من اللواتي زرعن حضوراً مضيئاً، فتراها متواجدة في معظم النشاطات والجلسات والمحافل، لتسطر مسيرة ريادية فاعلة، حققت خلالها الكثير من الإنجازات والنجاحات في العمل التنموي والإنساني والحماية الاجتماعية.
“مهنة التمريض، تجعلك تعرف كيف تعتنيّ بالناس منذ ولادتهم وحتى يشيخون، وتزيد تعاطفك مع الأفراد، والأمر ذاته ينطبق على العناية بالأفراد وحمايتهم ورعايتهم اجتماعياً وإيصال احتياجاتهم لصناع القرار”. من هذه النقطة التي اعتبرتها “الدافع الحقيقي لها”، دخلت العين السابق، وعضو اللجنة الإدارية في التحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف) والمستشار الأول في شركة درة المنال للتنمية والتدريب، د. سوسن المجالي، لممارسة أعمالها في قطاع العدالة والرعاية الإنسانية.
خبرتها الطويلة في التمريض وتدريسه في الجامعة الأردنية، مكنتها لأن تكون إنسانة ريادية وعملية ورائدة في قطاع العدالة، حيث شاركت كمستشارة في “درة المنال”، وهي شركة غير ربحية تهدف إلى تمكين وتطوير مهارات وقدرات الأفراد والمجتمعات والمنظمات في الأردن والمنطقة، بالعمل على مشروع تعزيز الدعم العام لتطوير قطاع العدالة في الأردن، الذي جاء على خلفية رؤية اللجنة الملكية لتطوير القضاء، إلى جانب التعديلات التي طرأت على قوانين مختلفة؛ وأهمها القوانين التي تؤثر على الاقتصاد والاستثمار في البلد.
تقول المجالي التي تشغل حالياً عضوية مجلس أمناء المجلس الوطني لشؤون الأسرة: “كان هدف المشروع التركيز على الرسائل التي يمكن إيصالها للمواطنين حول أثر تلك التعديلات عليهم، وتبيان القضايا والمواضيع التي ما تزال موجودة ويعاني منها المواطن مثل: المحاكمات عن بعد وعدم المحكومية، وبعض الإجراءات التي تسهل على المواطنين ظروف حياتهم”.
في المقابل؛ وجدت المجالي أنه كان هناك “عدم رضا” عن بعض القضايا المختلفة مثل: هل المحاكم صديقة للأشخاص ذوي الاعاقة أو النساء أو الشباب؟؛ وسهولة حركة القضايا في المحاكم؛ وقضايا العلاقات الأسرية.
وفق ذلك؛ جاء اهتمام “درة المنال” في المشاركة بصياغة الرسائل القانونية التي تهم الناس، وصولاً إلى الخطوة الثانية التي شهدت إطلاق منتدى دعم قطاع العدالة الذي تأسس عام 2017، ويعمل تحت مظلة منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) ودرة المنال، ويضم مجموعة واسعة ومختلفة من ممثلي مجتمع مدني؛ وإعلام؛ وأشخاص من ذوي الإعاقة؛ وقضاة، بهدف عقد لقاءات دورية للحديث عن قضايا الساعة المتعلقة بالعدالة.
“المنظور الآخر المتعلق بدعم قطاع العدالة، ركز على موضوع قانون الأحداث الصادر عام 2014، والذي – للأسف الشديد- لم يتم تفعيل بعض بنوده، كبند التدابير البديلة المتمثل بالخدمة المجتمعية، لنقوم بعقد سلسلة تدريبات، جمعنا فيها شرطة الأحداث وممثلي المجتمع المدني ومراقبي سلوك وقضاة، حتى خرجنا بصياغة دليل التدابير البديلة ليكون مرجعاً للجميع بفهم أدوارهم”، وفقاً للمجالي.
وتذهب المجالي إلى تحديات قطاع العدالة، حيث تقر أن “هناك تحديات جمة تواجه هذا القطاع، فالمشرع يصدر قوانين حتى يحمي فيها حقوق الناس، خاصة الضعفاء، لكن في كثير من الأحيان لا يتم تطبيق وصياغة هذه القوانين بشكل صحيح، فبدلاً من أن تحمي الناس قد تضر بهم”.
الأمر الآخر الذي تراه تحدياً، يتعلق بتقدم قطاع التكنولوجيا، مما يحمّل قطاع العدالة اليوم ضرورة استيعاب هذا التقدم، فرغم أنه أصبح هناك نماذج إلكترونية ومحاولات للمحاكمات عن بعد؛ لكن المشكلة أننا لسنا ثابتين ومستمرين ومستديمين لمواكبة هذه التكنولوجيا، مشددة على حاجتنا لأن نتأكد بأن محاكمنا قادرة على مواكبة هذه التطورات.
وبخصوص التأخير والمماطلة في المحاكم؛ اعتبرت المجالي أن جزء من هذا التعطيل سببه الشخص ذاته، ويرجع ذلك لعدم معرفته بحقوقه وواجباته؛ في المقابل هناك أطراف أخرى تساهم في تفاقم هذه المشكلة مثل المحاميين والأشخاص المشتكى عليهم، وأيضاً الإجراءات الداخلية للمحاكم، متسائلة في هذا السياق: “ما مدى متابعة القضاة لمشكلة تأخر أمد المحاكمات؟”
ونبهت المجالي إلى قضية “غياب المعرفة أو الأمية القانونية لدى الناس”، وهو ما يحمّل الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام ضرورة توعية وتثقيف الأفراد بالأنظمة والقوانين التي تمس حياتهم، فإذا قل وعي الأفراد بهذه القوانين كيف سيلتزمون بالقانون؟
أخيراً؛ أوصت المجالي أن تكون الأمانة عنوان عملنا، خاصة فيما يتعلق بالدعم الذي يأتينا من دول مختلفة لتطوير قطاع العدالة، بحيث نستفيد من هذا الدعم لتحسين البنية التحتية في محاكمنا، وكذلك في تطوير نوعية وتقديم الخدمات للأفراد، الأمر الذي يتطلب إجراء مزيد من التدريبات للقضاة وجميع العاملين في المحاكم، مبينة أن هذا قطاع له دور كبير في تطوير ومراقبة القوانين ومتابعتها بما يتلاءم مع احتياجات المجتمع.
هذه هي المجالي؛ أيقونة العمل الإنساني والتنموي والمؤسسي، والتي تمثل مصدر إلهام لكل القائمين على العمل الإنمائي، والمستمرة ببذل جهودها لتعزيز محلية العمل الإنساني ومناصرته والنهوض بالعملية التنموية الداعمة للأفراد والجهات الفاعلة المحلية.
يذكر أن المجالي تبوأت منصب الأمينة العامة للمجلس الأعلى للإسكان في الفترة الممتدة من عام 2013 إلى عام 2016، كما أسست مؤسسة الملاذ للرعاية الإنسانية، وحاصلة على دكتوراة في التمريض السريري عام 1990، من جامعة ميتشغان الأمريكية، وماجستير في علوم التمريض عام 1984، من الجامعة الكاثوليكية الأمريكية، وبكالوريوس في التمريض عام 1981، من الجامعة الأردنية.