ليست هي المرة الأولى التي تخوض فيها المملكة العربية السعودية معركة ضد الفيروسات، فقد سبق لها العام 2012 أن تعاملت مع فيروس كورونا، والذي أودى بحياة مئات الأشخاص وقتها.
هذه المرة، وتحديدًا، مع تفشي فيروس كورونا المستجد، الأمر مختلف تمامًا إذ كانت مستعدة المملكة بشكل أفضل، وخصصت وحدات فرز منفصلة للأمراض التنفسية مزودة بتهوية خاصة لحماية العاملين بالقطاع الطبي من العدوى، إضافة إلى امتلاكها خبرات طبية واسعة(1).
وظهر الفيروس لأول مرة في مدينة القطيف بالمنطقة الشرقية بالسعودية، ومع نهاية آذار/مارس 2020، سجلت منطقة الرياض أعلى نسبة إصابة (36.72%)، تليها منطقة مكة المكرمة (32.69%)، والمنطقة الشرقية (20.02%)(2).
في هذا السياق، تستعرض منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، وضمن سلسلة الموجزات التي تقوم بها لمعرفة واقع الحماية الاجتماعية في الوطن العربي، بعد ظهور فيروس كورونا المستجد، استجابات المملكة العربية السعودية وإجراءاتها لحماية الفئات المستضعفة من الفقراء، وكبار السن والأطفال، والمهاجرين واللاجئين وذوي الاحتياجات الخاصة.
وتحسبًا لأزمة اقتصادية محتملة نتيجة تفشي كورونا، خصصت السعودية 50 مليار ريال (13 مليار دولار) لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وذلك في سبيل توفير إعفاءات من تكاليف القروض الخاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة الملزومة بعقود لقروض طويلة الأمد(3).
ويهدد تفشي جائحة كورونا في المملكة العاملات في القطاع الخاص، ومن المتوقع أن يشهد تشغيل النساء السعوديات تراجعًا كبيرًا. علاوة على ذلك، وبسبب الأزمة، ظلت المدارس ومرافق رعاية الأطفال مغلقة منذ أوائل شهر آذار/مارس 2020. وبالتالي، ازداد الطلب على العمل المتعلق بالأسرة والمنزل، والذي يقع كاهله في المقام الأول على النساء، ما يضاعف من التحديات التي يواجهنها(4).
وعلى صعيد حماية العمالة الوافدة، اقتصرت جهود السعودية على مواطنيها فقط، وتنصلت من واجباتها تجاه الوافدين، ما ضاعف من مشاكل هذه العمالة، إذ فقد معظمهم وظائفهم بشكل دائم، في حين أجبر نحو 700 عامل على أخذ إجازة غير مدفوعة لمدة 3 أشهر(5).
كما يعاني العمال الأجانب في الرياض، تحديدًا، من موقف سيء بموجب نظام إدارة العمل الذي يمنح أصحاب العمل سلطات واسعة على العمال المهاجرين ويؤدي إلى إساءة معاملتهم واستغلالهم. في حين كانت العمالة اليمنية والسودانية والمصرية والآسيوية من أشد الجاليات تأثرا بتلك الأزمة، وضاعف من معاناتها تجاهل الرياض لوضعهم، وتكليفهم بدفع ما عليهم من مستحقات مالية، دون الالتفات لوضعهم الاقتصادي المتردي جراء الأزمة الصحية والاقتصادية(6).
فيما وجهت للسعودية مؤخرًا، انتقادات أممية واسعة؛ لترحيلها عمالًا إثيوبيين مهاجرين بصورة غير نظامية، خوفًا من انتشار عدوى فيروس كورونا. هؤلاء العمال تصل أعدادهم إلى نصف مليون إثيوبي(7).
ورغم إطلاق سراح مئات السجناء في المملكة، معظمهم من مخالفي شروط الإقامة أو الجنائيين، إلا أن المطالبات تتجه نحو الإفراج أيضًا عن “معتقلي الرأي”، مع تزايد خطر تفشي فيروس “كورونا”، وبسبب الخطر الحقيقي على حياتهم في ظل ظروف السجن الصحية المتردية(8).
وفي إطار المشاركة لتعزيز جهود الدولة، سارعت نحو 300 منظمة حقوقية ومدنية في مساندة الحكومة في استجابتها لتداعيات فيروس كورونا من خلال بث المعلومات الوقائية اللازمة، ومساعدة أفراد المجتمع في الجوانب الصحية المتعلقة بالأزمة(9).
ومع تزايد انتشار وتفشي فيروس كورونا في السعودية، تتصاعد المطالب بضرورة وجود تشريع يضمن حقوق العمالة الوافدة، خاصة بعد أن أصبح الوافد مسلوب الحقوق، محرومًا من أدنى الاحتياجات المستحقة.
(1) الخبرة تمنح السعودية والكويت سرعة احتواء كورونا
(2) تعامل السعودية مع فيروس كورونا: التركيز على الصحة العامة بدلًا من السياسة الداخلية
(3) بسبب كورونا.. السعودية تخصص حزمة اقتصادية لدعم الشركات
(4) كيف تؤثر جائحة فيروس كورونا على المرأة السعودية
(5) (6) أردنيون ومصريون وسودانيون.. العمالة العربية في السعودية بين كارثة كورونا وظلم واحتقار السلطات
(7) انتقاد أممي لطرد السعودية آلاف المهاجرين الإثيوبيين وسط تفشي كورونا
(8) السعودية تطلق سراح مئات السجناء الجنائيين بعد تفشي كورونا