اختصرت دعوة الأمم المتحدة وتسع دول مؤخرًا، بوقف الأعمال العدائية لأطراف النزاع في ليبيا من أجل تمكين الأجهزة الطبية المحلية من الاستجابة سريعاً لجائحة كورونا، واقع الحال هناك.[1]
وفي هذا الموجز، تستعرض منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) الحالة الليبية؛ لمعرفة التدابير التي اتخذت لتلبية احتياجات الفئات الأكثر تأثرًا من اللاجئين، وعمال المياومة، والنساء والأطفال، وكبار السن جراء كورونا، حيث تحث المنظمة، الحكومات العربية، على تطبيق خطط استجابة طارئة لحماية شعوبها من تداعيات هذا الفيروس.
منذ صباح يوم 25 آذار/مارس الماضي، الذي سجلت فيه ليبيا أول إصابة بفيروس كورونا، تؤشر التوقعات إلى أن انتشار كورونا من شأنه أن يعمق من أزمة ليبيا التي تفتقر إلى بنية صحية جيدة، ونقص في الإمدادات الطبيّة، مع زيادة أعداد المرضى وجرحى الصراع العسكري المسلح بين قوات الجيش الليبي وقوات حكومة الوفاق حول العاصمة طرابلس.[2]
ومع توسع جائحة كورونا، تزداد صعوبة الحياة اليومية للكثير من المواطنين الليبيين، حيث يواجه هؤلاء تحديات جمة من حيث الحصول على السلع والخدمات الأساسية أو العثور على عمل، في وقت ارتفعت فيه رسوم الإيجار، وأسعار المواد الغذائية، والوقود. وفي خضم جائحة كورونا، وانشغال الدول بالتصدي لتداعياتها، تشهد دولة ليبيا الواقعة في شمال أفريقيا، عجًزا واضحًا في البنية الصحية، وعدم قدرة مستشفياتها على مواجهة الفيروس.
وفي الوقت الذي تمتلك فيه ليبيا مختبرًا مرجعيًا واحدًا لكشف الأمراض، تعاني بعض المستشفيات والمراكز الصحية الليبية من بنية تحتية ضعيفة، وعدم توفر بعض المستلزمات الأساسية ونقص الكوادر الطبية، وتضرر المراكز الصحية في عدد من المناطق بسبب الحرب والفوضى، وفق أطباء متخصصين.[3]
اقتصرت جهود ليبيا لمجابهة فيروس كورونا على وضع خطة واحدة لدعم البلديات في الدولة، بتوفير تلك غرفًا للعزل والحجر الصحي وأجهزة تنفس صناعي،[4] دون وضع خطط عملية لحماية الفئات المستضعفة؛ من النساء وعمال المياومة وكبار السن والأطفال.
أما بشأن المرأة الليبية، فأغلب الترجيحات تؤكد تأثرها بعواقب الفيروس، خصوصًا العنف القائم على النوع الاجتماعي، مع وضع قيود على فرصهن في التوظيف وكسب سبل العيش، وإمكاناتهن بشكل عام. هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وفي تقريرها المعنون بـ”الآثار الاقتصادية والاجتماعية للنزاع على المرأة الليبية”، أكدت أن المرأة الليبية، وجراء انتشار كورونا هي الأشد تضررًا من الجائحة، بسبب انعدام الأمن والتمييز على أساس النوع الاجتماعي.[5]
التقرير ذاته، يؤشر إلى أن احتمالات البطالة بالنسبة للنساء تفوق نظائرهن من الرجال في ليبيا بمقدار 12 مرة، في ظل صعوبة الحصول على عمل، ما يجعلهن أكثر عرضة للإصابة بالعدوى.
وبسبب احتدام الصراع في ليبيا، تأثرت أعمال مفوضية اللاجئين في ليبيا والمنظمات الإنسانية إجمالًا بسبب فرض حظر التجول، وقلة معدات الحماية الشخصية اللازمة والتدابير الوقائية، ما أعاق إمكانية وصول هؤلاء إلى جميع الفئات الهشة.
في المقابل، عملت المفوضية مع المجتمعات المحلية والعديد من البلديات في ليبيا، على إرسال بعض المساعدات الإنسانية والمعدات الطبية أو الأدوية أو سيارات الإسعاف، للعديد من المراكز الطبية التي لا تمتلك الكثير من الإمكانيات المطلوبة.[6]
وأعلنت ليبيا عن بعض الإجراءات لمكافحة التفشي المحتمل لكورونا في أراضيها، لتعالج هذه الإجراءات المتعلقة بالنازحين داخليًا بسبب النزاع الدائر، والذين يعيشون في ملاجئ مزدحمة. وهناك أكثر من 300 ألف نازح داخلي، منهم 128 ألف ممن نزحوا حديثًا منذ عودة الاشتباكات إلى طرابلس في نيسان/أبريل 2019، ونصف مليون من النازحين داخليًا وفقًا لتقديرات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.ووفقًا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة، يبلغ أعداد المشردين بسبب الصراع في ليبيا أكثر من 150 ألفًا، ويعيش بعضهم في ملاجئ مزدحمة وغير صحية، وغير قادرين على العودة إلى منازلهم.[7]
إلى ذلك، دقت “هيومن رايتس ووتش”، المنظمة الدولية لمراقبة حقوق الإنسان، جرس الإنذار بشأن عدم تمكن نظام الرعاية الصحية في ليبيا من التعامل مع أعداد كبيرة من المرضى، في ظل انتشار كورونا، بمن فيهم الفئات المضيفة، بما يشمل المحتجزين أو النازحين في الملاجئ.[8] المنظمة أيضًا جددت مطالبها بضرورة إطلاق سراح الأطفال والنازحين وكبار السن والمصابين بأمراض نفسية، ومرتكبي الجرائم البسيط فورًا مع انتشار الفيروس، بل وتقديم بدائل عن احتجاز هؤلاء.
ويقبع خلف أسوار السجون الليبية 8 آلاف ليبيًا وأجنبيًا، وأكثر من 3 آلاف لاجئ ومهاجر في أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية؛ لأسباب واهية أو دون أسس قانونية، على خلفية ممارسة حقوقهم المشروعة في التعبير عن رأي مخالف أو بسبب عملهم في المجتمع السياسي أو المدني أو الإعلامي أو القانوني، ويعانون من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بالإضافة إلى سوء الصرف الصحي وغياب الرعاية الطبية.[9]
ونتيجة للتكدس المفرط للسجناء في أماكن الاحتجاز الليبية، جددت منظمات ائتلاف المنصة الليبية مطلبها بضرورة الإفراج عن السجناء، وعدم إبقائهم رهن الاعتقال غير الضروري في ظل هذه الظروف المروعة وانتشار الوباء الذي قد يعد بمثابة حكم بالقتل الجماعي للمحتجزين، فضلًا عن كونه يهدد الصحة العامة في جميع أنحاء ليبيا وخارجها.
في سياق آخر، تذهب مبادرات محلية في ليبيا لمساعدة المواطنين على مواجهة كورونا، فهناك مجموعة من الأطباء أطلقوا خدمات “الاستشارات الطبية عن بعد” التي يقدمها أطباء من مدينة بنغازي، حفاظًا على صحة المواطن من تفشي الفيروس وتشجيع المواطنين على تطبيق تدابير الحجر المنزلي.[10]
فيما بادرت فرق التوعية الميدانية التابعة لجمعية الهلال الأحمر الليبي في بنغازي بتقديم فكرة المسافات الآمنة بمركز بنغازي لتشخيص وعلاج السكري. أما في مدينة “أجدابيا”، فأطلقت هيئة السلامة الوطنية وبالتعاون مع فرق التوعية بجمعية الهلال الأحمر الليبي، والمركز الوطني للأمراض السارية، وعدد من منظمات المجتمع المدني في المدينة، والمتطوعين من الشباب، حملة لتعقيم المحلات، والدوائر الحكومية، والعيادات العاملة، والمستشفى المركزي بالمدينة.[11]
[1] دعوات دولية لوقف القتال في ليبيا ومواجهة كورونا
[2] ليبيا تعلن أول إصابة بفيروس كورونا
[3] كورونا في ليبيا.. نقص بالبنية الصحية وتعتيم في مناطق حفتر
[4] وزارة الصحة تطلق خطة دعم البلديات ضد كورونا
[5] بيان صحفي: لكون المرأة الليبية أصلاً مُستضعفة جراء انعدام الأمن والتمييز على أساس النوع الاجتماعي، من المرجح أن تكون الأشد تضرراً إذا انتشر فيروس كورونا في ليبيا التي مزقتها الحروب، تحذر هيئة الأمم المتحدة للمرأة
[6] تراجع حركة مرور المهاجرين عبر ليبيا بسبب كورونا
[7] ليبيا: المحتجزون عرضة لخطر انتشار فيروس “كورونا”
[8] ليبيا: المحتجزون عرضة لخطر انتشار فيروس “كورونا”
[9] ليبيا: بعد الإبلاغ عن أول حالة وفاة جراء وباء كوفيد 19، التقاعس عن الإفراج عن المحتجزين بمثابة حكم بالقتل الجماعي