الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

طاولة مستديرة تبحث تحديات البطالة.. وتؤكد ضرورة تبني فكر مستجد وتشاركي لتصميم وتنفيذ استراتيجيات التوظيف وخلق فرص العمل

مشاركة

بات من المعروف أن المملكة تواجه أكبر هواجسها؛ والتي تتمثل في نسب البطالة مرتفعة، وضعف في النمو الاقتصادي وما يترتب عن هذه المشاكل من قضايا اجتماعية عدة. فعلى الرغم من وجود الإرادة السياسية في الدستور الأردني منذ عام 1952 بما يتعلق بالحق في العمل، ووجود أكثر من 17إستراتيجية متعلقة بالتوظيف ومحاربة البطالة، إلا أن هذه الإستراتيجيات لم تسفر عن أي تطور، بل اصطدمت بتحديات بيروقراطية عدة.

تلك النقطة المثارة بين الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية ومنظمات المجتمع المدني، هي ما دفعت مركز النهضة الفكري في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) لإجراء دراسة لغايات البحث في واقع البطالة في الأردن والتي بلغت نسبتها خلال الربع الأول من العام 2022 نحو 22.8%، وفشل هذه الإستراتيجيات المتتابعة والحلول المقترحة في حلها.

وفي هذا الصدد، وتعزيزاً لدور المجتمع المدني في إيجاد حلول مساندة للحكومة، وبهدف إدامة الحوار والعمل سوية لاستكشاف العقبات التي تعرقل تنفيذ الاستراتيجيات والحلول لها، جاء لقاء الطاولة المستديرة الثانية الذي نظمته منظمة النهضة العربية (أرض)، يوم الإثنين 29 آب/ أغسطس 2022، في إطار مشروع “صمم”، وضمن سلسلة اللقاءات الحوارية لمنصة التنمية البشرية والاقتصادية (هدب)، إحدى منصات مركز النهضة الفكري التابع للمنظمة، والتي تهدف لتعزيز جهود التغيير التنموي والعدالة الاجتماعية نحو مجتمعات أكثر صموداً في الأردن والوطن العربي.

واستهل اللقاء الذي ضم مؤسسات حكومية ومنظمات دولية ومحلية، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والشباب الريادي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية، د. رعد التل، حيث قدم نتائج دراسة حول واقع البطالة في المملكة، يعمل عليها مركز النهضة الفكري، مشيراً إلى أن بطالة الشباب في الأردن من بين أعلى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وبين التل أن مشكلة البطالة في الأردن تتنامى بين حملة درجة البكالوريوس وخاصة بين الإناث، حيث تظهر الأرقام لعام 2021 أن معدل البطالة بينهم قد بلغ 41.5%، بنسبة 27.5 % بين الذكور، وبنسبة 81.1 % بين الإناث.

وبشأن التحديات البيروقراطية التي تحول دون تنفيذ الاستراتيجيات، أوضح التل أنها تتمثل بـ” أن في كثير من الحالات، لا يتم شمول الجهات المعنية والفاعلة في عملية تطوير الاستراتيجيات مثل ( مؤسسات المجتمع المدني، الشباب، إلخ)، إضافة إلى أن هذه الاستراتيجيات تتوزع بشكل مجتزأ وغير شمولي؛ مما يشكل صعوبة في خلق التفاهمات والتقاطعية في العمل مما يؤدي إلى تكرار الجهود بأقل قدر من الأثر، فصلاً عن أنه لا يوجد تبني محلي وشعبي لها سواء من القطاع الرسمي على مستوى الإدارة المحلية، أو من القطاع الخاص، أو من مؤسسات مجتمع مدني متخصصة ولها وجود في كل المحافظات،  وتساءل التل، لماذا لا يتم تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني بتصميم الاستراتيجيات وتنفيذها؟ قائلاً في هذا الصدد “يحاول المجتمع المدني من تلقاء نفسه المساعدة عبر مشاريع التمكين الاقتصادي والتدريب المهني، لكنه يعمل بشكل متذبذب بدون استدامة ودعم جدي”.

بدوره، أوضح وزير العمل الأسبق، سمير مراد، على أن هناك اختلالات جوهرية في سوق العمل، على رأسها الاقتصاد غير المنظم، مؤكداً ضرورة أن يتوفر لدينا استراتيجيات توظيف مستدامة وعابرة للحكومات، لما في ذلك أثر إيجابي على سوق العمل.

أما فيما يخص استراتيجيات تحفيز الاستثمار، أكد رئيس مجلس أمناء مؤسسة ولي العهد نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة نقل، غسان نقل، على ضرورة الحفاظ بدءاً على الاستثمارات المحلية، إلى جانب استقطاب الاستثمارات الخارجية التي انخفضت بنسبة تقارب 70% خلال السنوات الأخيرة، معتبراً أن لدينا مشكلة في سياسات التشغيل والتوظيف وعزوف الشباب عن بعض الوظائف، لافتاً إلى أهمية توجيه الطلبة لاختيار التخصصات المطلوبة، وتمكينهم ليكونوا قادرين على تلبية الاحتياجات التي يطلبها سوق العمل.

وفيما يخص الثورة الصناعية الرابعة وضرورة مواكبة الإستراتيجيات الحكومية لها، قالت عضو هيئة تدريس، كلية الأعمال، جامعة الشرق الأوسط، د. مها شحادة، إن “التقنيات الرقمية الحديثة لها إيجابيات كثيرة في سوق العمل، لكنها أيضاً قد تسهم تفاقم مشكلة البطالة في المملكة ما لم يتسلح الشباب بالمعرفة اللازمة”، مؤكدة في هذا السياق على أهمية تغيير ثقافة المجتمع بدءاً من المدرسة وحتى التعليم الجامعي لتتعدى الشهادة، إلى تزويد الشباب على وجه التحديد بالمهارات المهنية والثقافة الرقمية.

وفيما يخص ضرورة المتابعة والمحاسبة اعتبر عضو مجلس جمعية رجال الأعمال، ميشيل نزال، أن مشكلتنا الحقيقية تتمثل بوضع استراتيجيات العمل والتشغيل “على الرف” دون أن يتم مراقبة تنفيذها ومتابعتها، موضحاً أننا “مهما فعلنا وطورنا في سوق العمل والتعليم لن نعالج مشكلة البطالة، ما لم يكن لدينا أساس قوي وبيئة محفزة للاستثمار يتمثل في تحمل كل طرف مسؤولياته”.

أوصى المتحدثون على ضرورة التفكير بشكل مستجد وغير نمطي في هذا السياق، وتنفيذ تلك الاستراتيجيات وتبنيها بشكل تشاركي وتنسيقي مع جميع القطاعات والهيئات، والانخراط بالحوار المجتمعي أكثر من قبل أصحاب العمل أنفسهم، والتضافر اللازم لتشكيل إطار عمل مستدام يعزز النمو الاقتصادي في مجتمعاتنا. وبحسبهم، فإن هناك فجوة معرفية بما يتعلق بالاستراتيجيات، مطالبين بتوفير دراسات متخصصة لمشكلة البطالة، والبحث أكثر في الذاكرة الجمعية حتى لا نكرر أنفسنا، مع حاجتنا لتوفير دراسات باللغة العربية.

كما أوصوا بتبني نموذج جديد للشراكات بين منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، ومناصرته والترويج له، مع أهمية تحسين بيئة العمل وضمان أسس العمل اللائق وحماية حقوق الإنسان، والاستثمار بالبحث والتطوير والتدريب والتأهيل ورفع الكفاءات.

وتزامناً مع التوصيات، كان هناك مشاركات مهمة وحيوية للشابات والشباب في الحوار، عبروا فيها عن واقع حالهم، مشددين على ضرورة تحرك والتفات الجهات الرسمية لمبادراتهم وطموحاتهم وأصواتهم، مع أهمية تفعيل الاستراتيجيات المتعقلة بإشراكهم بصنع القرارات لتي تتعلق بالمستقبل.

ختاماً، أكد المشاركون على ضرورة مراجعة استراتيجيات التوظيف والتشغيل ومحاولة تبني ما يتعلق بالجانب الشخصي والإنساني والثقافي فيها، وإجراء الدراسات على أرض الواقع لإدراك التحديات والعمل على البحث عن سبل حلها وتعزيز عمليات التعلم المستمر وصقل المهارات، والابتعاد عن النمطية وتبني التفكير الإبداعي، وعدم الاكتفاء بالحلول التقليدية.

يأتي هذا اللقاء ضمن مشروع “صمم” بدعم من البرنامج الأوروبي الإقليمي للتنمية والحماية لدعم لبنان، الأردن والعراق (RDPP II)، وهو مبادرة أوروبية مشتركة بدعم من جمهورية التشيك، الدنمارك، الاتحاد الأوروبي، وإيرلندا وسويسرا.