نطاق الأسرة وفي المناهج الدراسية وفي نطاق السجون وبين الأوساط الأمنية، وذلك من أجل تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان وترسيخ مبادئه في أذهان الأفراد ولما لهذا من أثر إيجابي على الممارسات المجتمعية وبين الأفراد أنفسهم.
في سياق متصل، يسعى التحالف إلى ضم ممثلين عن فئات المجتمع المختلفة لمساعدتها في تحقيق الوقاية والحماية من خطر وأضرار المخدرات، وضمان تطبيق المساءلة والعدالة القانونية على المروجين والمهربين، وضمان توفر العلاج الناجع واللازم لمن وقعوا في براثن الإدمان لمساعدتهم على التعافي، إضافة الى المساعدة على توفير الاستقرار المعيشي للأسر المتضررة، الأمر الذي يساهم في الاستقرار والأمن المجتمعي.
كما يهدف إلى توفير فرص حوار لأعضاء التحالف مع الجهات الرسمية التي تستند على المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وعلى تبادل الخبرات فيما بينهم، فضلاً عن خلق وعي عام مبني على مبدأ الوقاية والحماية من خطر المخدرات.
وختاماً، اتفق المتحدثون على ضرورة تضافر الجهود بين الجهات المختلفة والمعنية على توفير العلاج الناجع والتأهيل للمدمنين، وتحفيز الكفاءات المهنية للانخراط بالعمل في هذا القطاع وتدريبها وتأهيلها، مع أهمية العمل على صياغة استراتيجية وخطة عمل واضحة تعمل على الوقاية من خطر الإدمان وتعزيز الوعي بمخاطره، ورفد جهود التوعية والتثقيف والتوجيه بمخاطر المخدرات وطرق التعافي بين أفراد المجتمع.