“كان دافعي وهاجسي الأول خدمة العدالة، والانتصار لحق الأشخاص المهمشين والأكثر هشاشة”، بهذه الكلمات المقتضبة لخص القاضي في محكمة استئناف إربد، جهاد الدريدي، سبب دخوله إلى السلك القضائي، بعد تخرجه من الجامعة الأردنية عام 1994.
والدريدي، العضو في منتدى دعم قطاع العدالة، سبق له أن عمل محامياً بين العامين (97-99) في المعهد القضائي، حتى أن تم تعيينه في عام 2001 قاضياً للصلح في محكمة صلح جزاء شرق عمان، ثم انتدبته النيابة العامة في محكمة الجنايات الكبرى للعمل لديها لمدة 16 سنة.
وبعد أكثر من 20 عاماً قضاها الدريدي في السلك القضائي، ينظر إلى أن “قطاع العدالة بشكل عام هو قطاع رئيسي وجوهري في تطور أي مجتمع، وأن الأردن لديه نظام عدالة جزائية جيد جداً، مقارنة بدول المنطقة والعالم الثالث”.
وفي هذا السياق، استشهد الدريدي بقول: “إذا أردت أن تقرأ أخلاق أي أمة، اقرأ قوانينها الجزائية”، معتبراً أن “من الصحي أن يكون قطاع العدالة دائماً قيد التطوير، فالعمل البشري موسوم بالنقص ولا يكتمل”.
وبشأن تحديات قطاع العدالة، يبين أن هناك نقص حاد في الموارد وأعداد القضاة، إلى جانب مشكلات في بناء قدرات العاملين في قطاع العدالة الجزائية بشكل عام؛ بدءً من الضابطة العدلية وصولاً للقضاة وأعضاء النيابة العامة.
وتابع “هناك مشكلة حقيقة في برامج التدريب المستمر للعاملين في نظام العدالة الجزائية، ففي المعهد القضائي هناك تكوين أساسي جيد ويصلح البناء عليه، لكنه – للأسف- غير مستمر ومتوقف، رغم توفر برامج واستراتيجيات واضحة لديه”.
وبحسبه، أن السنوات الأخيرة أظهرت نقصاً واضحاً في أعداد القضاة، بالتزامن مع ازدياد القضايا المنظورة في محاكم المملكة.
وحول إشكالية استقلال القضاء، يقول “هيئة الأمم المتحدة أقرت أن استقلال القضاء كسلطة حده أدنى في الاستقلال المالي والإداري والولاية العامة للقضاء، في حين لدينا في الأردن استقلالاً مالياً وإدارياً، إلا أننا لا نملك ولاية عامة بشكل حقيقي، وحان الوقت لاستقلالها”.
وبرؤيته، فإن استقلال القضاء يجب أن يبنى على المعايير الدولية وعلى التوصيات التي أقرتها الأمم المتحدة، ودون ذلك سيكون استقلال القضاء جزئياً بالنسبة للسلطة القضائية، وسيبقى نظام العدالة الجنائية غير مكتمل.
كما رأى أن الفكرة من المعايير الدولية تقوم على استقلال القضاة وتحصينهم وتكثيف الرقابة عليهم، ملاحظاً أن “أن جهاز التفتيش القضائي ليس فعالاً، رغم أنه يعمل ضمن الإمكانيات المتاحة، لكنه بحاجة إلى التدريب والتأهيل”.
أما بخصوص مبدأ سيادة القانون، فاعتبر الدريدي أن سيادة القانون في المعايير الدولية ليست كلاماً على ورق، بل هو مبدأ يجب أن يطبق بشكل منصف على الحاكم والمحكوم وعلى العامل على تنفيذ هذا القانون وعلى المخاطب بهذه القوانين بنفس درجة الكفاءة.
في سياق متصل، يقر القاضي بوجود “مشكلة في صياغة النصوص القانونية، التي لا تحتمل التأويل، لكنها، اليوم، لا زالت تأول على أكثر من اتجاه، ما يعني أن هناك مساس كبير بمبدأ سيادة القانون”.
ويؤمن الدريدي، وبشكل مطلق، أن نظام العدالة الجنائية لن يكتمل، إلا بمشاركة القطاعات كافة، وهي ومسؤولية مجتمعية وليست مسؤولية السلطة فقط، مؤكداً ضرورة النهوض بالعدالة الجنائية، من خلال تشارك المجتمع المدني والنقابات والمحامين والقطاعات التي تمثل المجتمع، وبدون ذلك لا يمكن الوصول إلى نظام عدالة جزائية منصف وفعال.
وأوصى بزيادة أعداد القضاة والعاملين في منظومة العدالة الجنائية، وتطوير الأدوات المستخدمة في القضاء، واعتماد نظام التدريب المستمر، ضمن استراتيجية وطنية، مع ضرورة إعادة النظر في فكرة استقلال السلطة القضائية، وفق المعايير الدولية