إيمان أبو قاعود
قناعتهن وقدرتهن على العمل، دفعت 25 سيدة من الأغوار الشمالية من منطقة “الكريمة” لإنشاء معمل “بنت بلادي لإعداد الطعام” لتصنيع ألواح الطاقة من التمر المحشو بالمكسرات والمغطى بالشوكولاتة، ومع دعم أزواجهن وإخوانهن وتحديهن ثقافة العيب، بدأ المعمل إنتاجه منذ عدة أشهر.
بدأت الفكرة عند أسماء البلاونة بإنشاء “مركز دورات” مخصص للسيدات في المنطقة ركزت من خلاله على تعليم التصنيع الغذائي لينبثق من خلاله معمل بنت بلادي لإعداد الطعام، موضحة أن فكرة المعمل جاءت بعد أن تلقت السيدات الدعم من “مختبر البيئة” المختص بفحوصات الأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل ضمن مشروع “روابط وداي الأردن” والممول من منظمة ميدا الكندية، ومن خلال منحهن التدريبات المختلفة وتجهيز المعمل بالأدوات التي يحتاجها من خلال هذا المشروع. لافتة إلى اتفاقهن مع إحدى الشركات لتجهيز الأغلفة الأنيقة والتسويق للمنتجات المصنعة من تمر محشو بالمكسرات ومغلّف بالشوكولاتة.
وتؤكد البلاونة طالبة البكالوريوس في جامعة عجلون في تخصص “التربية الخاصة” أن لكل سيدة دورًا في مجتمعها عليها أن تقوم به وتتحدى ظروفها. وتوضح أنه “عندما أنهيت دبلوم التربية الخاصة عام 2003 وتزوجت وأنجبت ثلاثة أطفال، لازمني طموح إكمال تعليمي خاصة أنني تعلمت من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة الصبر والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة، فقررت تأسيس المركز. وكان زوجي الذي يعمل بالمياومة أول الداعمين لي معنويًا وماديًا وذلك من خلال اشتراكه في “جمعية” مع أصدقائه لتوفير مبلغ مالي لي للبدء بمشروعي”.
وتتابع البلاونة: “أشعر بالفخر عندما تقوم إحدى السيدات بإنشاء مشروعها المنزلي للتصنيع الغذائي”. كما تقول بأن 20 سيدة قد استطعن خلال الثلاث سنوات الماضية تأسيس مشاريع منزلية استطعن بواسطتها توفير دخل مادي إضافي لأسرهن، كما ساهمن في تعليم أبنائهن في الجامعات.
وتضيف البلاونة أن اختيار التصنيع الغذائي للتمر جاء لعدة أسباب أولاها كونه معروفًا بقيمته الغذائية ووفرته في المنطقة، إضافة إلى توفير منتج يوازي المكملات الغذائية للأطفال، ومن هنا جاءت فكرة “ألواح الطاقة” المكونة من التمر والمحشوة بالمكسرات والمغلفة بالشوكولاتة بشكل جذاب لهم. وتؤكد البلاونة أيضًا على حرص السيدات على محاولة إحياء أطباق جداتهن الغذائية، إذ عملن على إنتاج “المختوم”، وهو عبارة عن تمر مطبوخ بزيت الزيتون ومخلوط بالمكسرات.
وتوافق نور الحناحنة الأم لثلاثة أطفال والحاصلة على دبلوم اقتصاد منزلي من كلية عجلون زميلتها الرأي وترى أن على المرأة العمل لتحقيق استقلاليتها والمساعدة في إعالة أسرتها ماديًا. أما أحلام الشوبكي، فتؤكد على أنها قد تلقت الدعم من زوجها الذي قال لها كلمة واحدة فقط وهي “بتقدري”. كانت هذه الكلمة هي ما دفعها لأن تكمل مع زميلاتها العمل وهي تردد: “نعم أنا بقدر”.
فيما تشدّد فداء الصبيحي على أن الوضع الحالي يتطلب عدم انتظار وظيفة بل لا بد من التفكير “خارج الصندوق” لتوفير دخل للأسرة، وليكون للمرأة بصمتها في مجتمعها، وذلك أفضل كثيرًا من الاعتماد على الآخرين. وتشاركها الرأي صفاء البلاسمة الحاصلة على بكالوريس في الإدارة من جامعة مؤتة منذ تسع سنوات غير أنها لم تعمل إلا لمدة سنة واحدة فقط، الأمر الذي جعلها تقرر الانضمام لزميلاتها والاستفادة من دراستها في مجال الإدارة فتقول: “كل سيدة منا تملك مهارة مختلفة عن الأخرى، وبالتالي فنحن نكمّل بعضنا”.
وكغيرها، فقد تأثر مشروع عالية الصقر الخاص بجائحة كورونا مشيرة إلى أنها كانت تصنع المعجنات لحساب إحدى المدارس لبيعها للطلاب في مقصف المدرسة. لكن وبعد الجائحة، تحول التعليم ليصبح عن بعد فكان لا بد لها من إيجاد عمل آخر فانضمت إلى زميلاتها في المعمل، كما تفيد بأن هذا العمل قد ساهم في صقل شخصيتها وقدرتها على إدارة الحوار مع الآخرين.
أسماء وزميلاتها بمثابرتهن وتصميمهن على النجاح رغم كل الظروف، تمكّنّ من تحويل الحلم إلى حقيقة، فغدون قصة نجاح ونموذجًا تحتذي به نساء مجتمعهن المحلي.
يشار إلى أن “شبكة نساء النهضة” والتي تعمل تحت مظلة منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، تعمل على تسليط الضوء على قصص نجاح السيدات، في مختلف مواقعهن، وكيف تغلبن على التحديات التي واجهتهن ضمن سلسلة من القصص التي سيتم نشرها تباعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي. تأتي هذه المدونة ضمن سلسلة من القصص التي يتم انتاجها في إطار مشروع “لأجلهن وبإرادتهن” والذي تنفذه منظمة النهضة (أرض) بالشراكة مع مؤسسة هينرش بل.
“تم إنتاج هذه المادة بدعم من مؤسسة مؤسسة هينرش بُل – فلسطين والأردن. الآراء الواردة هنا هي آراء المؤلف/المؤلفين، وبالتالي لا تعكس بالضرورة رأي مؤسسة هينرش بل.”