“لا يعتبر الجهل بالقانون عذراً لمن يرتكب أي جرم”، بهذه الكلمات لخص المشرع الأردني عدم جواز جهل المواطنين وغير المواطنين بالقوانين والتشريعات، ابتداءً من المخالفات ووصولاً للجنايات، بحسب المادة (85) من قانون العقوبات.
من هذا الاعتبار؛ هناك العديد من الأفعال والممارسات اليومية الخاطئة، يقوم بها أفراد بالمجتمع عن غير قصد جنائي، بسبب الجهل بالقوانين والأنظمة، تعرضهم لمشكلات قانونية كثيرة.
وهو ما يؤكد ضرورة رفع الوعي القانوني والإدراك لدى أفراد المجتمع، في ظل عدم إدراكهم لخطورة ارتكاب المخالفات، وإن كانت بسيطة، وما يترتب عليها من أبعاد وآثار مختلفة.
ففي إحدى القضايا التي وصلت الدائرة القانونية في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، والتي تبين أهمية الوعي القانوني، كاد خلدون (أسم مستعار)، الذي لجأ إلى الأردن في العام 2015، أن يتبدد حلمه بالهجرة بسبب مخالفة مرورية ارتكبها قبل سنوات.
خلدون يعيش مع زوجته وأطفاله الأربعة في الأردن، وكان في عام 2017 يعمل سائقاً على دراجة نارية لصالح أحد أرباب العمل، تعرض وقتها لمخالفة مرورية، لكنه لم يهتم لها واستكمل عمله بشكل طبيعي.
بعد فترة؛ أنهى خلدون عمله كسائق، وذهب للعمل في مكان آخر، هذا بالتزامن مع تغيير مكان سكنه. وفي عام 2020 حصل خلدون على الموافقة لتوطينه في إحدى الدول، لكن خلال تجهيز إجراءات سفره تعرض للتوقيف، وتفاجأ أن عليه “تعميم”.
بعد مراجعته أقرب مركز أمني تبين أن بحقه غرامة مالية بقيمة 500 دينار، تعود للمخالفة المرورية التي سجلت ضده في 2017. قام الرجل بالاتصال فوراً على الرقم الساخن لدائرة المساعدة القانونية في منظمة النهضة (أرض) وأخبرهم بالواقعة وأنه بحاجة للمساعدة.
في اليوم التالي من توقيف خلدون، ذهب محامي من الدائرة لبيان سبب توقيفه، ليتبين له أن الدراجة النارية التي كان يعمل عليها خلدون غير مسجلة بشكل رسمي في الأردن (ليست مجمركة)، مما أدى لتراكم الغرامات عليه وتسجيل تعميم بحقه.
بعجالة؛ أنهت الدائرة الإجراءات القانونية ودفع الغرامة المالية عن الرجل، والحصول على “كف طلب” لإخلاء مسؤوليته، والسفر بشكل قانوني، وبدء حياة جديدة اختارها لمستقبله مع عائلته.
قصة خلدون، وغيرها من القصص المشابهة، تقع ضمن الجهل بالإجراءات القانونية، والاعتقاد الخاطئ بعدم تحمل مسؤولية المخالفات التي نرتكبها، والجهل باستكمال الإجراءات القانونية الصحيحة، أو فهمنا الخاطئ بانتهاء المشكلة القانونية.
كل ذلك؛ يضعنا أمام ضرورة رفع الوعي القانوني للأفراد، مع أهمية أن يقوموا بطرح الاستفسارات لفهم الإجراءات القانونية، خاصة وأن هناك جهات ومؤسسات مجتمع مدنية يمكنها الاستجابة والانتصار لحقوق الناس وتقدميم الدعم القانوني لهم، على اختلاف مشكلاتهم وجنسياتهم.