انطلاقاً من أهمية الالتفات لدور وقدرات مؤسسات المجتمع المدني المحلية وخاصة التي تديرها قيادات نسائية والتي يعوزها الكثير من الدعم، في رصد وتحليل واقع مجتمعاتها والبيئة الناظمة لعملها، والتي تؤهلها للانخراط في القضايا الحساسة مثل قضية العنف المجتمعي والأسري، يسعى هذا التقرير والذي شاركت فيه 11 منظمة مجتمع مدني من أعضاء التحالف الوطني الأردني (جوناف) إلى البحث في العنف الأسري من منظور مجتمعي محلي.
تطرق هذا التقرير إلى استكشاف تصورات المجتمع المحلي ومواقفه تجاه العنف الموجه ضد النساء والفتيات، بحيث يركز على درجات الوعي والمواقف والاستجابات المجتمعية لهذه الحالات من خلال عمل النهضة العربية (أرض) مع المنظمات المحلية على تعزيز قدراتها لتمكينها من إجراء أبحاثها الخاصة؛ بما في ذلك تحديد الأنواع المختلفة من العنف الأسري، ورفع الوعي بعلامات العنف الأسري ضد المرأة والفتاة وآثاره، بالإضافة لإتاحة الفرصة للمنظمات لتطوير آليات مجتمعية تختص بالوقاية والاستجابة وذلك بغية تحسين الدعم المقدم للناجيات من العنف.
وخلص التقرير والذي يأتي ضمن سلسلة من الأبحاث في إطار مشروع “تعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني التي تقودها النساء في المناصرة القائمة على الأدلة ضمن الأجندة الوطنية للمرأة والأمن والسلام”، والذي يُنفذ مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبتمويل من حكومات كندا، وفنلندا، والنرويج، وإسبانيا، والمملكة المتحدة، وقبرص، إلى عدة توصيات محددة تم تضمينها من خلال ثلاث موجزات سياسات للحد من هذه الحالات.
1- تعزيز وصول الناجيات من العنف الأسري إلى الخدمات: بناء الثقة بمقدمي خدمات الحمايةعلى المستوى الوطني والمحلي
الذي يحث على رفع الوعي بمقدمي خدمات الحماية للفئات المستهدفة وسياساتهم حيث أشار التقرير إلى نقص معرفة بسياسات مقدمي الخدمات وإجراءاتهم للضحايا عند تقديم الشكاوى. فمن خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني، ستكون إدارة حماية الأسرة قادرة على تعزيز الوعي بعملها وتمكين الوصول إلى خدماتها في مناطق أوسع، ما يسمح لمنظمات المجتمع المدني بإحالة الحالات إلى إدارة حماية الأسرة فضلاً عن تزويد الإدارة بأدوات الاتصال التي تساعدها في الوصول إلى المجتمعات المحلية.
2- التمكين الاقتصادي للمرأة والتخفيف من أخطار العنف الأسري
حيث يعد فهم احتياجات ضحايا العنف الأُسري ومن ضمنها الاحتياجات الرئيسية عبر توفير فرص العمل والمساعدات النقدية ومساعدة الناجيات من العنف الأًسري بتقديم المشورة والدعم القانونيين لاسيما في قضايا الطلاق والحضانة.
3- بناء شبكة لتمكين المرأة وتعزيز التضامن
لا يزال يُنظر إلى العنف الأُسريّ بوصفه قضية حساسة للغاية في المجتمع الأردني، وتُحجم النساء عن الإبلاغ عنه بسبب عوامل مثل الأعراف الاجتماعية، والحفاظ على التماسك الأُسري والتحديات الاقتصادية. لذا من شأن تأسيس شبكة لتمكين النساء من مكافحة العنف الموجه ضدهن خلق بيئة آمنة ومريحة تتمكن فيها النساء من مناقشة العنف الذي يتعرضن له ومساندة بعضهنّ بعضاً
مناصرة الإصلاحات التشريعية
ما زال على الأردن كغيره من دول المنطقة، إدخال العديد من الإصلاحات لمساعدة النساء المعرّضات لخطر العنف وحمايتهن منه. علاوة على سن قوانين تُوقع أقصى العقوبات على المعتدي، وتعزيز دور القضاء في حل النزاعات الناشئة عن العنف الأسري من خلال متابعة التسويات بدلاً من متابعة الإجراءات الإدارية، فضلاً عن تعزيز أوامر الحماية.
وبالإضافة للدور الحكومي والتشريعي فإن هناك دور تكاملي يقع على عاتق جميع الأطراف المعنية، فلا بد للمنظمات المجتمع المدني ذات الصلة، تلقي التدريب اللازم للتعامل مع حالات العنف وتوفير الحماية الملائمة والكافية للناجيات. كما يتوجب على المؤسسات الإعلامية أيضاً تنفيذ برامج تدريبية لتثقيف المجتمع، فضلاً عن إعادة النظر في الخطاب الإعلامي حول العنف ضد المرأة.
وختاماً، وإيماناً بضرورة استنباط المعرفة المحلية ودعم محلية الاستجابة لواقع المجتمع وتحدياته واحتياجاته حسب أولوياته وتصوراته للحلول، وتعزيز البحث في قضايا العنف المجتمعي والأسري للتصدي على مؤشرات الاحتياجات الطارئة، وإيجاد الأدلة على التقدم المحرز للبناء عليه، تواصل منظمة النهضة (أرض) بالعمل مع شركائها لدعم الأجندة البحثية والتواصل مع كافة الجهات المعنية لمناصرة هذه التوصيات والعمل عليها معاً وضمان إيجاد الموارد لتحقيقها.