عقدت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) وبالتعاون مع مؤسسة هينرش بُل -فلسطين والأردن، ندوة عبر الإنترنت في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، لمناقشة “الدروس المستفادة والمضي قدمًا” فيما يتعلق بالجهود المبذولة لحماية العمال المهاجرين واللاجئين في الأردن، وذلك في إطار مشروع حقنا التابع لمنظمة النهضة العربية (أرض). وظّف المشروع، والذي نفذ بدعم من مؤسسة هينرش بُل -فلسطين والأردن، نهجًا تصاعديًّا ينطلق من القاعدة للقمة للدفاع عن حقوق العمال المهاجرين واللاجئين، مما أسهم في تأسيس أول لجنة للعمال المهاجرين في الأردن.
أدارت د.مريم أبو سمرة، مسؤولة الأبحاث الأولى في مركز النهضة الفكري للدراسات في منظمة النهضة العربية (أرض) الندوة الرقمية. وقد شارك فيها مجموعة من الخبراء والمختصين وهم: فرانشيسكا ألبانيز مستشارة برنامج الهجرة واللجوء وانعدام الجنسية في مركز النهضة الفكري، ود. سامية آدم، العضو في لجنة العمال المهاجرين وعضو مؤسس في شبكة مرفأ، ود. أميرة أحمد، الأستاذ المساعد والباحث مشارك بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ود. سحر المخامرة، الأستاذة بقسم الخدمة الاجتماعية في الجامعة الألمانية في الأردن.
حيث أشارت أبو سمرة إلى إن هذه الندوة توفر فرصة للتعرف على الاستراتيجيات التصاعدية (أي تلك المنطلقة من القاعدة إلى القمة) التي ما يزال من الممكن استنباطها، بناءً على الدروس المستفادة من تنفيذ مشروع حقنا. ووفقًا لها، فإن “من المهم الاستمرار في الحديث عن أوضاع اللاجئين في العالم العربي وخارجه، إضافة إلى محاولة التخطيط لاستراتيجيات بمقدورها منح صوت للسكان الأكثر ضعفًا وتأثرًا من أولئك المحتاجين إلى الحماية، والوصول إلى الخدمات وتحصيل ظروف معيشية أفضل”.
أما مديرة مؤسسة هينرش بُل -فلسطين والأردن، دورتي سيغموند، فأفادت بأن إحدى النتائج المركزية لمشروع حقنا تمثلت بتأسيس لجنة العمال المهاجرين، وهي منصة فاعلة تمكن العمال المهاجرين من المشاركة في إسماع أصواتهم والدفاع عن حقوقهم بصورة مباشرة، وتعزيز الوعي حول حقوقهم القانونية، خاصة بين أولئك ممن لا يتمتعون بالحماية الاجتماعية. وقالت سيغموند إن اللجنة تساعد في إنشاء شبكة دعم للعمال المهاجرين ومجتمعات اللاجئين عامة؛ وذلك لكونها لجنة شاملة، تتألف من 32 عاملًا مهاجرًا من تسع جنسيات مختلفة، وتمثل النساء نسبة 57% من أفرادها لضمان إسماع أصوات النساء وشمولها في أي حوار دائر.
وعرضت ألبانيز المبادئ الأساسية والرؤية التي ألهمت نهج حقنا، مشددة لا على أهمية ضمان الحماية وتحسين الظروف المعيشية للمهاجرين واللاجئين في البلدان المضيفة فحسب، ولكن على رفع الوعي أيضًا بأشكال التمييز المختلفة والقضاء عليها، والتي تواجهها هذه الفئات على المستويات القانونية، والاجتماعية والاقتصادية.
حيث تعتمد منظمة النهضة العربية (أرض) نهجًا يضع العمال المهاجرين واللاجئين بصورة محورية في الاستراتيجيات التي تضمن حمايتهم وتعتمد على أصواتهم ومدخلاتهم في صياغة توصيات السياسة وإجراء البحوث. ووفقًا لألبانيز، “فإن بالإمكان نسخ نهج منظمة النهضة العربية (أرض) هذا في أماكن أخرى”.
كما عرضت ألبانيز أيضًا مذكرات السياسة الأربع التي أُنتجت ضمن مشروع حقنا، مؤكدة على كونها تمركزت حول مساهمات أعضاء لجنة العمال المهاجرين، والأدلة المستخرجة من الدراسات والتحليلات القطاعية التي أجرتها منظمة النهضة العربية (أرض) لتوفير تقييم محدد واستراتيجيات السياسات. حيث تناولت: (1) حصول العمال المهاجرين واللاجئين على المساعدة القانونية اللازمة؛ و(2) إطار حقوق العمل؛ و(3) الوصول إلى الخدمات الأساسية؛ و(4) تقديم حلول دائمة للعمال المهاجرين واللاجئين، وقدمت مجموعة من التوصيات القابلة للتنفيذ لتعزيز حماية اللاجئين والعمال المهاجرين تاليًا.
وعرضت د. أدم تصورات لجنة العمال المهاجرين وطموحاتها، قائلة بأن الهدف الرئيسي للجنة يتمثل في الوصول إلى عدد كبير من المهاجرين واللاجئين ورفع وعيهم حول وضعهم القانوني والأدوات القانونية المتاحة لهم والتي قد تساعدهم على تحسين ظروفهم المعيشية، فضلًا عن الاطلاع على القوانين الوطنية والامتثال لها، وذلك سعيًا نحو تحقيق مزيد من التماسك الاجتماعي. ووفقًا لها، فإن الجنسيات التسع الممثلة في اللجنة تعمل “بوصفها جسرًا” يعبّر عن قضايا مجتمعات المهاجرين واللاجئين المختلفة.
ومن خلال تسليط الضوء على النهج الإقليمي الذي حاولت منظمة النهضة العربية (أرض) بناءه بالتعاون مع العديد من الشركاء الآخرين في المنطقة العربية من خلال إنشاء ملتقى اللجوء والهجرة في العالم العربي (مرفأ)، قالت د. أحمد إن أحد أهداف مرفأ هو “أن تثري الأصوات الصادرة عن المنطقة الخطاب العالمي حول الهجرة، ذلك أن الخطاب السائد للقوى الغربية لا يحقق للاجئين في منطقتنا الكثير من العدالة”. “لقد شعرنا في مرفأ بوجود فجوات تحتاج إلى معالجة عاجلة من مثل نقص المعلومات، والتمييز، ونقص الحماية، والافتقار إلى المبادرات المنطلقة من القاعدة إلى القمة وتلك المبادرات التي تُعنى بالحشد المجتمعي لضمان رعاية المهاجرين واللاجئين، وهي مسائل يفتقرها الحوار الدائر عالميا في هذا الخصوص “، كما بينت أحمد.
وفي تأكيدها على أهمية الاستراتيجيات الشعبية في دعم المهاجرين واللاجئين، قالت أ. د. المخامرة إن هناك محاولات لضمان وصول اللاجئين المفتوح إلى التعليم، مسلطة الضوء على حقيقة منح معظم المنح الدراسية للاجئين السوريين، بما يتجاهل اللاجئين من جنسيات أخرى، كالسودانية والعراقية واليمنية، داعية إلى تنسيق جهود الضغط لمعالجة هذه القضية. كما أشارت إلى إقامة اللاجئين غالبًا وسط المجتمعات المضيفة التي تعاني هي نفسها نقصًا في الفرص التعليمية المتوفرة لأفرادها، مؤكدة على أهمية معالجة هذه القضية لضمان تحقيق التماسك الاجتماعي والعدالة.
واختتمت الندوة الرقمية، بالتأكيد على أهمية استمرار المشاركة المباشرة للعمال المهاجرين ومجتمعات اللاجئين في الجهود التي تهمهم، وإسماع مظالمهم وأصواتهم، والدفاع عن حقوقهم وحمايتهم ومناصرتها.