يقع الأردن على مفترق طرق الحضارات، وينعم بمواقع سياحية لا حصر لها، حيث يمكّن السيّاح المحليين أو الأجانب من الانغماس في التاريخ والاسترخاء والاعتناء بصحتهم أو مجرد الاستمتاع بعجائب الطبيعة. من أم قيس وعجلون في الشمال إلى البحر الميت ووادي رم والبتراء والعقبة في الجنوب، قد يسعد السياح بالآثار التي صنعها الإنسان أو إبداعات الطبيعة ويأخذون استراحة من الحياة العادية الرتيبة.
ومع ذلك؛ على الرغم من العديد من المواقع الجميلة والنادرة التي يقدمها الأردن، يفضل العديد من الأردنيين السفر إلى الخارج للسياحة والترفيه والاستجمام.
ما أسباب ندرة ممارسة الأردنيين للسياحة الداخلية؟ وما هو الدور الذي يجب أن يلعبه المجتمع المدني والقطاع الخاص للمساعدة في تعزيز السياحة الداخلية؟ والأهم من ذلك؛ كيف يجب تسويق المواقع السياحية المحلية وجعلها في متناول العائلات الأردنية؟
السياحة الداخلية هي فرصة للمواطنين للتعرف على المعالم الأثرية والتاريخية لبلدهم واستكشافها، والتعرف على تاريخ ونمط حياة أسلافهم، وعن العادات والتقاليد والتراث، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة المتاحة.
وفي هذا الصدد، عقدت شبكة نساء النهضة، والتي تعمل تحت مظلة منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، لقاءً حوارياً تناول موضوع السياحة الداخلية ودور المجتمع في دعم هذا القطاع، خاصة بعد جائحة كوفيد -19، وذلك يوم الأربعاء 14 تموز/يوليو. حيث يأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة لقاءات “الأربعين” التي تنظمها شبكة نساء النهضة، وكان من بين المشاركين أعضاء الشبكة ومختصون في عدة مجالات ذات صلة.
اتفق المشاركون على إن السياحة الداخلية ليست من نمط حياة معظم الأردنيين، وأن الخروج في نزهة أو زيارة موقع سياحي يتطلب وقتًا وجهدًا ومالًا، وهو ما قد يكون سبب تفضيل الأردنيين للبقاء في المنزل والراحة بدلًا من التنزه والاستكشاف.
ووضح المشاركون أهمية السياحة الداخلية خلال جائحة كوفيد-19، التي فرضت إغلاق الحدود وعرقلت حركة السفر بين البلدان. هذا ما دفع وزارة السياحة والآثار إلى التعاون مع هيئة تنشيط السياحة لإطلاق البرنامج الوطني “أردننا جنة” للمواطنين الأردنيين، على أمل تحقيق المزيد من الدخل.
وأشار المشاركون إلى أن إشراك الأسر في البرامج السياحية يوفر الدعم والتحفيز للمشاريع الصغيرة، ولكن في الوقت نفسه؛ شددوا على ضرورة أن تكون المنتجات المحلية عالية الجودة، ويجب أن تكون عمليات التسويق والتعبئة والتغليف بطرق جديدة ومبتكرة. واتفقوا أيضأ على أن هذا هو أحد التحديات التي تواجه المنتجات المحلية الأردنية، والتي غالباً ما تفتقر إلى الأصالة أو الإبداع.
وعن التجارب الريادية في مجال السياحة، تحدثت الشقيقتان سحر ودعاء البرقاوي أعضاء شبكة نساء النهضة عن تطبيق “سواح” الذ أطلقنه، والذي يوفر منصة لحجز الرحلات السياحية في الأردن واستكشاف المناطق السياحية، بالإضافة إلى تمكين المستخدمين من كتابة آرائهم حول رحلاتهم. من خلال تطبيق “سواح” يستطيع المستخدمون استكشاف المناطق السياحية في الأردن والبحث عن الرحلات والتجارب السياحية المتاحة والتواصل مع مزودي خدمات السياحة المحلية وكذلك الحجز والدفع إلكترونياً من خلال التطبيق المتوفر باللغتين العربية والإنجليزية، حسب قول الشقيقتان.
هذه التجارب الريادية الناجحة في السياحة الداخلية مهمة للأردن، الذي يعج بالمواقع التاريخية والأثرية والدينية والعلاجية، التي تحتاج إلى الترويج والتسويق بطرق مبتكرة.
وأوصى المشاركون في الاجتماع بالاستفادة من الظروف الاستثنائية الحالية بطرق غير تقليدية للمساعدة في تنشيط السياحة الداخلية. وشددوا على أن ذلك لن يتحقق إلا من خلال تحديث وتطوير البنية التحتية المؤدية إلى المناطق السياحية، والعمل على تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، ووضع حد أقصى لسعر الخدمات المتعلقة بالسياحة، مثل النقل والأغذية والمشروبات في المناطق السياحية، مع مراعاة متوسط دخل الفرد الأردني. مما قد يشجع الأردنيين على ممارسة السياحة الداخلية.
وفي الوقت نفسه؛ شدد المشاركون على ضرورة زيادة وعي المجتمع بالمواقع السياحية والأثرية، وأهمية السياحة الداخلية في التعرف على العادات والتقاليد والتراث، خاصة مع العلم أن السياحة تساعد في تحريك عجلة الاقتصاد.
يذكر أن لقاءات “الأربعتين” هي سلسلة لقاءات دورية –كل أسبوعين- تعقدها شبكة نساء النهضة، وتستضيف فيها خبراء وخبيرات لمناقشة آخر المستجدات، وأهم ما يطرأ على الساحة المحلية والدولية من قضايا تهم الرأي العام.